قالت مجلة
"
بوليتيكو" إن مسؤولين إماراتيين قاموا بعملية ضغط، لتخفيف قرار في
البرلمان الأوروبي عن الحرب في
السودان وتجنب تحميل
الإمارات اللوم.
فقد شنت الإمارات حملة
ضغط مكثفة في ستراسبورغ، مقر الإتحاد الأوروبي، هذا الأسبوع، بالتزامن مع استعداد
البرلمان الأوروبي للتصويت على قرار يدين الفظائع المستمرة في الحرب الأهلية
السودانية.
وأضافت: "عقد
الوفد الإماراتي اجتماعات مع أعضاء بارزين في البرلمان الأوروبي للتأكيد على دور
الإمارات البناء في السودان، على الرغم من الاتهامات الموجهة لأبو ظبي بدعمها
النشط لقوات
الدعم السريع، وهي ميليشيا سيئة السمعة متورطة في مجازر عرقية وعنف
جنسي".
وأقر نواب البرلمان في
نهاية المطاف قرارا بعد ظهر الخميس يندد بالحرب الأهلية المدمرة في السودان، ولكن
دون التطرق إلى تدخل الإمارات في الصراع.
وقالت منظمات غير
حكومية معنية بحقوق الإنسان ووسائل إعلام مستقلة ومسؤولون سودانيون إن أبو ظبي
عملت على تغذية الصراع بنقلها أسلحة إلى قوات الدعم السريع في معركتها ضد القوات
المسلحة السودانية، للسيطرة على البلاد.
وقال متحدث باسم حكومة
الإمارات لمجلة "بوليتيكو" بأنه لا يوجد دليل على التدخل، ورفض أي صلة
بالجماعة شبه العسكرية.
ويدين نص قرار
البرلمان، المدعوم من تحالف واسع يضم حزب الشعب الأوروبي المحافظ والاشتراكيين
والديمقراطيين من يسار الوسط والمحافظين والإصلاحيين الأوروبيين اليمينيين
والوطنيين اليمينيين المتطرفين، وحزبي رينيو والخضر الليبراليين، الصراع المستمر
منذ عامين، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وجعل 25 مليونا في حالة جوع.
وبحسب ثلاثة برلمانيين
على معرفة بالمفاوضات بين الفصائل السياسية، فاللغة التي تنتقد دور الإمارات في
السودان، اقترحها الإشتراكيون وحزب التجديد والخضر، كانت بمثابة خط أحمر
لحزب الشعب المحافظ والذي حظي بدعم جماعات على يمينه.
وأثار مشروع القرار
حملة دبلوماسية حازمة على نحو غير معتاد من الدولة الخليجية، وسافرت لانا نسيبة،
مبعوثة الإمارات العربية المتحدة إلى أوروبا، إلى ستراسبورغ برفقة وفد للقاء أعضاء
البرلمان الأوروبي والتأكيد على أن أبوظبي تعمل على تحقيق السلام في السودان بدلا
من مفاقمة الصراع.
ونقلت
"بوليتيكو" عن مسؤولين مطلعين على المحادثات قولهما إن ممثلي الإمارات
نفوا أي صلة لهم بقوات الدعم السريع، بينما أصروا على أنهم يريدون فقط السلام في
السودان ولعب دور الوسيط الرئيسي في السودان.
وقد منحت غرفة خاصة
لوفد أبوظبي داخل البرلمان الأوروبي، بجوار قاعة الاجتماعات، لعقد اجتماعاته. وقال
جوري لاس، المتحدث باسم رئيسة البرلمان روبرتا ميتسولا، لـ "بوليتيكو":
"عندما يأتي كبار الشخصيات الأجانب إلى البرلمان ويطلبون غرفة، نوفرها لهم.
لا يطلبها الجميع، ولكن إذا طلبوها وكانت الغرفة متاحة، نوفرها لهم".
وعلى الرغم من غياب أي
إشارة مباشرة إلى دعم الإمارات لقوات الدعم السريع، وافق الاشتراكيون وحزب التجديد
والخضر في النهاية على دعم القرار.
وقال ثلاثة أشخاص
شاركوا في العملية بأن هذه المجموعات راضية عن الصياغة التي تم التفاوض عليها مع
حزب الشعب الأوروبي، وأرادت إرسال إشارة دعم قوية للسودان. وأدان قرار البرلمان في
النهاية "فظائع" قوات الدعم السريع في السودان، وقال إن عمليات القتل
والاغتصاب والاستعباد الجنسي وتجويع المدنيين بدوافع عرقية قد تشكل "أعمال
إبادة جماعية".
ودعا النص إلى "فرض
عقوبات على المليشيات المتورطة في الحرب الأهلية"، بالإضافة إلى عقوبات على
"الممولين والممكنين الخارجيين"، ولكن دون تسمية أي أطراف أخرى في
الصراع.
واطلعت
"بوليتيكو" على وثيقة غير رسمية عممتها الإمارات قبل التصويت، رافضة
مزاعم تقديمها دعما ماديا أو ماليا أو سياسيا لقوات الدعم السريع. وأكدت ماريت
مايج، إحدى المفاوضين الرئيسيين عن التحالف الاشتراكي الديمقراطي، أنها التقت بوفد
أبوظبي "بناء على طلب الإمارات" داخل البرلمان في ستراسبورغ.
وقالت: "ناقشنا
الوضع المروع في السودان، وخلال اللقاء، ذكرت أن لدينا معلومات تفيد بأن الإمارات
تؤجج الحرب من خلال دعم قوات الدعم السريع".
وقالت مفاوضة حزب
الخضر في الملف، النائبة الأوروبية نيلا ريهل، "لا يوجد شيء نعارضه في
النص"، لكنها أعربت عن أسفها لوجود "أشياء مفقودة"، بما في ذلك ذكر
واضح للإمارات.
ويشير القرار إلى
الإمارات كطرف رئيسي في جهود الوساطة لتحقيق السلام، إلى جانب الولايات المتحدة
ومصر والسعودية.
وتعلق المجلة أن الضغط
الإماراتي يأتي في لحظة حساسة تشهدها العلاقات بين الاتحاد الأوروبي
والإمارات. حيث، تسعى بروكسل إلى توثيق العلاقات الاقتصادية مع الدولة الخليجية،
وهي منخرطة بنشاط في مفاوضات التجارة الحرة الطموحة، والتي قال مسؤول إماراتي
كبير، لم يكشف عن هويته إنها تتقدم بسرعة البرق.
وقللت الإمارات من
أهمية زيارة نسيبة إلى ستراسبورغ.
وقال متحدث باسم
الحكومة لـ "بوليتيكو" إن الزيارة كانت جزءا من جولة روتينية شملت فرنسا
وبريطانيا وسلوفاكيا "لمناقشة العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام
المشترك، بما في ذلك التطورات الإقليمية الرئيسية".
ووصف جمال العطار،
المدير التنفيذي لمنظمة حقوق الإنسان البلجيكية "إفيرد" التي ضغطت
بشدة من أجل القرار، جهود الإمارات بأنها "محاولة للتحكم بالأضرار"،
متهما أبو ظبي بـ"ممارسة ضغط مضاد مكثف" لتجنب التعرض للانتقاد.