صحافة دولية

FT: رأس الخيمة تراهن على "المقامرة" لتغيير موقعها على خريطة السياحة

الإمارات تفتح الباب لأول كازينو في الخليج.. مشروع ضخم يثير جدلا دينيا واقتصاديا - جيتي
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعدته كلوي كورنيش، قالت فيه إن الإمارات تتجه لفتح أول كازينو في منطقة الخليج، في خطوة اعتبرتها الصحيفة تحولا بارزا في توجهات الدولة تجاه قطاع طالما كان محظورا ومثيرا للحساسية الدينية والاجتماعية.

وبحسب التقرير، فإن أحدث وجهة سياحية فاخرة تشيدها الإمارات على إحدى الجزر الاصطناعية تتمثل في برج ضخم بإطلالة بحرية، يضم مراكز تسوق راقية، وعروضا فنية، ومطاعم فخمة، تسوقه الجهات الرسمية باعتباره “وجهة شاطئية فاخرة وممتعة”. إلا أن أكثر عناصر المشروع تميزا لم يعلن عنه رسميا، وهو أنه سيستضيف أول كازينو في الخليج بميزانية تصل إلى 5.1 مليارات دولار.

أكبر استثمار أجنبي منفرد في قطاع الضيافة
المشروع الذي تطوره شركة “وين ريزورتس” الأمريكية في إمارة رأس الخيمة – والمقرر افتتاحه عام 2027 – يعد، وفق الصحيفة، أكبر استثمار أجنبي منفرد في قطاع الضيافة بالإمارات. ويضم المجمع الفندقي 1,542 غرفة، ويأتي في وقت تسعى فيه الإمارة التي تفتقر للموارد النفطية إلى إنعاش اقتصادها وخلق فرص عمل جديدة.

ورغم تساهل بعض الإمارات الأخرى في السماح ببيع الكحول ولحم الخنزير ضمن ضوابط، يبقى المقامرة المحرمة في الإسلام مسألة شديدة الحساسية. فقد أنشأت الإمارات في عام 2023 هيئة تنظيمية للألعاب — دون استخدام لفظ “المقامرة” — لكن منتجع “وين” يظل حتى الآن الوحيد الذي حصل على ترخيص كازينو.

“نحن لا نتحدث عن الحلال والحرام”
ويقول عبد الله العبدولي، الرئيس التنفيذي لشركة “مرجان” المطورة للجزيرة التي ستستضيف المنتجع، إن المشروع ينظر إليه من زاوية اقتصادية بحتة. وأضاف في تصريحات مقتضبة: “أنا لست إماما… نحن لا نتحدث عن الحلال والحرام، بل عن قطاع اقتصادي سيسهم بشكل كبير في اقتصاد الإمارة.”

ويقدر المسؤولون أن المشروع سيوفر وظائف جديدة، ويجذب سكانا إضافيين، ويرفع إيرادات الحكومة المحلية. إذ يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لإمارة رأس الخيمة 12 مليار دولار فقط، أي ما يعادل ثلث ناتج دبي في الربع الأول من العام الجاري (32.6 مليار دولار).

ارتفاع في العقارات وتوسع ثقافي واجتماعي
وتقول الصحيفة إن تأثير المشروع بات ملموسا بالفعل؛ فقد ارتفعت أسعار العقارات في الإمارة التي يسكنها 400 ألف شخص، وازدهر النشاط التجاري، وافتتحت مدارس جديدة تدرس باللغة الفلبينية والروسية، وفق عبد الرحمن الشايب النقبي، مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة.

ويضيف العبدولي أن 100 إماراتي يعملون حاليا في الجانب الإنشائي للمشروع، وأن معظم مواد البناء يجري توريدها من شركات محلية، ما يعزز دور الاقتصاد المحلي في المشروع الضخم.

“تساهل محسوب” يجذب الوافدين
وترى الصحيفة أن تساهل الإمارات النسبي في “إتاحة المحرمات” للعمال الأجانب منحها ميزة مقارنة بجارتها السعودية في جذب المقيمين الأجانب. فدبي – أكبر مدن الدولة – تسمح بشرب الكحول في الأماكن المرخصة، وببيع لحم الخنزير لغير المسلمين، بينما ينتشر العمل في مجال الجنس رغم كونه غير قانوني. 

ويقول محمد بهارون، مدير عام “مركز بحث” في دبي: “هناك أناس يعيشون معنا ولكل منهم عاداته الثقافية الخاصة… الدافع الرئيسي لتشريع المراهنات هو منع هذه الأنشطة من أن تصبح سرية.”

وتشير فايننشال تايمز إلى أن الإمارات واجهت سابقا مشكلات مرتبطة بالمقامرة غير الشرعية، أبرزها فضائح التلاعب بنتائج مباريات الكريكيت في الشارقة في تسعينيات القرن الماضي، إضافة إلى نشاط مجموعات مراهنة صينية في البلاد. وفي آب/أغسطس الماضي أعلنت وزارة الداخلية اعتقال مواطن صيني متهم بقيادة عصابة تدير “مواقع مراهنات احتيالية”.

الإماراتيون يقامرون في الخارج
وبحسب الصحيفة، فإن العديد من الإماراتيين يسافرون إلى لندن وموناكو للمقامرة خلال الإجازات، بينما تسمح سفن الرحلات البحرية التي تغادر دبي بالمراهنة بعد دخول المياه الدولية. ويروي دبلوماسيون في أبوظبي أن بعض كبار المراهنين يغامرون بمبالغ مالية كبيرة على يخوت خاصة ما إن تبتعد عن الشاطئ.

ويأمل منتجع “وين” في استقطاب جزء من هذه الأنشطة إلى اليابسة ضمن بيئة منظمة ورسمية.
وتسعى رأس الخيمة إلى مضاعفة عدد زوارها ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030. ويقول أليسون غرينيل، الرئيس التنفيذي لشركة رأس الخيمة للضيافة القابضة — الشريك الحكومي في المشروع — إن المنتجع سيحقق “مستوى إضافيا من التنوع” في اقتصاد الإمارة.