سياسة دولية

إسرائيل تخترق "ممر داوود".. هل يتوصل أردوغان وترامب لاتفاق بشأن سوريا؟‎

ترامب ينطلق من اعتبارات اقتصادية، ويسعى لتقليل التورط العسكري الأمريكي- جيتي
ترامب ينطلق من اعتبارات اقتصادية، ويسعى لتقليل التورط العسكري الأمريكي- جيتي
نشر موقع "أوراسيا دايلي" الروسي، تقريرا، ترجمته "عربي21"، تناول مساعي الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لترتيب لقاء مع نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، في البيت الأبيض.

ولفت التقرير إلى ما نقلته وكالة "بلومبيرغ" في آذار/ مارس الماضي، عن مسؤولين أتراك وصفوا بكونهم "مطّلعين على الأمر"، حول أنّ: "أردوغان يرى أن توثيق العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا يعد أمراً "حيوياً" للاستقرار الإقليمي، لا سيما في ظل سعي أنقرة للعب دور وساطة أكثر فعالية في النزاعات الممتدة من أوكرانيا إلى سوريا".

وتابع: "في غضون ذلك، ظهرت الشهر الماضي معلومات عن خطط ترامب لزيارة تركيا، ضمن جولة شرق أوسطية، قد تتم في أيار/ مايو الجاري"، فيما نقلت صحيفة "حرييت" التركية، توقّعات مفادها أنّ: "هناك احتمال أن يزور ترامب تركيا بعد زيارته للسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة". 

وأضاف: "إذا لم يحدث ذلك، فمن المقرر أن يقوم الرئيس أردوغان، بزيارة إلى الولايات المتحدة في حزيران/ يونيو. ويبدو أن لدى الحليفين في الناتو الكثير لمناقشته، حيث تراكمت على جدول الأعمال الأمريكي- التركي العديد من القضايا التي تتطلب توضيحاً".

 "من أبرز هذه الملفات التطورات المحيطة بسوريا، وصفقة الأسلحة الكبرى المتعلقة بمقاتلات الجيل الخامس "إف-35"، التي جمدت الولايات المتحدة تسليمها لتركيا في عام 2019 خلال ولاية ترامب الرئاسية الأولى، على خلفية شراء أنقرة منظومات الدفاع الجوي الصاروخية الروسية "إس-400" بحسب التقرير نفسه.

وأردف: "خلال اتصال هاتفي جرى في 16 آذار/ مارس، ناقش الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الأمريكي، دونالد ترامب، جملة من القضايا من بينها جهود إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، واستعادة الاستقرار في سوريا".

وأكد أردوغان لترامب دعمه "لمبادراته الحاسمة والمباشرة" لوقف القتال بين روسيا وأوكرانيا، وتعهد بمواصلة السعي لتحقيق "سلام عادل ودائم"، وذلك حسب بيان للرئاسة التركية. 

إلى ذلك، أبرز التقرير أنه: "في ظل خطط واشنطن لتقليص وجودها العسكري في سوريا، ومساعي أنقرة لإبعاد الولايات المتحدة عن حليفها الوحيد "على الأرض" هناك، المتمثل في "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ذات الغالبية الكردية، فإن ملف التعايش بين أنقرة وواشنطن في سوريا سيكون أحد أبرز محاور اللقاء المرتقب بين الرئيسين".

اظهار أخبار متعلقة


العامل الإيراني و"العبور السوري"
يبرز في قلب المحادثات العامل الإيراني، حيث دخلت إدارة ترامب في مفاوضات مع طهران، للتوصل لصفقة نووية جديدة. ورغم عقد جولتين من المباحثات في عُمان وإيطاليا، لم تتخل إسرائيل عن استعدادها لشن عمل عسكري ضد منشآت طهران النووية والاستراتيجية. بل على العكس، ظهرت معلومات تشير لـ"بدء تل أبيب تدريبات فعلية على "ضربات استباقية" ضد إيران، لمنعها من امتلاك أسلحة دمار شامل".

 ونقلت صحيفة "حرييت" التركية عن مصادرها أنّ: "الولايات المتحدة قد تطلب من تركيا عدم عرقلة استخدام الأجواء السورية في حال نشوب مواجهة عسكرية مع إيران، والحفاظ على الحياد". 

وذكرت الصحيفة أنه: "إذا فشلت المفاوضات الأمريكية الإيرانية، ستكون إيران على جدول أعمال لقاء أردوغان وترامب. أردوغان يعارض بالطبع هجوما إسرائيليا على إيران، ويعتبره خطرا على المنطقة. لكن قد يُطلب من تركيا الحفاظ على الحياد في هذه الحرب وعدم عرقلة استخدام الأجواء السورية".

وكانت مصادر مطّلعة قد أفادت، في وقت سابق، بأنّ: "دول الخليج رفضت السماح للولايات المتحدة باستخدام أجوائها وأراضيها لشن هجوم محتمل على إيران. وهو ما دفع القيادة المركزية الأمريكية، المسؤولة عن الشرق الأوسط، إلى اختيار جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي كـ"نقطة انطلاق" لعملية أمريكية-إسرائيلية محتملة ضد إيران".

"حيث يتم حالياً حشد القوة الضاربة اللازمة، بما في ذلك قاذفات "بي-2 سبيريت" وطائرات نقل "سي-17" وطائرات تزويد بالوقود: كيه سي-135" تابعت المصادر نفسها.

وتعتبر سوريا، ومن ثم العراق، المسار الأقصر للطائرات الإسرائيلية في حال فشلت المفاوضات الأمريكية- الإيرانية وتقرّر مهاجمة إيران. وعلى الرغم من أن ترامب لا يبدو متحمساً حالياً لمثل هذه العملية عالية المخاطر، التي قد تشعل حرباً إقليمية واسعة، إلا أنه يشدد على ضرورة التوصل لصفقة "صارمة" مع طهران تمنعها من امتلاك أي قدرة نووية عسكرية.

"ممر داود" ومخاوف إقليمية
أوضح التقرير: "تنظر دولة الاحتلال الإسرائيلي بقلق بالغ إلى خطط تركيا لترسيخ وجودها العسكري الدائم في سوريا. وتزايد هذا القلق مع ورود أنباء عن منح السلطات الجديدة في دمشق أنقرة حق استخدام قاعدة "تياس" (T-4) الجوية في حمص، التي تقع على المسار المحتمل للطائرات الإسرائيلية نحو إيران، وكانت سابقاً مركزاً للدفاعات الجوية لنظام الأسد". 

وتابع: "بالتالي، من المرجح أن تضغط القيادة الإسرائيلية بقوة على إدارة ترامب لإثارة قضية "العبور السوري" المحتمل للطائرات الإسرائيلية خلال محادثاته مع أردوغان. ولا تقتصر تداعيات هذه التطورات على سوريا وإيران، بل تمتد لتثير قلق أرمينيا أيضاً".

وأبرز: "أي مواجهة مباشرة تنجر إليها طهران مع واشنطن وتل أبيب ستزعزع استقرار منطقة القوقاز الهش أصلاً، وسوف تضعف موقف إيران كداعم ليريفان في مواجهة أذربيجان".

"لذا، تولي يريفان أهمية كبرى لتوصل ترامب وأردوغان إلى اتفاق بشأن سوريا يقلل من مخاطر التصعيد، وتأمل أكثر في نجاح المفاوضات الأمريكية- الإيرانية، الأمر الذي من شأنه نزع فتيل أي مبرر إسرائيلي لمهاجمة إيران" وفقا للتقرير ذاته.

اظهار أخبار متعلقة


تحليلات وتصريحات
في مقابلة مع وكالة "أرمنبرس" في 22 نيسان/ أبريل، رأى الخبير بالشؤون العربية، آيك كوتشاريان، أنّ: "ترامب ينسّق خطواته في سوريا بشكل أساسي مع تركيا، معتبراً إياها عامل الاستقرار الرئيسي هناك".
وأشار كوتشاريان إلى أنّ: "تقليص الوجود الأمريكي مرتبط بـ"العامل الكردي" الذي يمثل "المشكلة الأكبر" أمام توحيد سوريا. ويرى أن واشنطن تدفع الأكراد للتفاوض مع دمشق ما يمثل "إضعافاً لدعمها لهم" بهدف تسهيل الحل".

ويعتقد الخبير أنّ: "ترامب ينطلق من اعتبارات اقتصادية، ويسعى لتقليل التورط العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، تاركاً الحلول للقوى الإقليمية (إيران، روسيا، تركيا)، مع مراقبة تحركاتها عن كثب". مضيفا أنّ: "وزن تركيا في الناتو والعلاقة الشخصية الجيدة بين ترامب وأردوغان يعززان دور أنقرة في السياسة الأمريكية".

وحول تصريح أردوغان الرافض لتقسيم سوريا، أكّد كوتشاريان أنه: "يجب فهمه في سياق "المواجهة التركية- الإسرائيلية في سوريا". وقال إن التصريح موجه لدولة الاحتلال الإسرائيلي التي تدعم "الطوائف الدرزية المحلية"، وتسعى عبر التحالف مع الأكراد لفتح ما يسمى "ممر داود" لـ "إقحامه بين الشيعة والسنة". 

وشدد على أنّ: "رفض أردوغان للتقسيم يستهدف هذا المخطط الإسرائيلي تحديداً".

اظهار أخبار متعلقة


مواقف روسيا وإيران
ختم التقرير بالقول إنّ: "روسيا وإيران تتابعان التطورات عن كثب. وتجري موسكو محادثات لاستئناف عمل "البيت الروسي" في دمشق، بينما لا يزال مصير قاعدتيها في حميميم وطرطوس غير محسوم بشكل نهائي". 

واستطرد: "أما إيران، فقد أبدت استعدادها للحوار مع السلطات السورية الجديدة، مدفوعة بالخطر الإسرائيلي المشترك. فالهجمات الإسرائيلية المستمرة بعد سقوط نظام الأسد جعلت طهران والحكومة الانتقالية في دمشق "شركاء بحكم الأمر الواقع" في مواجهة أي تقدم إسرائيلي جديد في العمق السوري".
التعليقات (0)