ماجدة المصري لـ"عربي21": المجلس المركزي الفلسطيني سينعقد مجددا خلال الشهر الجاري
رام الله- عربي2110-May-2507:08 AM
0
شارك
ماجدة المصري أكدت أن نتائج اجتماع المجلس المركزي الجديد ستكون هي مفتاح الخروج من حالة الانقسام الفلسطيني- عربي21
كشفت نائبة الأمين العام للجبهة
الديمقراطية لتحرير فلسطين، الدكتورة ماجدة المصري، عن مساعي حثيثة جارية تهدف إلى
عقد اجتماع جديد للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية خلال شهر أيار/ مايو
الجاري، مشيرة إلى أنهم يضغطون بكل طاقاتهم من أجل إتمام ذلك الاجتماع المرتقب بنجاح.
وأوضحت المصري، في مقابلة مصورة مع "عربي21"، أن
"نتائج اجتماع المجلس المركزي الذي من المفترض أن يُعقد قريبا ستكون هي مفتاح
الخروج حالة الانقسام التي تُشكّل العقبة الرئيسية أمام الشعب الفلسطيني".
والمجلس
المركزي هو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني (أعلى هيئة تشريعية)
التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومخوّل ببعض صلاحياته.
وعُقدت
اجتماعات المجلس المركزي في 23 و24 نيسان/ إبريل الماضي وسط مقاطعة وانسحاب فصائل
فلسطينية رئيسية.
وعلى مدى سنوات
طويلة عُقدت لقاءات عدة بين الفصائل الفلسطينية من أجل إنهاء الانقسام واستعادة
الوحدة الوطنية، كان آخرها اجتماعات الجزائر في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، ولقاء
بمدينة العلمين المصرية (شمال غرب) في 30 حزيران/ يونيو 2023، واجتماع العاصمة
الصينية بكين في تموز/ يوليو 2024، دون أن تُسفر عن خطوات عملية جادّة تحقق هدفها.
وأكدت المصري
أن "إسرائيل هي المستفيد الأول والأخير من الانقسام الفلسطيني، وآليات عملها
تسهم في تعميق هذا الانقسام. عندما نتحدث عن التنسيق الأمني، وأحيانا يكون أكثر من
مجرد تنسيق أمني، حيث يصل إلى حد تقديم مساعدات أمنية، فإن ذلك بكل التأكيد يسهم
في استمرار حالة الانقسام".
وتاليا
نص المقابلة المصورة مع "عربي21":
ما
تقييمكم لمجمل المشهد الفلسطيني بعد مرور أكثر من 18 شهرا على العدوان الإسرائيلي؟
تتواصل حرب
الإبادة الجماعية ضد شعبنا في قطاع غزة بأبشع صورها وأشكالها، حيث يترافق ذلك مع
استمرار الحصار المفروض على القطاع منذ عام 2007 حتى اليوم.
وما يجري الآن
هو تصعيد غير مسبوق لحصار التجويع ومنع دخول المساعدات الإنسانية وفق البروتوكولات
التي تم الاتفاق عليها سابقا في إطار صفقة التبادل؛ فقد كان من المفترض أن تدخل
هذه المساعدات بشكل كامل، بما فيها الغذاء والماء والمعدات الطبية والصحية، إلا أن
الاحتلال يواصل انتهاكه لهذه الاتفاقيات، وهو ما أكدته نداءات الهيئات الأممية
المتواجدة في قطاع غزة.
هذا المشهد
يتواصل بأبشع صوره وأشكاله، حيث يواكب الحصار عمليات القصف الوحشية والحرق المتعمد
للخيام التي يشهدها العالم أجمع.
يحدث كل هذا
تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي، رغم الصيحات والنداءات المستمرة.
يمكننا القول
إن ما يجري يتم في ظل صمت المجتمع الدولي، وبالتحديد الأمم المتحدة ومجلس الأمن
الذي تديره الولايات المتحدة الأمريكية؛ فلم يشهد التاريخ مثيلا لما يحصل في قطاع
غزة؛ فما يحدث هناك يتجاوز كل الحروب التاريخية التي شهدها العالم.
وفي الضفة
الغربية، تتكرر مشاهد العنف والعدوان، وإن كانت بصورة مصغرة عن غزة وبطريقة مختلفة
وأقل حدة، يتمثل ذلك بشكل خاص في الاعتداءات المستمرة على مخيمات شمال الضفة، مثل
مخيم جنين، مخيم طولكرم، مخيم نور شمس، ومخيمات طوباس، بالإضافة إلى الاجتياحات
المتكررة لمخيمات نابلس، مثل مخيم بلاطة ومخيم العين.
هذه المخيمات
ليست مُستهدفة فقط لأنها بؤر ثورية، بل لأنها رمز لحق العودة، وتمسك الشعب الفلسطيني
بحقه في العودة إلى الديار التي هُجّر منها.
يتزامن استهداف
المخيمات مع محاولات تهجير سكانها، كما شهدنا مؤخرا في مخيم جنين ومخيمات طولكرم.
هذه الحالة
المتواصلة تتطلب من الدول الإسلامية استخدام كل عناصر القوة والضغط المتاحة لديها،
وهي تمتلك الكثير من أدوات الضغط، بدءا من النفط، ومرورا باتفاقيات التطبيع
المشؤومة، وصولا إلى اتفاقيات السلام، التي يمكن أن تُستخدم كورقة ضغط أو تهديد.
هذا الضغط يجب
أن يكون موجها نحو الولايات المتحدة، التي بدورها يمكن أن تمارس ضغوطا على نتنياهو
وفريقه الدموي، بهدف وقف هذا العدوان، أو على الأقل السماح بإدخال المساعدات
الإنسانية لمنع الموت جوعا، وهو ما نشهده في هذه المرحلة.
في الوقت نفسه،
تستمر المقاومة الفلسطينية، ونحن ندرك أننا في مواجهة مباشرة مع المشروع الصهيوني
الذي عبّر عنه نتنياهو في برنامجه قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وفي
"قانون الدولة القومية" الذي أعاد تعريف الأراضي باعتبارها "أرض
إسرائيل".
كما نشهد اليوم
استهداف سوريا ولبنان والمنطقة العربية بأكملها، حيث يتجسد مشروعهم الاستعماري من
الفرات إلى النيل في العدوان الدموي الوحشي الفاشي على الأراضي الفلسطينية المحتلة
والدول العربية.
هذا المشهد
يتزامن مع مشهد آخر يتمثل في تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه، ووقوف أحرار العالم إلى
جانبه، كما نراه في جميع عواصم الدول العربية والعالمية التي تدعم القضية
الفلسطينية.
منذ السابع من تشرين
الأول/ أكتوبر وحتى اليوم، نشهد تحوّلا كبيرا في الوعي العالمي تجاه طبيعة النضال
الفلسطيني، وطبيعة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وطبيعة هذا العدو الفاشي العنصري
الذي يقوم بحرب إبادة جماعية ضد شعب آخر، والذي لا يردعه قانون دولي ولا مواثيق
حقوق الإنسان، ويضع نفسه فوق القانون الدولي والشرعية الدولية، ويواصل عدوانه.
وبالنسبة
لنتنياهو، هذا ليس مجرد مشروع سياسي، بل هو مشروع فكري وديني أيضا، يستند إلى فكرة
تفوق العرق اليهودي على الأعراق الأخرى، والتنكر لحق الشعب الفلسطيني حتى في
الوجود على أرضه.
ما
هي أبرز الإشكاليات التي تواجه القيادة الفلسطينية في هذه المرحلة المفصلية؟
من أبرز
المشكلات التي تواجه الحركة الوطنية الفلسطينية بكل مكوناتها، بما في ذلك القوى
الوطنية والقيادة السياسية والنظام السياسي ككل هي قضية الانقسام الداخلي
الفلسطيني.
وكان من
المفترض أن يتصدر موضوع إنهاء الانقسام جدول أعمال المجلس المركزي الفلسطيني في
اجتماعه الأخير، باعتباره القضية الجوهرية التي يجب أن تسبق أي قضايا أخرى؛
فالانقسام ليس مجرد خلاف سياسي، بل هو عائق حقيقي أمام التصدي للمشروع الصهيوني
الذي يسعى لتصفية القضية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
المستفيد
الوحيد من استمرار حالة الانقسام هو الاحتلال الإسرائيلي، كما أن كافة المحاولات
والسيناريوهات التي طُرحت لمعالجة الوضع في قطاع غزة، سواء الإقليمية أو من
الولايات المتحدة، تهدف بالأساس إلى خدمة المصالح الإسرائيلية والأمريكية، مستندة
إلى استغلال الانقسام الفلسطيني كأداة لتحقيق أهدافها.
في محاولة
لتجاوز هذا الأمر، توافق 14 فصيلا فلسطينيا خلال اجتماع عُقد في بكين على خارطة
طريق واضحة للخروج من حالة الانقسام، شملت الاتفاق على برنامج النضال وأشكاله،
بالإضافة إلى آليات تنفيذه.
كما تم التوافق
على إنشاء إطار قيادي موحد ومؤقت، يضم الأمناء العامين للفصائل واللجنة التنفيذية
لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني. كذلك، تم الاتفاق على
تشكيل فريق مفاوض موحد لمعالجة قضايا مثل تبادل الأسرى والحل السياسي، بما يفتح
آفاقا جديدة للقضية الفلسطينية على المستوى الدولي.
بات واضحا
للجميع أن تحقيق الاستقرار في المنطقة والإقليم وحتى على المستوى العالمي لن يكون
ممكنا دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، ويتجلى هذا الحل في إقامة دولة
فلسطينية سيادية على جميع الأراضي المحتلة عام 1967، عاصمتها القدس، مع ضمان حق
العودة للاجئين الفلسطينيين.
هذا هو البرنامج
الذي توافقت عليه الفصائل الفلسطينية، وكان من المفترض أن يضع المجلس المركزي في
اجتماعه الأخير قبل حوالي 10 أيام آليات لتطبيق ما تم الاتفاق عليه بين الفصائل
الـ 14 المجتمعة، بهدف إنهاء حالة الجمود والاستكانة والانقسام، وتوحيد الشعب
الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني التصفوي الذي نشهده اليوم في غزة والقدس
والضفة الغربية، هذا المشروع الذي يهدف إلى ضم الأراضي الفلسطينية وتنفيذ سياسات
الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني.
ما
الأسباب الحقيقية التي أدت لاستمرار الانقسام الفلسطيني حتى الآن؟
عدم توفر
الإرادة السياسية، وتحديدا لدى القيادة السياسية، قد يكون نتيجة ملاحظات أو
تعقيدات لدى هذا الطرف أو ذاك، أو حتى لدى حركة حماس لأكون أكثر مباشرة. لكن جرى
هناك توافقات، وعلى الرغم من أنها قد تكون توافقات تكتيكية، علينا أن نتمسك بهذه
التوافقات والتفاهمات. أعني هنا برنامجا وطنيا واضحا يشمل دولة فلسطينية مستقلة،
حق تقرير المصير، عودة اللاجئين، الالتزام بالشرعيات الدولية، وأشكال النضال
والمقاومة بكل أشكالها وفق القانون الدولي. هذا هو ما تم التوافق عليه، وعلى
الجميع أن يلتزم به؛ إذ يقترب كثيرا من برنامج منظمة التحرير الفلسطينية. بمعنى أن
هناك قاسما مشتركا قويا يمكننا من الانطلاق نحو الوحدة الوطنية.
وضع شروط مُعقّدة
يشير إلى عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لإنهاء الانقسام والتحرك نحو الوحدة
الوطنية، على الرغم من الحديث والتصريحات في هذا الشأن.
المجلس المركزي،
في نهاية اجتماعه الأخير، انسحبنا منه كجبهة ديمقراطية بعد أن قدمنا كلمتنا
ورؤيتنا وخارطة الطريق التي من شأنها أن ترسم توجهات عملية قابلة للتطبيق لإنهاء
الانقسام.
انسحبنا لأننا
لن نكون شركاء في قرارات تبتعد عما تم التوافق عليه سواء في بكين أو موسكو قبلها،
أو في المجلس الوطني والمجالس المركزية السابقة.
هذا هو الأساس:
عدم توافر الإرادة السياسية. الحديث في البيان الختامي عن استمرار الحوار وعن دورة
استثنائية يجب أن نتمسك به على قاعدة المثل الشعبي "الحق العيار لباب
الدار"، وأن نحشد كل طاقاتنا وقوانا، نحن والقوى والحركات الشعبية
والجماهيرية، للضغط من أجل استمرار الحوار وبلورة التفاهمات المشتركة حول المخرجات
التي تم التوافق عليها.
نتائج اجتماع
المجلس المركزي الذي من المفترض أن يُعقد قريبا، حيث سنطالب بأن يُعقد قريبا، ستكون
هي مفتاح الخروج من حالة الانقسام التي تُشكّل العقبة الرئيسية أمام الشعب
الفلسطيني والحركة الجماهيرية وأمام عموم شعبنا.
هل
إسرائيل ساهمت في تعزيز الانقسام الفلسطيني؟
إسرائيل
مستفيدة بكل تأكيد من الانقسام الفلسطيني، وآليات عملها تسهم في تعميق هذا
الانقسام. عندما نتحدث عن التنسيق الأمني، وأحيانا يكون أكثر من مجرد تنسيق أمني،
حيث يصل إلى حد تقديم مساعدات أمنية، فإن ذلك بالتأكيد يسهم في استمرار حالة
الانقسام.
كما أن
إسرائيل، من خلال استمرار حصارها لقطاع غزة، تسهم في فصل غزة عن الضفة الغربية.
إسرائيل هي
المستفيد الأول والأخير من حالة الانقسام، وهذا أمر مرئي ومعروف لجميع أبناء
شعبنا، وحتى "لأطراف الانقسام".
هل
تحتاج السلطة الفلسطينية إلى تغيير جذري أم مجرد إصلاح؟
نحن بحاجة إلى
إصلاح النظام السياسي من خلال العملية الانتخابية؛ إذ إن التغيير الحقيقي في هذه
المرحلة يمكن أن يتمثل في الحلول التوافقية الانتقالية. ومع ذلك، يجب أن تكون هذه
الحلول الانتقالية والتوافقية مبنية على قاعدة التفاهمات المشتركة، ومفترض بها أن
تكون مؤقتة وزمنية، خاصة في هذه المرحلة التي لا يمكن فيها إجراء انتخابات. ولكن
شرط ذلك هو أن تُحضّر هذه الحلول لإجراء انتخابات لاحقا.
إضافة إلى ذلك،
تبرز أهمية تشكيل توافق وطني أو وحدة وطنية يكون من شأنها توحيد مؤسسات السلطة في
الضفة الغربية وقطاع غزة، بما يعالج كل تداعيات الانقسام الفلسطيني. كما يجب أن
تُحضر هذه الجهود لانتخابات مجلس وطني ومجلس تشريعي وانتخابات رئاسية، لأن هذا هو
الإصلاح الحقيقي.
فالعملية
الانتخابية هي الإصلاح الأساسي، وما يسبقها يجب أن يكون مرحلة انتقالية توافقية
بين جميع المكونات الفلسطينية، مع العمل على تشكيل هيئة قيادية موحدة ضمن إطار
منظمة التحرير الفلسطينية.
لماذا
يرفض الرئيس محمود عباس كل الأطروحات الخاصة بمستقبل قطاع غزة سواء تشكيل حكومة
وحدة وطنية أو حكومة تكنوقراط أو حتى تشكيل لجنة إسناد مجتمعي؟
لم تتولد حتى
الآن إرادة سياسية تؤكد أن المعالجة الحقيقية تكمن في السير نحو الوحدة الوطنية،
رغم أن هذا الأمر يبدو طبيعيا وبديهيا لأي شعب يعيش مرحلة التحرر الوطني؛ فعندما
تأسست منظمة التحرير الفلسطينية، كانت بمثابة إطار جبهوي موحد للشعب الفلسطيني،
واستندت إلى استراتيجية وطنية موحدة تعتمد على النضال بكل أشكاله.
ربما تكون هناك
حسابات مصالح أو رؤى مختلفة؛ فنحن نعيش حاليا واقعا فلسطينيا يتسم بوجود
استراتيجيتين: استراتيجية تعتمد على النضال، وأخرى تعتمد بشكل كامل على المفاوضات،
وسواء شئنا أم أبينا، فإن الاستراتيجية الثانية ارتبطت عمليا بتقديم تنازلات، بدأت
بالاعتراف المجاني المبكر بإسرائيل.
وفي المقابل،
هناك استراتيجية ثالثة تعتمد أساسا على الوحدة والتوافق حول البرنامج الوطني،
وتسعى لبلورة استراتيجية وطنية موحدة كبديل لنهج المفاوضات فقط.
هذه
الاستراتيجية تجمع بين كل أشكال النضال، بما في ذلك المقاومة، والنضال بالمقاطعة،
والمقاومة الشعبية، والنضال السياسي والدبلوماسي، ولكن على قاعدة التوحد والعمل في
منظمة التحرير الفلسطينية، كإطار وطني جامع، يجب أن يضم جميع مكونات الشعب
الفلسطيني وحركته الوطنية، سواء داخل المنظمة أو خارجها، وأعني بذلك إشراك حركتي
حماس والجهاد الإسلامي في هذا الإطار الوطني الموحد.
ما
تقييمكم لمواقف وتصريحات الرئيس محمود عباس منذ اندلاع "طوفان الأقصى"
وحتى اليوم؟
القيادة
السياسية الفلسطينية تعيش حالة من الترقب والانتظار، وهي غير مُبادرة كما كان يجب
أن تكون؛ فكان من المفترض أن تكون القيادة في موقع الهجوم السياسي أمام خطورة
المشهد الذي نمر به، والذي بات يهدد وجود الشعب الفلسطيني على أرضه.
لذا، فإن
التصريحات التي تُحمّل حماس المسؤولية عن الأوضاع الحالية هي تصريحات غير دقيقة؛
فالاحتلال الإسرائيلي يتحمل المسؤولية الكاملة عما يجري على الأرض الفلسطينية منذ
عام 1948 حتى اليوم، من مجازر وويلات ونكبات وتهجير ومعاناة مستمرة لجميع أبناء
شعبنا.
بالإضافة إلى
ذلك، فإن مطالبة حماس بتسليم سلاحها تعتبر بالنسبة لنا أمرا مدانا ومرفوضا جملة
وتفصيلا، ونعتبره بمثابة استسلام وإعلان هزيمة، وبالتالي، فإن هذا الطرح غير
مقبول على الإطلاق.
وحين الحديث عن
سلاح واحد وقانون واحد ونظام واحد، يجب أن يكون ذلك في إطار الوحدة الوطنية، وفي
المرحلة التي نتمنى أن نصل فيها إلى حالة الاستقلال الوطني.
وكما أشرت في
البداية، لو ذهبنا نحو تحقيق الوحدة الوطنية التي ناقشناها في اجتماع بكين، فإن
الإطار الموحد للمقاومة هو الذي سيوحد السلاح ويحدد أشكال النضال وأشكال المقاومة
بناءً على التوافقات بين الأطراف المختلفة.
نحن في مرحلة
تحرر وطني، والمقاومة هي حق مشروع للشعب الفلسطيني، ومن حقنا أن نمارس هذا الحق
كما أتاحته لنا الشرعية الدولية، أما شكل المقاومة وطبيعتها، فستتحدد وتكون موحدة
عندما تتحقق وحدة القيادة الوطنية.
هل
الرئيس محمود عباس يصلح للاستمرار في موقعه كرئيس للسلطة الفلسطينية ومنظمة
التحرير؟
أنت تركز كثيرا
على هذا الجانب بينما أنا لا أرغب في الخوض في هذا الأمر، لكن أقول: إن العملية
الانتخابية هي الوسيلة الأفضل لتغيير الأشخاص.
هل
تسعون لعقد ورشة حوار وطني تشمل كافة القوى الوطنية والإسلامية؟
نحن نضغط
لتحقيق هذا الهدف، وهو مطلبنا خلال اجتماع المجلس المركزي.
وقبل انعقاد
المجلس المركزي، دعونا إلى إجراء حوار شامل، كما طالبنا من داخل المجلس المركزي
بتعليق عمله وتأجيل الاجتماع لعدة أسابيع، وذلك لإتاحة الفرصة لاستكمال الحوار
الشامل بين جميع الأطراف، ولم يتم الاستجابة لهذا المطلب.
وبناءً على
ذلك، واستنادا إلى خصوصية المرحلة وطبيعة اجتماع المجلس المركزي وما هو مدرج على
جدول أعماله، قرّر وفد الجبهة الديمقراطية الانسحاب من اجتماع المجلس المركزي
الأخير.
هل تسعون إلى عقد اجتماع
توافقي توحيدي للمجلس المركزي خلال شهر أيار/ مايو الجاري؟
بالفعل، سنضغط بكل طاقاتنا، وقوى شعبنا،
وحراكاتنا الجماهيرية من أجل ذلك.
برأيكم،
كيف يمكن العمل على تنفيذ قرارات المجلسين المركزي والوطني؟
هذه عملية
نضالية طويلة الأمد؛ فعلى امتداد الفترة التي تلت مؤتمر المجلس الوطني والمجالس
المركزية، لم ندعُ إلى تطبيق هذه العملية في المجلس الأخير فقط، بل دعونا إلى
تطبيقها بشكل مستمر، وسنواصل العمل لتحقيق هذا الهدف، وهو أمر يتطلب بذل ضغوط
حقيقية وتحقيق الوحدة بين الصفوف، سواء في إطار المجلس المركزي أو بين القوى
الوطنية.
هذه القضية تُمثل
جزءا من نضالنا المستمر، ونحن كجبهة ديمقراطية نتصرف بناءً على قاعدة المعارضة،
وفق موقف واضح ورؤية استراتيجية، وما نقدمه من معالجات وحلول داخل إطار المؤسسة
الوطنية، كما أننا نقف في موقع المعارضة للسياسات الحالية، ومعارضتنا تتركز تحديدا
على عدم تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي.
هل
هناك فصائل فلسطينية أخرى تسعى لعقد اجتماع جديد للمجلس المركزي؟
هناك فصائل
أخرى طالبت بتطبيق قرارات المجلس المركزي، مثل حزب الشعب، وهو أحد الفصائل التي
شاركت في الاجتماعات، كما يمكن الإشارة أيضا إلى حزب "فدا"، بالإضافة
إلى الفصائل العاملة بالخارج، وأعني هنا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحركة
حماس، وحركة الجهاد الإسلامي؛ ففي جميع بياناتهم السابقة، كانوا يطالبون بتطبيق
قرارات المجلس المركزي، والتي نعتبرها تُمثل موقع إجماع حتى بين الفصائل التي لم
تشارك في اجتماعات ودورات المجلس المركزي الأخيرة.
هل
تتوقعون مشاركة حركتي حماس والجهاد الاسلامي في الاجتماع المرتقب للمجلس المركزي؟
المفترض أن
يسبق ذلك حوار، يجب أن يتم الحوار والتوافق على النتائج السياسية والتنظيمية، وهو
ما نعتبره مطلبا أساسيا بالنسبة لنا؛ فالتوافق على المخرجات هو الشيء الأهم في هذه
العملية.
حصل حوار في
بكين، وتم التوافق على بعض النقاط الأساسية، المفترض الآن أن يتم تنفيذ ما تم
التوافق عليه.
هل
هناك "إصلاحات ومطالب أمريكية" طُرحت على السلطة الفلسطينية خلال الفترة
الأخيرة؟
الإصلاحات
الأمريكية، سواء تلك المتعلقة ببنية النظام السياسي الفلسطيني نفسه، بما يشمل
الرئيس والنائب، أو تلك المرتبطة بالمساعدات، خاصة ما يتعلق برواتب الشهداء
والأسرى، والتي أثارت جدلا واسعا.
بناءً على هذه
الضغوط، تم تشكيل "هيئة التمكين"، التي يرفضها شعبنا، ويرفضها الأسرى
وأسر الشهداء، لأنها تحاول تحويل حقوقهم الوطنية إلى قضايا اجتماعية، مما يفقدها
بُعدها الوطني.
بالإضافة إلى
ذلك، هناك مطالب إصلاحية تتعلق بمناهج التربية والتعليم، ومطالب أخرى بشأن
الإعلام، مثل منع التحريض ضد الاحتلال الإسرائيلي، وذلك انطلاقا من اعتبارات أن
إسرائيل "صديق" وليس عدوا.
كما تتضمن
المطالب إصلاحات في القضاء والأجهزة الأمنية، بهدف إعادة صياغة العقيدة الأمنية
لتصبح عقيدة "شراكة وجوار"، وليس عقيدة موجهة ضد عدو.
هناك رؤية
واضحة لدى الجهات الداعمة لهذه الإصلاحات، وقد عبّروا عنها بأن القيادة السياسية
للسلطة الفلسطينية تحتاج إلى "تأهيل"، من وجهة نظرهم، لتكون قادرة على
تنفيذ إجراءات إصلاحية تجعلها مؤهلة لقيادة الشعب الفلسطيني أو الحصول على دعمهم،
بحيث تكون في موقع قيادة السلطة.
ما
موقفكم من هذه المطالب الأمريكية؟
نرفض هذه
المطالب تماما؛ فهي تتناقض مع موروثنا الوطني.
قضية الأسرى
والشهداء هي قضية نضالية بالدرجة الأولى، وطالما هناك احتلال، سيكون هناك أسرى
وشهداء؛ فهذا حق وواجب وطني يشكلان جزءا أصيلا من الموروث الوطني الفلسطيني، وهو
مرفوض من قبل شعبنا بأكمله إذا تم التعامل معه على أنه قضية اجتماعية.
وكذلك الأمر
بالنسبة للمناهج التعليمية، والخطاب السياسي، والخطاب الإعلامي، كل هذه المحاولات
هي بالنسبة لنا مرفوضة جملة وتفصيلا.
وحين نتحدث عن
الإصلاح، فإننا نتحدث عن إصلاح شامل، ومدخل هذا الإصلاح الشامل هو التوافق الوطني
وإجراء الانتخابات الديمقراطية.
ما
المأمول من الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمنطقة الشرق الأوسط
منتصف الشهر الجاري؟
الرئيس دونالد
ترامب معنيٌ بزيارة السعودية ودفع عجلة التطبيع، حيث يعتبر هذه القضية محورية
لمصالحه الاقتصادية ولإبرام اتفاقياته الاقتصادية التي تمثل البوصلة الأساسية
للسياسة الأمريكية كما عبّر عنها في خطابه عند توليه رئاسة الولايات المتحدة؛ فقد
وضع المصالح الاقتصادية كأولوية عليا للولايات المتحدة، والتطبيع يأتي ضمن رؤيته
لتحقيق تلك المصالح الاقتصادية.
ترامب يدرك أن
السعودية حتى الآن تربط خطواتها نحو التطبيع بحقوق الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة
الفلسطينية، ونأمل أن يستمر هذا الموقف الذي نعتبره هاما جدا.
ومع اقتراب
الزيارة، قد يتبع ترامب ذات النهج الذي اتبعه عند توليه الرئاسة، أي السعي لتهدئة
المنطقة؛ فحضوره إلى المنطقة مع استمرار الحرب الدامية في غزة كما نشهدها اليوم
سيكون أمرا مُعقّدا، ومن المحتمل أن يعمل على تحقيق تهدئة مؤقتة، لكن ذلك لن يكون
كافيا لإيقاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن مواصلة مشروعه العدواني. ذلك لأن مشروع
نتنياهو لا يقتصر فقط على السياسة، بل هو مشروع فكري وأيديولوجي متجذر.
هل
يمكن القول إن مخطط تهجير أهالي غزة فشل على أرض الواقع؟
حتى الآن، تم
إفشال السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى تهجير الشعب الفلسطيني، وذلك بفضل صمود
شعبنا أولا.
العالم شهد
هجرة الفلسطينيين من الجنوب باتجاه الشمال؛ فأبناء شعبنا في غزة، رغم أن بيوتهم
كانت مهدمة، عادوا إليها فرحين ومبتهجين، مؤكدين تمسكهم بأرضهم وديارهم.
كما أسهمت
جمهورية مصر العربية والأردن في إفشال هذه المخططات، حيث أكدتا بشكل واضح أنهما لن
يكونا شريكين في تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الشعب الفلسطيني، لما في ذلك من
مساس بالأمن القومي للبلدين.
السياسات
الإسرائيلية الحالية تعتمد على التجويع وحشد السكان في مناطق محددة بهدف التهجير،
وعلى الرغم من حجم الضغوط الهائلة التي تُمارس لتحقيق هذا الهدف، فإن شعبنا متمسك
بأرضه، وقد يؤدي هذا الضغط إلى تهجير بعض السكان، وهنا تقع المسؤولية على الدول
العربية لمنع حدوث ذلك.
يجب أن تبذل كل
الضغوط وتُوظف جميع الطاقات والإمكانات من أجل رفع هذا الظلم عن الشعب الفلسطيني
وأهلنا في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية اللازمة.
سياسة التجويع
من أجل التهجير هي سياسة فاشية ومدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية في عهد
ترامب، وفي ظل صمت إقليمي ودولي مُطبق.
لذلك، على
الدول العربية والإسلامية أن تتحرك بجدية ضد سياسات التهجير، وأن تعمل على تنفيذ
قرار إعمار غزة، وفق ما تم الاتفاق عليه في القمم العربية والإسلامية، ويجب أن
تضغط بكل ما تملك من إمكانات، وهي تمتلك الكثير، لمنع تهجير الشعب الفلسطيني.
كيف
تنظرون لمطالب البعض بنزع سلاح المقاومة مقابل إعادة إعمار غزة؟
أعتقد أن جميع
أبناء شعبنا يرفضون التنازل عن حقهم في المقاومة، باعتبارها حقا مشروعا للشعب
الفلسطيني؛ فعلينا ألا نضع هذا الحق في مقابل أي اعتبارات أخرى.
من جهة أخرى،
قد تكون حركة حماس قد طرحت فكرة التهدئة وإعادة الإعمار ضمن إطار عملية وقف إطلاق
نار شاملة، وفي هذا السياق، تسحب إسرائيل قواتها من غزة بالكامل، ومن ثم الانتقال
إلى عملية الإعمار.
موقع
"ميدل إيست آي" البريطاني كشف أن الرئيس محمود عباس سيزور لبنان في 19
أيار/ مايو الحالي بطلب سعودي، وسوف يُقدم للسلطات في بيروت خطة تقضي بنزع سلاح
فصائل المقاومة الفلسطينية في المخيمات.. ما تعقيبكم؟
توجد اتفاقيات
بين السلطة اللبنانية ومنظمة التحرير وقيادة الفصائل الفلسطينية، تقضي بأن السلاح
الموجود في المخيمات هو لأغراض أمنية داخلية خاصة بالمخيمات، أي أنه مُخصص لمتابعة
القضايا الجنائية أو الحالات التي تتطلب تدخل الأمن الداخلي، وليس لاستخدامه في أي
قضايا أخرى.
وللتوضيح بشكل
صريح، هذا السلاح ليس موجّها لمحاربة إسرائيل، بل هو مُخصص للأمن الداخلي فقط، ومن
الممكن البناء على النسق ذاته للاتفاقيات السابقة للتوصل إلى اتفاقيات مشابهة في
هذه المرحلة.