كشفت
دراسة علمية جديدة، عن نتائج قد
تُغير نظرة الأطباء إلى أدوية إنقاص
الوزن، وشملت أكثر من 60 أف مريض يعانون من
داء
السكري والسمنة.
وأشارت المجلة الطبية المرموقة JAMA، إلى أن البيانات قاطعة،
إذ أثبتت أن استخدام دوائي مونجر وفيجوري الشهيرين قلل من خطر الإصابة بالسكتة
الدماغية والخرف والوفاة، مضيفة أن "هذه النتائج مهمة وقد تُحسن نوعية حياة
ملايين الأشخاص حول العالم".
وأجرى باحثون من جامعة تشونغ شان في
تايوان دراسةً قُسِّمت فيها المشاركين إلى مجموعتين رئيسيتين: تلقَّى المشاركون في
المجموعة الأولى أدوية GLP-1 مثل أوزيمبيك وفيجوبي ومونجيرو. أما المجموعة الثانية، فقد تلقَّت
أدويةً أخرى مضادة للسكري، وكانت بمثابة المجموعة الضابطة. وتابع الباحثون
المشاركين لمدة سبع سنوات، وراقبوا عن كثب تطور مختلف الأمراض ومعدلات الوفيات،
كما وردت في سجلاتهم الطبية من 67 مركزًا طبيًا في الولايات المتحدة.
وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين
تناولوا أدوية إنقاص الوزن انخفض لديهم خطر الإصابة بالخرف بنسبة 37% وانخفض لديهم
خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 19%. بالإضافة إلى ذلك، انخفض خطر الوفاة لأي
سبب بنسبة 30% في هذه المجموعة خلال فترة المتابعة.
ومع تحليل أعمق للبيانات، أصبح من
الواضح أن تأثير الأدوية لم يكن موزعًا بالتساوي بين جميع المرضى. استمتع بعض
المرضى الذين تناولوا أدوية إنقاص الوزن بفائدة أكثر وضوحًا: حيث تمتع البالغون
الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا بمستويات عالية بشكل خاص من الحماية - وهو رقم
منطقي بالنظر إلى زيادة خطر الإصابة بالخرف في هذا العمر. كما أظهرت النساء
استجابة أفضل للعلاج من الرجال. وتمتع المرضى الذين يعانون من السمنة المتوسطة إلى
الشديدة (مؤشر كتلة الجسم في نطاق 30-40) بالنتائج الأكثر إثارة للإعجاب.
ويصف الدكتور هوان تانغ لين، الذي قاد
الدراسة، النتائج بأنها مثيرة. ويقول إن النتائج تتوافق جيدًا مع الفهم الطبي
الحالي، حيث أن المجموعات التي أظهرت أكبر فائدة هي أيضًا الأكثر عرضة للإصابة
بأمراض القلب والأوعية الدموية والتدهور المعرفي.
اظهار أخبار متعلقة
ويكمن تفسير محتمل لهذه الظاهرة في آلية
عمل هذه الأدوية الفريدة. فبالإضافة إلى تنظيم مستويات السكر في الدم وخفض الوزن،
تُحدث هذه الأدوية سلسلة من التغييرات الإيجابية في مختلف أجهزة الجسم. فهي تُخفف
الالتهاب المزمن في الدماغ، وتمنع تراكم البروتينات السامة المرتبطة بتطور مرض
الزهايمر، وتُحسّن تدفق الدم إلى الدماغ.
ووفقًا للأطباء، تعمل أدوية مجموعة GLP-1 من خلال عدة آليات في آن واحد: فهي تُثبّط الشهية، وتُبطئ عملية
الهضم، وتُقلّل إنتاج السكر في الكبد، وتُحفّز إفراز الأنسولين عند الحاجة. وفي
الوقت نفسه، يُسهم فقدان الوزن في تحسين وظائف الأوعية الدموية في جميع أنحاء
الجسم، ويُخفّف العبء على الجهاز القلبي الوعائي.
على الرغم من أن البيانات تهمّ المجتمع
الطبي، إلا أن الباحثين يؤكدون أن هذه الدراسة قائمة على الملاحظة، أي أنها تابعت
تطور المرضى على مر الزمن، لكنها لم تدرس آثار الأدوية على الدماغ بشكل مباشر.
علاوة على ذلك، لم تُلاحظ أي فعالية
تُذكر ضد مرض باركنسون أو النزيف الدماغي، ما يشير إلى أن التأثير الوقائي لا
ينطبق على جميع الاضطرابات العصبية. ومع ذلك، تُعدّ هذه النتائج سببًا إضافيًا
للتفكير في استخدام أدوية إنقاص الوزن بالنسبة للأشخاص المصابين بداء السكري من
النوع الثاني والسمنة.
ويقول الدكتور راز الغويل، الطبيب
المختص ومدير المركز الطبي لعلاج السمنة: "أثبتت الأدوية الجديدة لعلاج
السمنة فعاليتها المذهلة في علاج داء السكري، وفقدان الوزن، وقصور القلب، والفشل
الكلوي، وغيرها، وتتزايد الأدلة الآن على إمكاناتها في علاج مختلف الأمراض
الالتهابية، بما في ذلك الأمراض التنكسية في الدماغ كالسكتة الدماغية والزهايمر.
ورغم أن الأبحاث في هذا المجال لا تزال
في مراحلها الأولى، وأن هناك حاجة إلى بيانات إضافية، إلا أنه من المتوقع أن يتوسع
استخدام هذه الأدوية في السنوات القادمة. وتُعطي هذه النتائج أملاً كبيراً لملايين
المرضى حول العالم.