جنرال لبناني لـ"عربي21": أدعو لدمج مقاتلي حزب الله في صفوف الجيش (شاهد)
بيروت- عربي2106-May-2503:28 AM
0
شارك
العميد المتقاعد حسن جوني أكد أن "حل ملف سلاح حزب الله لا يمكن أن يتم بالمواجهة بل يتطلب تفاهما وطنيا شاملا يُنهي حالة الانقسام"- عربي21
قال نائب رئيس أركان الجيش اللبناني
السابق، العميد حسن جوني، إن لبنان يعيش حاليا
"حالة حرب فعلية أحادية الجانب مع إسرائيل"، مُحذّرا من الاستهانة
بتصعيد الاحتلال على الحدود الجنوبية، والذي اعتبره "أبعد من مجرد خروقات
عسكرية بل يأتي ضمن سياق عدوان استراتيجي مستمر".
وفي مقابلة مصورة مع
"عربي21"، أضاف جوني أن "السلاح في لبنان يجب أن يكون حصريا بيد
الدولة"، لكنه شدّد في المقابل على أن "نزع سلاح حزب الله لا يمكن أن
يتم إلا في إطار حل سياسي شامل، يتضمن انسحابا إسرائيليا كاملا من الأراضي
اللبنانية المُحتلة، وضمانات دولية واضحة لسيادة لبنان".
وأكد العميد اللبناني أن "حزب
الله خرج مُنهكا بشكل كبير من هذه الحرب، التي شهدت اغتيال قادته وأمينه العام،
وتدمير جزء كبير من قدراته البشرية والتسليحية، مؤكدا أن "الحزب يواجه صعوبات
كبيرة في إعادة بناء ترسانته العسكرية، باتت قوته العسكرية ضعيفة للغاية".
كما أشار إلى أنه "أصبح من
المستحيل لحزب الله الوصول إلى الحدود مع إسرائيل، نتيجة انتشار الجيش اللبناني
وتطبيق القرار 1701 جنوب نهر الليطاني، مما يمنع أي وجود مسلح للحزب في تلك
المنطقة. وبالتالي قدرة حزب الله باتت ضعيفة جدا بعد هذه الحرب، وإمكانية استئناف
الحرب من جانبه تبدو شبه مستحيلة".
وذكر جوني أن "حل ملف سلاح حزب الله لا يمكن أن يتم بالمواجهة أو فرض
الشروط، بل يتطلب تفاهما وطنيا شاملا يُنهي حالة الانقسام، ويؤسس لمرحلة جديدة
تُعيد الاعتبار للمؤسسات الشرعية"، داعيا لاستيعاب عناصر حزب الله في
المؤسسة العسكرية، و"هذا أمر ممكن من خلال آلية فردية تلتزم بالعقيدة الوطنية
للجيش".
واستطرد نائب رئيس أركان الجيش
اللبناني السابق، قائلا: "حزب الله ليس غريبا عن المجتمع اللبناني، بل هو
مكوّن لبناني له بيئته وامتداداته، وأي عملية دمج أو استيعاب يجب أن تراعي هذه
الحقيقة دون أن تُفرّط بسيادة الدولة أو توازن المؤسسة العسكرية".
وإلى نص المقابلة المصورة مع "عربي21":
كيف ترى الخروقات
الإسرائيلية المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان؟
الخروقات الإسرائيلية لم تعد تُسمى
خروقات، بل هي في حقيقتها استئناف للحرب من طرف واحد، أو من جهة واحدة، وهي
إسرائيل؛ فما يجري الآن أكبر وأبعد وأخطر من مجرد خروقات؛ إنه استمرار للحرب
لتحقيق أهداف استراتيجية تسعى إسرائيل للوصول إليها، وقد تصل هذه الأهداف إلى مواصلة
الضغط العسكري حتى تحقيق ترتيبات سياسية معينة، لذا هي لم تعد مجرد خروقات، بل
استمرار للحرب.
وقد شاهدنا قبل أيام مشهدا جديدا من
مشاهد هذه الحرب، حيث تم استهداف الضاحية الجنوبية، التي تعد إحدى ضواحي العاصمة
بيروت، بثلاثة صواريخ خلال النهار، هذا الاستهداف المريب أدى إلى حالة من النزوح
بين السكان وإلى إرباك كبير.
وكان الهدف منشأة مُخصّصة لإقامة
احتفالات دينية، لذا فإن الأمر تخطى مسألة الخروقات البسيطة، ونحن الآن في حالة
حرب أحادية الجانب.
ما مستقبل اتفاق وقف إطلاق
النار والجهود المبذولة لتطبيق القرار الدولي 1701؟
يبدو أن لبنان هو الجانب الوحيد المُلتزم
بهذا الاتفاق حتى الآن، في حين أن إسرائيل لم تفِ بالتزاماتها منذ لحظة توقيع
الاتفاق وحتى سريانه؛ فقد امتنعت عن الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية وفقا
لما نصّ عليه الاتفاق، ولم تلتزم بوقف الهجمات، بل واصلت خروقاتها وكأنه استئناف
للحرب.
يبدو أن الدولة اللبنانية ستبقى مُلتزمة
بالاتفاق من جانبها، ربما لأن خياراتها محدودة، ولا تملك سوى تطبيق القرار 1701
والسعي لانتزاع أي ذريعة قد تستغلها إسرائيل لمتابعة اعتداءاتها؛ حتى تستطيع لبنان
مطالبة الجهات الدولية الضامنة والراعية للاتفاق -خاصة الولايات المتحدة الأمريكية
وفرنسا- بالضغط على إسرائيل لضمان التزامها بالاتفاق.
لكن على الرغم من استمرار العمل
بالاتفاق من الناحية الشكلية، فإنه بالنسبة لإسرائيل يبدو وكأنه مجرد "حبر
على ورق"، ومع ذلك، لا يزال الاتفاق قائما على الأقل من الجانب اللبناني،
وبخصوص الموقف الدولي، فإن لجنة المراقبة المكلفة بمتابعة تنفيذه لا تزال موجودة،
لكن الاتفاق نفسه غير مُحترم على الإطلاق من قِبل إسرائيل.
كيف ترى تحركات الحكومة
اللبنانية من أجل إجبار إسرائيل على الانسحاب من كافة أراضي لبنان؟
تواصل الدولة اللبنانية، وعلى رأسها
السلطات الرئيسية في البلاد مُمثلة برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، الضغط على
المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، لحث إسرائيل على
استكمال انسحابها من جنوب لبنان وفقا لبنود الاتفاق إلى ما وراء الخط الأزرق.
الآن هناك إشكالية تتعلق بهذا الملف؛
إذ يطالب المجتمع الدولي بنزع سلاح حزب الله وتطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة
اللبنانية، وهو القرار الذي أعلنته الدولة اللبنانية على لسان رئيس الجمهورية.
لكن لبنان يُشدّد على ضرورة أن تلتزم
إسرائيل أولا بانسحابها الكامل من الجنوب إلى خلف الخط الأزرق قبل الحديث عن سحب
السلاح؛ وذلك للمساعدة في تمكين الدولة اللبنانية من معالجة الملفات الداخلية، لا
سيما تلك المتعلقة بحصر السلاح بيد الدولة.
هنا تبرز الإشكالية في نقطة البداية،
حيث يبدو أن الأمر يحتاج إلى تفاوض أكثر من مجرد ضغوط دبلوماسية. وهنا أقصد
التفاوض غير المباشر الذي نصّ عليه الاتفاق بالأساس، والذي يهدف إلى إقامة حوار
غير مباشر بين الدولتين لحل القضايا الحدودية. وبالتالي، قد يكون الحل الأمثل هو
الدخول في تفاوض غير مباشر تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة،
لتنسيق هذه المسألة بين سحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وبين تنفيذ قرار حصر
السلاح بيد الدولة اللبنانية.
هل تعتقد أن هناك إمكانية
لتحرير جميع الأراضي اللبنانية قريبا؟
إذا كانت هناك نوايا دولية جادة
لإنهاء هذا الملف وإيجاد تسوية لهذه الأزمة، فإنها تستطيع الضغط على إسرائيل لسحب
جنودها من مواقعها في جنوب لبنان.
هذه المواقع الخمسة، التي لا تحمل أي
قيمة عسكرية حقيقية، ويبرر الاحتلال الإسرائيلي وجوده فيها بزعم حماية المستوطنات،
لكن عمليا، هذا الوجود العسكري لا يؤدي إلى حماية تلك المستوطنات، خاصة أن الحماية
يمكن تحقيقها باستخدام تقنيات متطورة مثل الطائرات المسيّرة (الدرون) ووسائل
المراقبة الجوية الحديثة.
إن مسألة بقاء إسرائيل في جنوب لبنان
تبدو ذريعة غير مقنعة وغير ذات جدوى ميدانية أو عسكرية، وهذا الوجود ما هو إلا
أداة ضغط على الجانب اللبناني بهدف دفعه نحو سحب سلاح حزب الله.
الموضوع يحتاج إلى ترتيبات دقيقة قد
تؤدي إلى حلول تتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية خلف الخط الأزرق بالتوازي مع تنفيذ
عملية حصر السلاح وتطوير استراتيجية للأمن الوطني اللبناني.
ربما تكون الحلول ممكنة إذا تمكنت
الجهود الدولية والإقليمية من إعادة ترتيب الملفات الإقليمية بطريقة تنعكس إيجابا
على الوضع المُعقّد بين لبنان وإسرائيل.
كيف ترى أزمة حصر السلاح
بيد الدولة وأجهزتها الأمنية، وهل سيكون عام 2025 عاما لحصر السلاح بيد الدولة؟
تتمثل الإشكالية الداخلية في لبنان في
مسألة سلاح حزب الله، وهي قضية خلافية تثير جدلا بين اللبنانيين، وقد اتخذت الدولة
اللبنانية قرارا أكد عليه رئيس الجمهورية، يقضي بأن يكون العام 2025 هو عام احتكار
السلاح بيد الدولة اللبنانية.
إلا أن المواقف لا تزال متباينة، خاصة
في ظل موقف حزب الله الأخير الذي أعلن فيه عن نيته بعدم تسليم سلاحه، مطالبا
بانسحاب إسرائيل الكامل من جنوب لبنان أولا قبل الحديث عن أي خطوات بشأن تسليم
السلاح.
أعتقد أن الأمر يحتاج إلى تدخل دولي
أقوى للضغط على إسرائيل لسحب قواتها من جنوب لبنان، وكما ذكرت: ربما تكون
المفاوضات الجارية حاليا بين الولايات المتحدة وإيران، وما قد تسفر عنه من نتائج،
ذات انعكاسات إيجابية على هذا الملف، بما يساعد في تحقيق الخطوة الأساسية المُتمثلة
في احتكار السلاح بيد الدولة اللبنانية.
هل يمكن دمج مقاتلي حزب
الله ضمن صفوف الجيش اللبناني أم لا؟
هذا الأمر وارد، وقد أشار إليه رئيس
الجمهورية، وهناك سابقة مشابهة حدثت في لبنان بعد انتهاء الحرب الأهلية وتوقيع
اتفاق الطائف عام 1990، حيث تم استيعاب عناصر الميليشيات التي كانت تتقاتل، وضمها
في صفوف الجيش اللبناني.
هناك إمكانية لدى الجيش اللبناني
لاستيعاب مقاتلي حزب الله، ولكن هذا الاستيعاب يتم بشكل فردي، أي استيعاب أفراد
وليس مجموعات أو تكتلات معينة.
عملية الاستيعاب تشمل خضوع الأفراد
لدورات تنشئة وطنية وعسكرية لإعدادهم للانخراط ضمن صفوف الجيش، وهناك الكثير من
مقاتلي حزب الله المدربين والمحترفين الذين يمكن الاستفادة من خبراتهم داخل
المؤسسة العسكرية، مما يجعل هذه الخطوة عملية وقابلة للتنفيذ.
في رأيي، على مستوى القاعدة الشعبية،
يمكن تحقيق هذه الخطوة دون أن تتعارض مع أي مفاهيم أخرى، مثل العقيدة الدينية أو
غيرها؛ فالعقائد الدينية أو ولاية الفقيه، إن وجدت، قد تكون أكثر تجذرا لدى
القيادات والكوادر العليا في حزب الله، وهؤلاء غير معنيين بالاستيعاب.
أما المقاتلون من القواعد، فلا أعتقد
أن هناك مشكلة في انضمامهم إلى الجيش، شريطة أن يكون الدخول إلى الجيش والاستيعاب
ضمن إطار عقيدة المؤسسة العسكرية الوطنية.
هل هناك جهات إقليمية
ودولية تضغط على لبنان من أجل نزع سلاح حزب الله؟
نعم، تواجه لبنان ضغوطا كبيرة من
الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، بالإضافة إلى الضغوط العسكرية
الإسرائيلية؛ فكل ما نشهده الآن من استمرار الهجمات على لبنان يندرج ضمن إطار
الضغط على الدولة اللبنانية وعلى حزب الله للإسراع في تنفيذ مسألة احتكار السلاح
بيد الدولة.
الضغط الأمريكي واضح من خلال الزيارات
المتكررة للمبعوثين الأمريكيين إلى لبنان، والذين يسعون بشكل مستمر لدفع الدولة
اللبنانية نحو تنفيذ هذه الخطوة.
بالطبع، هناك ضغوط دولية مكثفة تجاه
مسألة سحب سلاح حزب الله، وهو ما يُعقّد الموقف أكثر، لكن يجب أن تترافق هذه
الضغوط مع ضغوط مُماثلة على إسرائيل لضمان انسحابها الكامل من جنوب لبنان، مما يُمكّن
الدولة اللبنانية من تحقيق هذه الخطوة.
هل أن يمكن أن تفرض أمريكا
عقوبات ضد لبنان في حال عدم الالتزام بنزع سلاح حزب الله؟
هذا الأمر وارد، لكن ليس بالضرورة أن
يكون موجها ضد الدولة، بل قد يستهدف أشخاصا أو أفرادا أو مسؤولين بعينهم، وقد صرّحت
المبعوثة الأمريكية إلى لبنان، مورغان ديان أورتاغوس، بأن الولايات المتحدة قد
تعيد النظر في شراكتها مع لبنان إذا لم يتم تنفيذ خطوة نزع سلاح حزب الله، وألمحت
إلى أن الشراكة اللبنانية- الأمريكية قد تتوقف إذا لم تُتخذ هذه الخطوة.
السفير الإيراني في لبنان،
مجتبى أماني، قال إن "مشروع نزع السلاح هو مؤامرة واضحة ضد الدول، خاصة أن
أمريكا تزوّد الكيان الصهيوني بأحدث الأسلحة والصواريخ".. ما تعقيبكم؟
أثار السفير الإيراني في لبنان
إشكالية داخلية من خلال تغريدته الأخيرة تلك، التي اُعتبرت إلى حد ما متعارضة مع
قرار الدولة اللبنانية الرامي إلى احتكار السلاح.
هذا الأمر دفع وزير الخارجية اللبناني
إلى استدعائه، حيث اُعتبرت التغريدة تدخلا في شؤون الدولة اللبنانية، خاصة أنها
تخالف سياسة وقرارات الدولة بهذا الشأن.
العلاقة بين لبنان وإيران بحاجة إلى
إعادة نظر وترتيب وتنسيق شامل؛ إذ كانت هذه العلاقة أكثر ارتباطا بين إيران وحزب
الله منها بالدولة اللبنانية، نتيجة الظروف السياسية السابقة.
ومن الأمثلة على تُعقّد هذه العلاقة:
حظر هبوط الطائرات الإيرانية في مطار بيروت، وهو وضع غير صحي؛ فنحن بحاجة إلى
علاقة جيدة مع إيران كدولة لبنانية، انطلاقا من الروابط الدينية والثقافية الكبيرة
التي تجمع شريحة واسعة من اللبنانيين مع الدولة الإسلامية في إيران، لذا يجب أن
تكون هناك علاقات جيدة لكن ضمن الإطار الرسمي للدولة اللبنانية، إذا العلاقة تحتاج
إلى "إعادة تنظيم" بالمعنى الدبلوماسي للكلمة.
ماذا عن رؤيتكم لمستقبل
العلاقة بين حزب الله وإيران؟
ستبقى العلاقة بين حزب الله وإيران
قائمة، نظرا للارتباط الثقافي والعقائدي بين الطرفين، لكن المسألة ترتبط بمدى
التزام حزب الله بقرارات الدولة اللبنانية المتعلقة بحصر السلاح، وإذا كانت هذه
العلاقة محصورة في الإطار الثقافي والعقائدي فهي علاقة طبيعية.
لبنان يتكوّن من مجموعة مكونات طائفية
مختلفة ومتنوعة، ولكل منها علاقاتها المميزة مع دولة أخرى انطلاقا من الروابط
الدينية والثقافية، وهذا أمر طبيعي لا يعيق وحدة الدولة ولا يمس سيادتها.
أما أن تكون العلاقة بين إيران وحزب
الله ذات طابع "تسليحي" أو مرتبطة بالدور العسكري لحزب الله فهذا الأمر
لم يعد مقبولا أو ممكنا بعد كل المتغيرات التي حدثت في لبنان والمنطقة.
ما دلالات غياب بند
"المقاومة" عن البيان الوزاري للحكومة الجديدة لأول مرة منذ 25 عاما؟
يُعتبر البيان الوزاري في هذه الناحية
تحوّلا حقيقيا في الخيارات الاستراتيجية للدولة اللبنانية، حيث تتماهى هذه التحوّلات
مع قرار الدولة باستعادة دورها وسيادتها واحتكارها لقرار الحرب والسلم.
هذه المعادلة (الجيش+ الشعب+
المقاومة) كانت في وقت ما ضرورة أدت إلى تحرير الأرض، لا سيما قبل العام 2000، مما
أسفر عن تحرير جنوب لبنان، لكن بعد ذلك، دخل هذا السلاح في أدوار إقليمية تجاوزت
الإطار الوطني، وباتت المقاومة نقطة خلافية في المجتمع اللبناني.
ونظرا لنتائج الحرب الأخيرة،
والتغيرات التي شهدتها المنطقة، بالإضافة إلى الاعتبارات الداخلية، والخلافات
اللبنانية حول سلاح حزب الله، حان الوقت لأن تستعيد الدولة قرار الحرب والسلم بشكل
أساسي، وأن تحتكر السلاح.
وهكذا جاء البيان الوزاري مُعبّرا عن
هذا الخيار الاستراتيجي الذي يجمع عليه اللبنانيون بشكل كبير.
برأيك، هل حكومة نواف سلام
قادرة على حل أزمة ملف السلاح مع حزب الله؟
هذا الأمر يتطلب تعاون جميع
اللبنانيين، وخاصة حزب الله نفسه، نظرا لوجود إشكاليات وتحديات وتهديدات تواجه
الواقع اللبناني، كما أن هناك مخاطر تستدعي من حزب الله المساهمة في إيجاد الحلول
المناسبة لها.
مسألة إعادة الإعمار في لبنان لا تزال
مُعطّلة وممنوعة إلى حين إيجاد حل لسلاح حزب الله. بالإضافة إلى ذلك، يعاني لبنان
من أزمة اقتصادية عميقة وحادة، وتتعرض البلاد لضغوط وحصار اقتصادي كبير، أيضا
علاقات لبنان مع العالم بأسره أصبحت مُعقّدة، وباتت مشكلة حزب الله تُستعمل ضدنا.
كل هذه القضايا مرتبطة بشكل مباشر بحل
مشكلة سلاح حزب الله، لذا يتوقف تعافي لبنان واستعادة النهوض الاقتصادي والسياسي
على إيجاد تسوية شاملة لهذه القضية، وعلى حزب الله أن يلعب دورا إيجابيا في
المساهمة لإيجاد الحلول، وعلى الجميع أن يفكر بمسؤولية تجاه المواطنين، وتجاه
المجتمع اللبناني.
بالإضافة لضرورة دعم المجتمع الدولي
للحكومة اللبنانية وخاصة الدول الصديقة، والدول الراعية والضامنة للاتفاق الموقع
مع إسرائيل، وأيضا الدول العربية وإيران، وغيرها من الدول عليهم جميعا أن يدعموا
لبنان.
من حق الحكومة اللبنانية أن تعمل على
استعادة سيادة الدولة، ومن حق حزب الله أيضا أن يطالب بضمانات تحمي جنوب لبنان؛
فالخيارات الدبلوماسية والقرارات الدولية لم تقدم حتى الآن ضمانات مشجعة لحماية
لبنان، خاصة في ظل انتهاكات إسرائيل المستمرة للقرارات الدولية دون أي رادع، لذا
من حق حزب الله أن يُشدّد على ضرورة وجود ضمانات تضمن أمن الجنوب اللبناني.
هذا الموضوع لا يتعلق فقط بحزب الله،
بل هو مسؤولية وطنية تتحملها الدولة اللبنانية بأكملها، والحكومة اللبنانية تطالب
بذلك أيضا، لذا نحن بحاجة إلى دعم دولي كبير في هذا الاتجاه، بالإضافة إلى تعزيز
التعاون الداخلي، وتحقيق وحدة القرار على مستوى الداخل اللبناني.
حل ملف سلاح حزب الله لا يمكن أن يتم
بالمواجهة أو فرض الشروط، بل يتطلب تفاهما وطنيا شاملا يُنهي حالة الانقسام، ويؤسس
لمرحلة جديدة تُعيد الاعتبار للمؤسسات الشرعية، ونؤكد أن الأولوية اليوم يجب أن
تكون لوقف العدوان الإسرائيلي، وتحصين الجبهة الداخلية من الانهيار، لأن أي نقاش
في الملفات الكبرى كالسلاح أو الاستراتيجية الدفاعية يجب أن يتم في ظروف هادئة، لا
تحت القصف والتجاذب السياسي.
ما مدى قوة حزب الله اليوم
مقارنة بقوته وسلاحه قبل الحرب؟
حزب الله خرج مُنهكا بشكل كبير من هذه الحرب، التي شهدت اغتيال قادته
وأمينه العام، وتدمير جزء كبير من قدراته التسليحية، ولا تتوفر معلومات دقيقة بهذا
الشأن، لكن آلاف الغارات الإسرائيلية استهدفت مخازن صواريخ الحزب، مما أدى إلى
تراجع ملحوظ في قوته العسكرية.
ومع ذلك، لا يزال حزب الله يمتلك بعض القدرات، حيث أطلق قبل توقيع
الاتفاق بيومين فقط نحو 400 صاروخ على إسرائيل، وهو ما يؤكد أنه لم يفقد سلاحه
بالكامل، لكن هذه القدرات باتت أقل مستوى وفعالية مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه الحزب صعوبات كبيرة في إعادة بناء ترسانته
العسكرية، نتيجة التحوّلات الإقليمية التي حدثت في سوريا، وانقطاع شريان الدعم
الذي كان يحصل عليه سابقا من إيران إلى لبنان. وبالتالي، باتت قوته العسكرية ضعيفة
للغاية، وغير كافية لاستئناف الحرب مع إسرائيل.
على الصعيد البشري، تعرّض الحزب لخسائر كبيرة في صفوف عناصره
المتخصصين، بما في ذلك المهندسين والمحترفين وغير ذلك.
أما على الصعيد الداخلي اللبناني، فقد أصبح من المستحيل عمليا لحزب
الله الوصول إلى الحدود مع إسرائيل، نتيجة انتشار الجيش اللبناني وتطبيق القرار
1701 جنوب نهر الليطاني، مما يمنع أي وجود مسلح للحزب في تلك المنطقة. وبالتالي
قدرة حزب الله باتت ضعيفة جدا بعد هذه الحرب، وإمكانية استئناف الحرب من جانبه
تبدو شبه مستحيلة.
هل يمكن أن تكون مواجهات
بين الجيش اللبناني وحزب الله في حال تأزمت الأوضاع وأصرّ الحزب على تمسكه
بالسلاح؟
أستبعد بشدة إمكانية حدوث مثل هذا
السيناريو؛ فالجيش اللبناني هو جزء من الدولة اللبنانية، ويقوم بتنفيذ القرارات
السياسية الصادرة عن مؤسسات الدولة، كما أن حزب الله وحركة أمل، والجناح الشيعي
السياسي هو جزء الدولة اللبنانية، وبالتالي يستحيل اتخاذ قرار سياسي يأمر الجيش بمواجهة
مسلحة مع حزب الله.
بالإضافة إلى ذلك، فإن أي مواجهة من
هذا النوع قد تؤدي إلى سيناريوهات خطيرة، بما في ذلك اندلاع حرب أهلية أو انقسامات
داخل صفوف الجيش نفسه، الذي يضم عناصر وضباطا من الطائفة الشيعية، ومن غير المتوقع
أن يقبل هؤلاء الضباط والعناصر بمهاجمة بيئتهم الشيعية التي تعتبر الداعم الأساسي
لحزب الله.
الصدام بين الجيش وحزب الله أمر
مستبعد جدا وغير وارد مطلقا، لأنه لا يؤدي إلى حلول عملية، بل قد يفضي إلى حرب
أهلية.
البعض لديه مخاوف من
"تفكك الجيش اللبناني".. كيف ترى هذه المخاوف؟
أعتقد أن وحدة الجيش اللبناني وتماسكه
تظل أقوى بكثير من أي احتمالات أو قرارات تؤثر على هذه القوة، وكما ذكرت سلفا:
نستبعد تماما أي صدام بين الجيش وحزب الله.
وحدة الجيش وتماسكه ستبقى صامدة دون
أي خطر يهددها، والمؤسسة العسكرية تعيش اليوم حالة من التماسك الداخلي والالتزام
بعقيدة وطنية راسخة أمام أي محاولات قد تستهدف زعزعة استقرارها أو دورها الوطني.
كيف يمكن تحصين المؤسسة
العسكرية من الانقسامات؟
المؤسسة العسكرية في لبنان محمية
بالقرار الوطني السياسي، الذي يُشكّل الإطار الأساسي للأوامر الصادرة للجيش.
واليوم، القرار السياسي في لبنان
ينطلق من إجماع أو توافق المكونات الأساسية في لبنان، لذا لن يتم إصدار أي أوامر
للجيش إلا بناءً على إجماع سياسي لبناني.
مهمات الجيش دائما وطنية الطابع، ولا
يوجد أي خطر في تنفيذها، بل على العكس، هذه المهمات الوطنية تعزز تماسك الجيش
وتدفعه إلى العمل بإرادة وطنية مشتركة؛ هناك عقيدة وطنية راسخة تنسجم مع العقيدة
السياسية للدولة اللبنانية، وتجمع جميع العسكريين تحت لواء هذه العقيدة الوطنية،
مما يعزز وحدة المؤسسة العسكرية.
لذلك، مسألة وحدة الجيش تُعد حاسمة،
ولا خوف عليها.
هل تؤيد مقترحات تدويل ملف
الجنوب اللبناني؟
لا أعلم مَن يطرح اليوم تدويل ملف
الجنوب؛ فالواقع أن الجنوب اللبناني يخضع حاليا من الناحية الأمنية، لمندرجات
القرار الدولي 1701، وما يحتاجه الجنوب الآن ليس التدويل، بل عملية إعمار واسعة
النطاق؛ إذ تعاني المنطقة من دمار كبير نتيجة الحرب والاعتداءات الإسرائيلية
الهمجية.
الدولة اللبنانية، وبسبب الأزمة
الاقتصادية الخانقة عاجزة عن تنفيذ هذه المهمة لوحدها، مما يستدعي دعما خارجيا
لإعادة إعمار الجنوب.
وإذا كان هناك أي دور دولي مطلوب،
فيجب أن يكون في إطار تقديم الدعم الاقتصادي والإنساني، وليس في البُعد السياسي أو
الأمني؛ فالجنوب منطقة تخضع بالكامل لقرارات الدولة اللبنانية، ولا حاجة لأي تدخل
دولي في هذا السياق.
على الصعيد الأمني، يتم تطبيق القرار
1701 من قِبل الجيش اللبناني بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل). ولكن
يبقى على إسرائيل الالتزام بالاتفاق وسحب قواتها خلف الخط الأزرق، كما نص اتفاق
الهدنة عام 1949، الذي أُدرج أيضا في القرار 1701 واتفاق الطائف.
هذا الإطار يُشكّل حالة توافق عليها
اللبنانيون في التعامل مع إسرائيل، في سياق إدارة الصراع، لذلك لا حاجة لأي تدويل،
ولم يُطرح هذا الأمر بشكل جدي.