سياسة عربية

تقارير دولية.. الإنزال الجوي في غزة "عبث رمزي" والمجاعة تحصد أرواح الأطفال

بين "العبث الرمزي" وواقع المجاعة تقارير دولية تكشف فشل الإنزال الجوي في إنقاذ أطفال غزة - جيتي
بين "العبث الرمزي" وواقع المجاعة تقارير دولية تكشف فشل الإنزال الجوي في إنقاذ أطفال غزة - جيتي
كشفت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة، أن إجمالي المساعدات التي أُسقطت جواً في قطاع غزة منذ بدء هذه العمليات لا يعادل سوى حمولة خمس شاحنات فقط، في تأكيد جديد على محدودية تأثير هذه الآلية التي تلجأ إليها بعض الحكومات الغربية، والتي وُصفت على نطاق واسع بأنها "مسرحية علاقات عامة لتجميل صورة إسرائيل ونفي وجود المجاعة".

وأثارت عمليات الإسقاط الجوي انتقادات حادة من منظمات دولية وحقوقية، إذ اعتبرها منسق الطوارئ الإقليمي في منظمة "أطباء بلا حدود"، يان فيتو، "مبادرة عبثية تفوح منها رائحة السخرية". 

وفي السياق ذاته، وصف مركز العمل الإنساني للأبحاث (CHA) في برلين، عمليات الإنزال بأنها "الجسر الجوي الأكثر عبثاً في التاريخ"، مشيراً إلى أن تكلفتها تزيد بـ35 مرة عن تكلفة إيصال المساعدات عبر القوافل البرية، بحسب مديره رالف زودهوف.

من جهته، قال مارفن فورديرر، خبير مساعدات الطوارئ في الجمعية الألمانية لمكافحة الجوع، إن هذه العمليات "رمزية وغير فعالة"، مشيراً إلى أن الطرود تُلقى في مناطق شديدة الخطورة دون تنسيق أو تحديد دقيق لمواقع الإنزال، ما يجعلها عرضة للضياع أو السقوط في أيدي غير مستحقيها.

"الأونروا": عمليات مميتة.. والمعابر هي الحل
كما أكد المفوض العام لوكالة "الأونروا"، فيليبي لازاريني، أن الإنزالات الجوية "باهظة التكلفة، ضعيفة التأثير، وقد تقتل مدنيين جائعين". 

وشدّد على أن فتح المعابر البرية بشكل عاجل ومن دون قيود هو السبيل الوحيد والفعّال لإيصال المساعدات الإنسانية.

وأضافت منظمة "أطباء بلا حدود" أن هذه العمليات "لا تلبي الحد الأدنى من الحاجات الفعلية" وتُعد "غير فعالة وخطيرة على حياة المدنيين"، في ظل غياب بنية تنسيقية وهياكل أمنية تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها الحقيقيين.

مساعدات تسقط في البحر أو فوق النازحين
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن العديد من الطرود سقطت في البحر أو داخل مناطق تسيطر عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي، بل إن بعضها سقط مباشرة فوق خيام تؤوي نازحين، ما أسفر عن وقوع إصابات ووفيات. 

وأضاف أن هذه الكميات المحدودة "لا تغطي سوى نسبة ضئيلة من الحاجات اليومية"، خاصة في ظل منع الاحتلال مرور المساعدات عبر المعابر البرية.

وكانت الأمم المتحدة قد أكدت في مناسبات سابقة أن الإنزال الجوي يجب أن يُستخدم فقط كخيار أخير، عندما يتعذر الوصول البري، نظراً لمحدودية فعاليته وخطورته المرتفعة.

اظهار أخبار متعلقة


مجاعة غير مسبوقة في التاريخ الحديث
في تقرير مشترك صدر الثلاثاء الماضي عن خمس من وكالات الأمم المتحدة، وُصف الوضع الإنساني في غزة بأنه "الأخطر في تاريخ التصنيف العالمي للجوع"، حيث يواجه كافة سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأوضح التقرير، الصادر عن "الفاو"، و"برنامج الأغذية العالمي"، و"الصحة العالمية"، و"اليونيسف"، و"إيفاد"، أن نحو 1.11 مليون شخص(50% من السكان) يصنفون في المرحلة الخامسة (كارثية)، وهي أعلى درجة على سلم التصنيف، بينما البقية في مرحلتين طارئة وأزمة.

ويُعد هذا أسوأ وضع غذائي مسجل على الإطلاق منذ اعتماد هذا التصنيف العالمي، ما يشير إلى تفشي مجاعة واسعة النطاق نتيجة الحصار المشدد والهجمات المتواصلة.

وأفادت وزارة الصحة في غزة، أمس الخميس، بأن عدد ضحايا المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 154 وفاة، بينهم 89 طفلاً، مشيرة إلى تسجيل 7 وفيات جديدة خلال 24 ساعة فقط.

وفي اليوم ذاته، تعرضت "مراكز توزيع المساعدات" مجددًا لهجمات إسرائيلية، ما أسفر عن استشهاد 91 فلسطينياً وجرح أكثر من 666 آخرين. وبذلك، يرتفع عدد ضحايا استهداف مواقع المساعدات إلى ألف و330 شهيداً و8 آلاف و818 جريحاً منذ بدء هذه الاعتداءات.

شاحنات لا تعبر.. ومناطق حمراء قاتلة
وفي الوقت الذي يروّج فيه الاحتلال الإسرائيلي لدخول شاحنات مساعدات إلى القطاع، أكدت منظمات المجتمع المدني في غزة أن تلك الشاحنات تُمنع من الوصول إلى المناطق المنكوبة، وتُجبر على التوقف عند "مناطق حمراء" شديدة الخطورة، حيث تنتشر قناصة وجنود مزودون بأسلحة رشاشة ذاتية التوجيه، ما يجعل الوصول إليها شبه مستحيل ويعرّض المدنيين للموت الفوري.

وأكدت هذه المنظمات أن ما يجري هو "سياسة علاقات عامة"، هدفها التستر على جريمة المجاعة الجماعية التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي تغيب فيه أي ضغوط دولية حقيقية لإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الالتزام بالقانون الدولي.

إبادة شاملة وتجاهل للأوامر الدولية
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، يواصل الاحتلال الإسرائيلي، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، ارتكاب ما تصفه مؤسسات حقوقية ودولية بأنه إبادة جماعية ممنهجة ضد سكان قطاع غزة، تشمل القتل الجماعي والتجويع القسري والتدمير الكامل للبنية التحتية والتهجير القسري، في انتهاك صارخ للمواثيق الدولية، وأوامر محكمة العدل الدولية التي طالبت بوقف فوري للعدوان.

وقد أسفرت هذه الإبادة حتى الآن عن أكثر من 207 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ودمار شامل طال معظم مدن ومناطق القطاع، في ظل صمت دولي متواطئ، وعجز كامل عن وقف الكارثة.

أمام هذا الواقع المرير، يتصاعد التحذير من أن المساعدات الإسقاطية لن تنقذ غزة من الموت الجماعي، وأن الطريق الوحيد لوقف الكارثة يتمثل في فتح المعابر البرية فوراً، وتوفير ممرات آمنة لإدخال الغذاء والدواء دون تدخلات أو عراقيل إسرائيلية.
التعليقات (0)

خبر عاجل