عادل بن عبد الله يكتب: التفكير في أسباب المأزق الفكري الذي يجد تعبيرته السياسية في فشل "الربيع العربي" وفي تحول "طوفان الأقصى" إلى مناسبة لتأكيد أنساق الذوات الجماعية وتجذير الانقسامات الحدية بينها، هو أمر يدفعنا إلى افتراضٍ مشروعٍ مداره أن نماذج الفهم والتفسير المتنافسة في تونس وغيرها -أي نماذج التغيير من منظور إصلاحي أو ثوري- لم تفشل فقط لأسباب خارجية، أي لأسباب مرتبطة بقوة المنظومات القديمة أو محور الثورات المضادة، بل فشلت أساسا لأنها في أفضل أحوالها قدمت عروضا لا علاقة لها بأي أفق ديكولونيالي، أي قدمت عروضا هي في جوهرها مجرد تنويعات في خدمة المنظومات النيوكولونيالية
عادل بن عبد الله يكتب: تشويش بعض العقول الموتورة على القافلة -من موقع التقاطع الموضوعي مع السردية الصهيونية- جعل السجال العمومي ينتقل من مستوى "تثمين" هذا الاختراق للأيديولوجيات المغلقة /السرديات الكبرى؛ إلى موقع دفاعي أساسه إنكار "اختراق" الإخوان للقافلة، أو عدم وجود نية لإحراج الأنظمة المطبّعة بدءا من شرق ليبيا، فتلك العقول الوظيفية لم تكن لتسمح بأي تقارب بين أصحاب السرديات الكبرى حتى في مستوى القضية الفلسطينية
عادل بن عبد الله يكتب: إذا كان العديد من رموز النخب الحداثية في تونس قد أخذوا مسافة نقدية من سردية "الاستبدال العظيم" القائمة على "العنصرية العرقية" والمرتبطة بهجرة الأفارقة من جنوب الصحراء إلى تونس ورفضوا الانخراط في الخطابات الشعبوية المحرّضة على الأفارقة بدعوى حماية التركيبة الديموغرافية للبلاد، فإنّ الأغلب الأعم من النخب "الحداثية" لم يستطيعوا التحرر من قبضة اليمين الغربي ومن "العنصرية الثقافية" أو "العنصرية التفاضلية" التي تحكم خطاباته في مستوى تعامله مع "الإسلام السياسي"
عادل بن عبد الله يكتب: مهما اختلفت السرديات السلطوية في استهداف الحركات الإخوانية بعد الثورات العربية، فإنها لا يمكن أن تُفهم إذا حصرناها في سياقاتها المحلية، أي إذا لم نربطها باحتياجات المشروع الصهيوني ورهاناته الاستراتيجية
عادل بن عبد الله يكتب: موازين القوى بين النظام وبين "العائلة الديمقراطية" تجعل السلطة في غنى عن أجسامها الوسيطة، وإن لم تكن مستغنية عن رساميلها البشرية باعتبارها خزانا استراتيجيا "للموظفين" بالمعنى السياسي للكلمة داخل سردية "تصحيح المسار". فالسلطة لا تحتاج إلى "شركاء" بل إلى "موظفين" لا يستقوون عليها بعصبيّاتهم الحزبية أو النقابية أو المدنية
عادل بن عبد الله يكتب: المجتمع المدني بمختلف مكوناته ظل في أغلب تعبيراته/ مواقفه من أهم العوائق التي حالت دون بناء ميثاق مجتمعي تعددي يتجاوز منطق الاستئصال و"التهميش" على أساس الهوية، وهو ما جعله قبل الثورة وبعدها أحد جناحي "منظومة التهميش". فإذا كانت النواة الصلبة لمنظومة الاستعمار هي المتسبب الأساسي في التهميش الاقتصادي والجهوي، فإن المجتمع المدني كان وما زال هو القيّم الأساسي على استراتيجية التهميش الأيديولوجي، وهو ما يجعله غير قادر على مغادرة مربع التبعية للنواة الصلبة لمنظومة الاستعمار الداخلي
عادل بن عبد الله يكتب: أزمة الحركة هي في وجه من وجوهها أزمة "داخلية" ولكنها في بعض وجوهها الأخرى أزمة العقل السياسي "الحداثوي"، وهي في التحليل الأخير "أزمة العقل السياسي التونسي" بمختلف سردياته يمينا ويسارا
عادل بن عبد الله يكتب: لن نجانب الصواب إذا ما سلّمنا بمنطق القائلين بأن "تصحيح المسار" لا يختلف عن التوافقات السابقة في النوع بل في الدرجة: التوافقات السابقة كانت تحتاج إلى أكثر من "شريك" بحكم منطق الديمقراطية التمثيلية" وتعدد الأجسام الوسيطة ومراكز القوى -المسنودة شعبيا- ولكن التوافق الحالي لا يحتاج إلا لشريك واحد وفره "تصحيح المسار" وجعله يستغني عن الأحزاب وباقي الأجسام الوسيطة إما باستهدافها أو بإضعافها وتحييدها
عادل بن عبد الله يكتب: تخصيص حركة النهضة بمطلب النقد الذاتي والمراجعة الجذرية لأسسها النظرية وممارساتها السياسية؛ لا يعبر عن "عقل نقدي" بقدر ما يعكس عقلا براغماتيا أو انتهازيا لا علاقة صميمية له بـ"التنوير" ولا بأي مبدأ من مبادئ الحداثة وما بعد الحداثة
عادل بن عبد الله يكتب: سواء اعتبرنا اليسار ابنا شرعيا أو طبيعيا لبورقيبة، فإننا لن نجانب الصواب إذا ما قلنا إنّ العودة إلى "البورقيبية" بـ"منطق استمرارية الدولة" لم يكن لينجح لولا تقاطع مصالح اليساريين وورثة المنظومة القديمة في عدم بناء سردية جديدة تصاحب "الثورة" وتستدمج الإسلاميين بالضرورة. ولذلك مثّلت البورقيبية مدخلا ملَكيا لتحقيق جملة من الاستراتيجيات
عادل بن عبد الله يكتب: لا تعنينا تدوينة السيد الخضراوي في هذا المقال إلا باعتبارها مدخلا جيدا لطرح سؤال ينتمي إلى دائرة "اللا مفكر فيه" في السجال العمومي التونسي: هل يعكس ترتيب تونس في التقرير السنوي لحرية الصحافة الذي تصدره منظمة "مراسلون بلا حدود" حرية حقيقية للإعلام خلال مرحلة "الانتقال الديمقراطي" وما بعدها؟
عادل بن عبد الله يكتب: عجز "النخب التونسية" عن بناء سردية مطابقة للحظة مأسسة استحقاقات الثورة، جعل الانتقال الديمقراطي في منطلقاته ومساراته ومآلاته مجرد عملية لإعادة التوازن للمنظومة القديمة ولخطابها الكبير الذي حكم تونس خلال اللحظتين الدستورية والتجمعية، أي جعل "التأسيس" لحظة استعادة الخطاب البورقيبي لمنزلة الخطاب المرجعي الذي تكتسب كل الخطابات المتنازعة شرعيتها بالاقتراب منه وتفقدها بالابتعاد عنه
عادل بن عبد الله يكتب: في أفضل "أمنيات" المعارضة فإن سقوط النظام الحالي لن يكون سقوطا لواقع التخلف والتبعية وفقدان مقومات السيادة ولا تجاوزا جدليا للأساطير المؤسسة للدولة-الأمة ومخيالها السياسي، بل سيكون نوعا من "التنفيس" الذي سيبقي على هيمنة منظومة الاستعمار الداخلي لكن بعد تغيير واجهاتها السياسية، كما فعلت بعد هروب المخلوع وطيلة "عشرية الانتقال الديمقراطي"
عادل بن عبد الله يكتب: لا يخرج موقف "الحداثيين التونسيين" من إيقاف إمام أوغلو عن الخط العام المعادي للإسلاميين داخل البلاد وخارجها. وهو خط يتقاطع موضوعيا -بل يتعامد وظيفيا- مع محور الثورات المضادة ومن ورائها "إسرائيل" ورعاتها في الغرب
عادل بن عبد الله يكتب: سنحاول في هذا المقال أن نفهم أسباب هذه المخاوف المَرضية على "الهوية التونسية" من كل خيار فكري أو سلوكي لا يخالف القانون؛ ولكنه يُشيطَن بصورة ممنهجة لمجرد عدم مطابقته للانحيازات التأكيدية للنخب "الحداثية" من جهة أطروحاتها حول بعض القضايا مثل "الهوية الجماعية" وحول دور الدين في بناء المشترك الوطني، ودور "الإسلاميين" في هندسة الفضاء العام بعيدا عن منطق التنافي والصراع الوجودي بينهم وبين العلمانيين
عادل بن عبد الله يكتب: لماذا تنتصر "الأقليات الأيديولوجية" في تونس لكل الأقليات في الداخل والخارج بصرف النظر عن مشروعها وشرعيتها؟ ولماذا تصرّ تلك "القوى الديمقراطية" دائما على وصم الأغلبية -ومن يمثلها- بالتطرف والإرهاب والرجعية والعمالة وغير ذلك من مفردات "القتل الرمزي" الممهّد أو المبرر للقتل المادي؟