مدونات

غزة.. غياب الوقود

مصطفى أبو السعود
الكاتب أثناء تفقد بيته ومنطقته المهدمة في رفح جنوب قطاع غزة بفعل الاجتياح الإسرائيلي
الكاتب أثناء تفقد بيته ومنطقته المهدمة في رفح جنوب قطاع غزة بفعل الاجتياح الإسرائيلي
غزة مثل أي بقعة جغرافية فيها وسائل نقل حديثة وأجهزة متنوعة يعتمد تشغيلها على الوقود ومشتقاته، لكن منذ بداية العدوان 2023 حرمها الاحتلال منه، مما أثر سلبا على تحركات الناس وطرق الطهي وحاجات المشافي والمؤسسات بكل تخصصاتها من الوقود والغاز الطبيعي.

أمام هذه المعضلة، ما الحل؟

تم تفعيل خطة (ب)، بخصوص وسائل النقل والمواصلات تمت العودة لوسائل نقل قديمة خدمت الإنسان لفترةٍ طويلةٍ جدا، عاشت معه على الحلوة والمرة، وضعت نفسها رهن إشارته ونقلته ومتاعه أينما حل وارتحل، تأكل وتشرب مما يُقدم لها دون تذمر، وكان لها شرف أن ذكرها الله عز وجل في القرآن مدحا "وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَة ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" (النحل: 8).

جميعنا ركبنا الحمير، حتى النساء اللواتي كن يرفضن مجرد التفكير بهذه الفكرة قبل العدوان، تعودن عليها تحت سيف الضرورة، أليس للضرورة أحكام؟ نعم يا آل غزة.

لقد ساعدت وسائل النقل البدائية في نقل الجرحى للمشافي والموتى للمقابر، وإخلاء الناس من مناطق يحظر العدو البقاء فيها، ولنا فيها مآرب أخرى.

أما بخصوص غاز الطهي، فتم تعويضه بالحطب والخشب وأوراق وأغصان الشجر، لاستخدامه في تحضير الطعام، رغم ما لذلك من أخطار على الشخص والبيئة، لكن ماذا نفعل أمام هول المعاناة؟ فالضرورات تبيح المحظورات.

ما معنى غياب الوقود بكل مشتقاته؟

- تعطل الإسعاف والدفاع المدني عن الخدمة، وعدم قدرتهم على الوصول لأماكن الاستهداف بالوقت المناسب والشواهد أكثر من أن تعد.

- خروج الأجهزة الطبية عن الخدمة ومفاقمة معاناة مرضى الغسيل الكلوي، والأطفال حديثي الولادة.

- تأثر الوسائل الإعلامية وتوقف كثير منها عن العمل.

- استخدام النار بدل الغاز مما يرفع نسبة الإصابات بمرض الربو.

- تفاقم أزمة المياه لعدم القدرة على استخراجها من الأرض من خلال المضخات الكهربائية.

- الاستيقاظ ليلا لإشعال النار لتسخين وجبة طعام للطفل.

- زيادة معاناة الأسرة التي فيها كبار السن والمرض المزمن، خاصة في أوقات النزوح المتكررة.

رغم المعاناة يصبر أهل غزة ولسان حالهم يقول: "حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ" (التوبة: 59).

أختم بالقول: سيكتب التاريخ عن أوجه العجز العربية والإسلامية في نصرة غزة رغم أن وجه الأرض العربية وبطنها وسماءها فيها خيرات لا تُعد ولا تُحصى، وتصل لكل سكان الأرض بلا شرطٍ أو قيدٍ، لكنها عند غزة تحتاج ألف قيدٍ وشرط.
التعليقات (0)