شهدت بلدة صغيرة
شمال غرب العاصمة الإيطالية روما، خلال السنوات الماضية قضية احتيال ديني هزت
الرأي العام المحلي والدولي بعد أن ادعت امرأة تُدعى جيزيلا كارديا أن تمثالاً
صغيراً للسيدة العذراء يبكي دموعاً حمراء، مما دفع مئات الحجاج للتوافد إلى البلدة
للتبرك والتضرع أمام التمثال في الثالث من كل شهر.
وأكدت تحقيقات
حديثة أن الدماء التي كانت تذرف من التمثال ليست سوى دماء المرأة نفسها، التي
استغلت هذه الظاهرة لجني أرباح مالية كبيرة على حساب إيمان الناس.
وبدأت القصة منذ
سنوات عندما بدأت كارديا، التي تبلغ من العمر خمسين عاماً، بالترويج لقصتها التي
زعمت فيها اتصالها الروحي المباشر بالعذراء مريم، معلنة ظهور علامات تشبه جروح
المسيح على جسدها، وهو ما زاد من اهتمام الحجاج والمصلين الذين كانوا يأتون إلى
بلدة تريفينيانو رومانو الصغيرة شمال غرب روما في كل شهر.
وروت كارديا
أيضاً قصة "معجزة تكثير الخبز والسمك" مستندة إلى الأناجيل، حيث ادعت أن
التمثال كان يبكي دماء حقيقية، ويجلب البركة والرزق، ما جعلها تنال تعاطف الكثيرين.
وكشف تقريراً
نشرته صحيفة "إل ميساجيرو" الرومانية أن الفحوص الجينية التي أجريت على
الدماء المتجمعة من التمثال تطابقت بشكل كامل مع الحمض النووي لكارديا، ما يعني أن
الدم الذي كان يذرفه التمثال ليس سوى دمها الخاص. هذا الكشف أثار ضجة كبيرة بين
السكان المحليين الذين قدموا شكاوى إلى أبرشية المنطقة، مما دفعها لتشكيل لجنة
تحقيق رسمية في أبريل 2023 لفحص ما إذا كانت الادعاءات مجرد خدعة.
اظهار أخبار متعلقة
وفي الوقت ذاته،
فتح مكتب النيابة العامة في مدينة تشيفيتافيكيا تحقيقاً في القضية بتهمة الاحتيال،
خصوصاً أن كارديا أسست جمعية رسمية تدعي من خلالها مساعدة المرضى، لكنها استغلتها
لتجميع تبرعات ضخمة وتحقيق أرباح مالية ضخمة من خلال استقطاب الحجاج.
تأتي هذه القضية
ضمن سلسلة من الظواهر الدينية المماثلة التي توثقها
إيطاليا، حيث يعيش فيها حوالي
74.5% من السكان كاثوليكاً، ومن أشهر هذه الظواهر معجزة دم القديس جينارو في
نابولي التي تتحول ثلاث مرات سنوياً من حالة تخثر إلى سائل، وهي حالة معترف بها
رسمياً من الفاتيكان. أما ظاهرة دموع تماثيل العذراء فلا تحظى بنفس الاعتراف، ويظل
موقف الكنيسة الرسمي متحفظاً، حيث توكل لكل أبرشية مهمة دراسة كل حالة على حدة.
في ضوء
التحقيقات الجارية، تنتظر السلطات إصدار حكم نهائي بشأن ما إذا كانت كارديا ستواجه
عقوبات جنائية بسبب استغلالها الدين لتحقيق مكاسب شخصية، وما إذا كانت هناك
تداعيات أوسع على البلدة التي شهدت هذه الظاهرة التي تسببت في اضطراب اجتماعي بسبب
كثافة الحجاج.