سياسة دولية

فوز ممداني فتح الباب لترشح مزيد من المسلمين للمناصب في أمريكا

يُشكّل المسلمون الأمريكيون وهم مجموعة متنوعة ما نسبته 1 بالمئة من الكتلة الناخبة – جيتي
قال باسم الكرّة، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية–الإسلامية (كير) - أكشن، إن ما سماه "تأثير ممداني" شجّع عددًا متزايدًا من الأشخاص على التفكير في خوض العمل السياسي، وأضاف: "لدينا نموذج لشخص لم يتردد في إظهار هويته- زهران ممداني- ومع ذلك أصبح من أكثر المسؤولين المنتخبين شعبية في البلاد"، مؤكدًا أن "الكثير من المسلمين باتوا يدركون أن هويتهم ليست عبئًا سياسيًا".

يشهد المشهد السياسي الأمريكي تزايدًا ملحوظًا في عدد المرشحين المسلمين الساعين إلى مناصب عامة، في أعقاب النجاح اللافت الذي حققه زهران ممداني بالفوز كأول رئيس بلدية مسلم لمدينة نيويورك، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وفي الليلة نفسها، صوّتت ولاية فرجينيا لصالح المرشحة التقدمية لمنصب نائب الحاكم، غزالة هاشمي، لتصبح أول امرأة مسلمة تُنتخب لمنصب على مستوى الولاية.


وفي الأسبوع الماضي، أعلن أحد المؤسسين العرب والمسلمين لحركة "غير ملتزمين"، التي دعت الديمقراطيين إلى التصويت الاحتجاجي في انتخابات 2024 على خلفية حرب إسرائيل على قطاع غزة، ترشحه لمنصب على مستوى الولاية في ميشيغان.

وفي هذا الأسبوع، دخلت السباق أول امرأة مسلمة تفوز بمنصب منتخب في ولاية نورث كارولاينا، سعيًا لتمثيل ولايتها في الكونغرس/ وينضم هؤلاء إلى عبد الله السيد، الذي يخوض سباقًا على المقعد الشاغر لمجلس الشيوخ عن ولاية ميشيغان، كأبرز المرشحين المسلمين في انتخابات العام المقبل، وفقًا لصحيفة "ذا هيل".

ووفقًا لـ(كير وكير أكشن)، فاز أكثر من ثلاثة عشر مرشحًا مسلمًا من أصل 76 جرى تتبعهم في الانتخابات المحلية التي جرت الشهر الماضي. وأشارت المنظمة إلى أن 97 بالمئة من الناخبين المسلمين في نيويورك دعموا ممداني، بينما صوّت 95 بالمئة من نظرائهم في فرجينيا لصالح هاشمي. كما أدى فوز ممداني إلى زيادة اهتمام الشباب والتقدميين بالترشح، بحسب منظمة "Run for Something".

ويرى باسم الكرّة أن العام المقبل سيكون "اختبارًا كبيرًا" للمجتمع المسلم الأمريكي، لافتًا إلى أن الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) سيوليان اهتمامًا متزايدًا بهذه الشريحة، سواء من حيث المرشحين الصاعدين أو من حيث القدرة على رفع نسب المشاركة الانتخابية، ويُشكّل المسلمون الأمريكيون، وهم مجموعة متنوعة تمثل أكثر قليلًا من 1بالمئة من الكتلة الناخبة، قاعدة تميل تقليديًا إلى اليسار، إلا أن تفوق الديمقراطيين بينهم تراجع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، بحسب مركز "بيو" للأبحاث.

وفي وقت سابق، أكد مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) فوز 38 مرشحًا مسلمًا على الأقل في الانتخابات التي أُجريت في تشرين الثاني/نوفمبر على مستوى الولايات الأمريكية بمناصب مختلفة بين مجالس تشريعية في الولايات، ومناصب عُمد في مدن أمريكية، وعضوية مجالس مدن، وغيرها، وقال المجلس، في التقرير له، إن "عدد المسلمين الذين ترشحوا خلال هذه الانتخابات بلغ 76 مرشحًا، فاز من بينهم 38 مرشحًا، وهو ما قال المجلس إنه يشكل “رقما قياسيًا" سواء في عدد المرشحين أو الفائزين من بينهم.


وبحسب ما ورد في تقرير  صحيفة "ذا هيل"، لعب الغضب من طريقة تعامل إدارة بايدن مع الحرب الإسرائيلية على غزة دورًا في تأثير هذا التيار على فوز الرئيس دونالد ترامب في انتخابات 2024، ولا سيما في ولاية ميشيغان، التي تضمّ واحدة من أكبر التجمعات السكانية للمسلمين الأمريكيين، حيث فاز ترامب فيها بفارق يزيد قليلًا على نقطة مئوية واحدة.

وقال عبد الله السيد، الذي أطلق حملته لمجلس الشيوخ في نيسان/أبريل الماضي، إن موقف الديمقراطيين من غزة بات بمثابة "اختبار كاشف" بالنسبة للمجتمع العربي المسلم في ميشيغان، مضيفًا: "إذا لم تستطع تسمية الإبادة إبادة، فلا تخبرني أنك ستقف في وجه دونالد ترامب".

وأكد السيد أن هذه القضية لا تقتصر على المسلمين أو على مدن بعينها مثل ديربورن، بل تتعلق بكيفية إنفاق أموال الضرائب والمسؤوليات الأساسية للمشرّعين. ويُذكر أن السيد، المدير السابق للصحة في مقاطعة وين، حلّ ثانيًا في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية لمنصب حاكم ميشيغان عام 2018، ويحظى بدعم السيناتور بيرني ساندرز في سباقه لعام 2026.

وعلى مستوى أقلّ، يخوض عباس علاوي، أحد مؤسسي حركة "غير ملتزمين"، سباقًا لتمثيل ديربورن وديربورن هايتس في مجلس شيوخ الولاية، وقال علاوي إن فوز ممداني "غيّر كل شيء"، موضحًا أن نجاح حملته لم يكن بسبب هويته الدينية، بل لأنه حشد حركة متعددة الأعراق تطمح إلى مستقبل أفضل.

وفي نورث كارولاينا، أعلنت مفوضة مقاطعة دورهام ندى علام تحديًا تمهيديًا ضد النائبة فاليري فوشي، بدعم من ساندرز وآخرين. وكانت علام قد صنعت التاريخ عام 2020 كأول امرأة مسلمة تُنتخب لمنصب في الولاية، معتبرة أن ما تحقق يعكس تطورًا كبيرًا في التمثيل السياسي وقدرة المجتمع على الانخراط.

ومع انتخاب أول نائبتي كونغرس مسلمتين عام 2018، وتسجيل أرقام قياسية في انتخابات 2022، يرى مراقبون أن فوز ممداني أعاد الزخم للحراك السياسي للمسلمين والتقدميين على حدّ سواء. غير أن هؤلاء المرشحين يواجهون في الوقت نفسه بيئة عدائية من تهديدات وصور نمطية، وهو ما يدفعهم، على حد تعبير أحدهم، إلى "مواجهة الكراهية بمزيد من العمل".