طرحت تهديدات رئيس حكومة الوحدة الليبية،عبد الحميد
الدبيبة الجديدة ضد الميليشيات المسلحة في الغرب الليبي بعض الأسئلة عن تداعيات هذه التصريحات الآن على المشهد الأمني والعسكري، وما إذا كان يستهدف بكلماته
قوات الردع.
وهدد الدبيبة المجموعات المسلحة في غرب البلاد، واصفا إياها بعصابات إجرامية تشكل تهديدا للدولة وليس الحكومة وفقط وأنه حان الوقت للقضاء عليه، ونحن ماضون في خطتنا الأمنية، ولن نتراجع عن تفكيك المليشيات والتشكيلات المسلحة، وسياستنا واضحة وهي إخضاع جميع المنافذ والمطارات والموانئ للأجهزة النظامية للدولة.
شروط واستسلام
وأعلن الدبيبة مجموعة من الشروط من أجل وقف حملته ضد هذه المجموعات، وتلخصت شروطه في: ضرورة تسليم المطلوبين للنائب العام، وإخضاع المطار والميناء والسجون لسلطة الدولة وحل جميع التشكيلات الغير خاضعة للدولة، رفض كلمة شيخ ولا حاج لقادة هذه الميليشيات.
وجدد رئيس الحكومة تهديداته بقوله إنه من يرفض هذه الشروط لن أضمن ما سيحدث له، والرسالة واضحة للجميع، ومن لا يريد أن نشن حربا ضده عليه الامتثال للدولة"، وفق مقابلة متلفزة.
ورأى مراقبون ان هذه التصعيدات والتهديدات القوية من قبل الدبيبة موجهة بالأساس إلى قوات جهاز الردع والذي يريد رئيس الحكومة مدعوما بقوات من وزارة الدفاع يقودها وكيل وزارة الدفاع عبدالسلام زوبي ومدير الاستخبارات العسكرية، محمود حمزة التخلص منه على غرار قوات "غنيوة الككللي".
والسؤال: هل تسبب تهديدات الدبيبة في عودة الاشتباكات والحرب إلى العاصمة طرابلس؟ وما مصير الهدنة؟
حكومة ميليشيات
من جهته، قال عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي، بلقاسم قزيط إن "أغلب ما قيل هو منطقي وستطلبه أي حكومة قادمة، والمشكلة أن الدبيبة نفسه يعتمد على ميلشيات لا تختلف كثيرا عن التي يتوعدها بالاجتثاث، كما أن عمل كهذا يحتاج إلى شرعية صلبة تفتقر لها الحكومة الحالية".
وأشار في تصريحاته لـ"عربي21" إلى أن "حكومة الدبيبة حولت بتصرفاتها كل حلفاءها إلى خصوم وأعداء، وفي كل الأحوال نحن نشجع النقاش والمطالبة ونرفض استخدام القوة المسلحة"، وفق قوله.
اظهار أخبار متعلقة
الردع لا يشبه قوات الككللي
ورأى العضو بمجلس الدولة الليبي، سعد بن شرادة أن "الغرب الليبي لا توجد به مؤسسات حقيقية سواء شرطية أو عسكرية يكون ولاؤها لمؤسساتها، لكنها عبارة عن مجموعات ذات نفوذ مناطقية، وجهاز︎ الردع يرى نفسه مثل المجموعات الأخرى التي تتبع وزارتي الداخلية والدفاع، ولن يسلم بسهولة إلا بقوة السلاح".
وأكد في تصريحه لـ"عربي21" أن "قوات الردع تختلف عن جهاز دعم الاستقرار الذي كان يقوده الككللي لأن بيئته وحاضنته الاجتماعية مختلفة، منطقة سوق الجمعة التي يتمركز فيها تتعامل كلها كعائلة واحدة، ولذلك إنهاء الردع لن يكون في صالحها، خاصة بعد تجربة الخلل الأمني الذي وقع في منطقة أبو سليم بعد ما حدث لجهاز دعم الاستقرار"، حسب تقديره.
وأضاف: "إلى هذه اللحظة لا توجد مؤسسات دولة ولا توجد أصلا دولة، لأن الدولة شعب ومؤسسات وكل مؤسساتنا عبارة عن مجموعات والشعب منقسم شرقا وغربا"، كما قال.
دور حفتر واستغلاله
في حين قال المحلل السياسي الليبي، فرج دردور إن "حالة الاصطفاف التي عليها أصحاب المصالح لن تتغيير، فالحكومة جادة بأن تكون لها سيطرة على كل مؤسسات الدولة، والمجموعات المسلحة لا تريد التخلي عن ميزاتها في اقتطاع جزء من أموال الدولة وممارسة بعض السلوكيات التي تجعلهم أجساما موازية أقوى من الأجهزة الأمنية في الدولة".
وأضاف، أنه "مثلا في مدينة الزاوية يسيطر عليها مهربي النفط وتجار البشر الذين ينقلون الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا ويحركون أنصارهم للقيام بأعمال شغب وفوضى بهدف إسقاط الحكومة دفاعا عن مكتسباتهم غير المشروعة، ويدعمهم في ذلك قوات حفتر في شرق البلاد، محاولة منهم لإشعال حرب تدمر الجميع وينفذ حفتر إلى طرابلس على أنقاض الدمار التي ستسببه الحرب بين القوات الحكومية ومليشيات التهريب"، وفق قوله.
وتابع لـ"عربي21": "في اعتقادي لا توجد حرب بالمعنى الحقيقي لكن هناك صدام مسلح بين القوات النظامية والمليشيات الإجرامية غير المدعومة من عامة الشعب، والذين يُخرجون أنصارهم للظهور بأن لهم دعم شعبي وشرعية مغتصبة"، كما عبر.
اظهار أخبار متعلقة
رفض وحرب بعيدة الأمد
الأكاديمي الليبي، عماد الهصك قال من جانبه إنه "من المتوقع أن ترفض قوة الردع شروط الدبيبة، لأنها تعتبره خصمًا سياسيًا لا رئيس حكومة، الأمر الذي قد يدفعه إلى المجازفة بخوض حرب ضدها لفرض إرادته، وهو لا يملك القوة الرادعة التي تمكنه من إنفاذ تهديداته ما لم يستعن بحليف دولي".
وأكد أنه "لو أقدم الدبيبة على محاولة فرض الواقع الأمني الساعي إليه بالقوة من خلال المجموعات المسلحة الموالية له فستدخل العاصمة طرابلس حتما في مواجهات مسلحة ستكون هي الأعنف بعد المواجهات التي حدثت إبان 2011 ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بنهايتها أو بنتائجها ومآلاتها السياسية والأمنية والاقتصادية أيضًا، وقد تكون هي بداية نهاية حكومته، وقد تتحالف القوة والمجموعات المسلحة المعارضة له وندخل في حرب بعيدة الأمد"، وفق تعبيره.
واستدرك قائلا لـ"عربي21": "غير أن المجتمع الدولي وبعض الدول الإقليمية في اعتقادي ستتدخل للحيلولة دون وقوع هذه الحرب ودخول العاصمة في وضع أمني يهدد دول الجوار، ومصالح الدول الإقليمية داخل
ليبيا"، كما يعتقد.