قالت وكالة
بلومبرغ، إن مأدبة العشاء الرسمية التي أقيمت الشهر الماضي في البيت الأبيض على شرف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، جلس عليها أيضا كبار الشخصيات العالمية من أمثال تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة "أبل"، وجين فريزر من "سيتي جروب"، إلى جانب إيلون ماسك، فيما كانت تجلس لبنى العليان، الوجه المعروف لدى "
وول ستريت" والرياض على حد سواء.
وأبرزت مأدبة البيت الأبيض هذا النفوذ المتزايد لمجموعة العليان، وهي إمبراطورية أعمال سعودية واسعة النشاط تتسم بالكتمان وتقودها لبنى وشقيقتها حذام منذ عقود، ونشأت الشقيقتان في زمن لم يكن يُسمح فيه للنساء بقيادة السيارات، وكنّ يحتجن إلى إذن أولياء أمورهن لاستصدار جواز سفر، مع ذلك، فقد تمكنتا من قيادة هذه المجموعة العائلية لتصبح كيانًا عملاقًا يعمل على مستوى صندوق ثروة سيادي، وفق ما نقله تقرير الوكالة.
الثروة تتجاوز الـ100 مليار دولار
وتمكنت الشقيقتان من تحويل مجموعة العائلة، التي تأسست عام 1947 على يد والدهم سليمان العليان، إلى واحدة من أكبر التكتلات العائلية الخاصة وأكثرها تأثيراً على الساحة الدولية، بأصول تُقدّر بأكثر من 50 مليار دولار، وفق مؤشر “بلومبيرغ” للمليارديرات، بينما يقول مطّلعون إن الثروة الحقيقية قد تتجاوز 100 مليار دولار.
وكشف التقرير أن العائلة تُدير محفظة أسهم أمريكية تقدر بـ13 مليار دولار تشمل استثمارات كبيرة في "بلاك روك"، و"جي بي مورغان"، فضلاً عن حصص في شركات مثل "أمازون" و"مايكروسوفت" و"غوغل، كما تملك المجموعة أصولًا عقارية تمتد من "ماديسون أفنيو" في نيويورك إلى وسط لندن، إلى جانب شراكات عقارية كبرى في دبي مع شركة "بروكفيلد"، واستثمارات ضخمة في الأسهم الخاصة والدخل الثابت. أما محلياً، فالعليان تملك حقوق تشغيل "برغر كينغ"، وتقوم بتعبئة مشروبات "كوكاكولا"، وتخدم قطاع النفط.
ورغم الانتكاسة التي مُني بها استثمارهم في "كريدي سويس"، لم تتأثر وتيرة المجموعة، بل واصلت تنفيذ الصفقات والتحركات كالمعتاد، بحسب ما أفاد به أحد التنفيذيين المطلعين، ولم تؤثر الخسارة على صورتهم، خاصة أن نفوذهم تعزز خلال الأعوام الأخيرة وسط تحولات اقتصادية كبرى في المملكة.
علاقات الشقيقتين مع كبار القادة الماليين
تمتلك لبنى علاقات قوية مع كبار القادة الماليين مثل لاري فينك، المؤسس المشارك لـ"بلاك روك"، وهي اليوم تشغل منصب رئيسة مجلس الأعمال السعودي الأمريكي بالتشارك مع جين فريزر من "سيتي غروب، أما حذام، فهي عضو في مجلس إدارة "بروكفيلد"، واحدة من أكبر شركات الاستثمار في الشرق الأوسط.
وخلال مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" الذي يُعرف بـ"دافوس الصحراء"، أقامت لبنى فعالية خاصة جمعت مسؤولين ماليين عالميين لتناول الأرز واللحم في جو غير رسمي يُلخص كيف تتداخل السياسة بالمال تحت عباءة العائلة.
الجدير بالذكر أن لبنى، المتمرسة في الشأن الاستثماري، كانت أول امرأة تُنتخب لعضوية مجلس إدارة شركة مدرجة في السوق
السعودية عام 2004. أما الشقيقة حذام، فرغم مظهرها الهادئ، فإنها مفاوضة ذكية تعتمد على أسلوب الاستدراج الهادئ لاستخلاص تفاصيل تفيد في طاولة التفاوض.
تصوغان الرؤية العامة والاستراتيجية
ويُدار اليوم النشاط اليومي لمجموعة العليان من قبل فريق تنفيذي محترف يقوده المدير التنفيذي هاني لازقاني ومدير العمليات سامر يغنم، بينما تحتفظ الشقيقتان بالدور القيادي في صياغة الرؤية العامة والاستراتيجية، وتبقيان على اتصال وثيق بجميع تفاصيل العمل، رغم نُدرة ظهورهما الإعلامي.
يُشار إلى أن لبنى كانت من الأصوات السعودية القليلة التي عبّرت علناً عن الحزن بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي، حين افتتحت إحدى ندوات الاستثمار في
الرياض عام 2018 بالتأكيد أن ما جرى “يتنافى مع ثقافتنا وجيناتنا”.
ولم تقتصر مساهمة
مجموعة العليان على القطاع المالي فقط، بل كانت أحد الداعمين الكبار لطرح شركة “أرامكو” عام 2019، عندما تردد المستثمرون الأجانب في المساهمة، فاستنجدت السلطات بشركات محلية وازنة مثل مجموعة العليان.
اليوم، تُعد الأخوات العليان من القلة القادرة على الإلمام الكامل بإمبراطورية العائلة المتشعبة، ومن بين الأسماء الأكثر تأثيراً في العلاقة المتنامية بين وول ستريت والاقتصاد السعودي، والذي يُتوقع أن يبلغ حجمه 1.3 تريليون دولار خلال الأعوام المقبلة.
ومع ارتفاع نسبة النساء العاملات في السعودية، وصدور إصلاحات تشريعية جذرية سمحت لهن بتأسيس الشركات دون وصاية أو إذن، تُمثل قصة لبنى وحذام تجسيدًا لمرحلة انتقالية كبرى تعيشها المملكة، عنوانها الصعود النسائي في قلب أكبر تحولات اقتصادية يشهدها الخليج.