بخلاف ما يُطلق عليه بـ"الإنجازات التكتيكية لنتنياهو"، في مقدمتها إعادة الأسرى الأحياء ومعظم الجثث وبقاء جيش الاحتلال في 58 بالمئة من أراضي قطاع غزة، ترى أوساط الاحتلال أن نتنياهو قاد إسرائيل إلى هزيمة استراتيجية في الساحة السياسية–العسكرية، حيث باتت مكانة دولة الاحتلال كـ"الابن المفضل" في واشنطن قد تآكلت وأصبحت مكانتها في العالم في أدنى مستوى تاريخي.
وفي مقال رأي نشرته
صحيفة هآرتس العبرية للصحفي
نحميا شترسلر، قال: "صحيح أن حماس ضُربت، لكنها لم تُهزم، فهي تسيطر على المناطق التي أخليناها، ويخضع لها حوالَي 20 ألف مُسلّح، كذلك لم يرفع حزب الله يديه ولم يتخلَّ عن سلاحه، بل إنه يعيد ترميم البنى التحتية، ويجنّد الأفراد، ويُنشئ مقرات عسكرية، ويجمع السلاح، ويعود ليكون تهديداً"،
وفيما يلي نص تَرْجَمَة المقال:
اللقاء المؤثر للمخطوفين مع الرئيس الأمريكي ترامب في الأسبوع الماضي أثبت أن المحللين يمكنهم الخطأ، فقد قدروا أن تحرير العشرين مخطوفًا من الأحياء سيستغرق وقتًا طويلًا، وسيتم على دفعات، وفي كل الحالات حماس سيبقى لديها عدد من الأسرى الذين ستستخدمهم كبوليصة تأمين، ولن تطلق سراحهم لسنوات. أيضًا شعبة الاستخبارات العسكرية قدرت ذلك، ولكن العشرين مخطوفًا تمت إعادتهم، بدون أن يبقى لدى حماس أي ورقة مساومة، وهذا إنجاز لنتنياهو الذي في الواقع جاء متأخرًا.
أيضًا لم يقدر أي أحد بأن حماس ستعيد معظم الجثث، المحللون قالوا إنه بعد تفجير الأنفاق، وتدمير البيوت، وتغيير طبيعة الأرض، فإنه سيكون من الصعب، وحتى من غير الممكن، العثور على الجثث، ولكن في الحقيقة تمت إعادة 25 جثة من بين الـ 28 جثة، وهذه مفاجأة إيجابية. المحللون قدروا أيضًا أننا لن نستلم كل المخطوفين الأحياء بدون الانسحاب الكامل من القطاع، ولم يقدر أي أحد بأنهم ستتم إعادتهم ونحن ننتشر على "الخط الأصفر"، الذي يعني الاحتفاظ بـ 58 في المئة من مساحة القطاع، وهذا يعد أيضًا إنجازًا لنتنياهو.
حماس وافقت على التوقيع على الاتفاق بعد سنتين من القتال وتدمير البنى التحتية، إضافة إلى ذلك دور ترامب المهم، فقد أراد تحقيق "سلام أمريكي": تسوية سلمية تقودها الولايات المتحدة، تهدف إلى تعزيز تفوقها العسكري والاقتصادي، وبالنسبة لترامب الهدف النهائي هو الأموال، وبمجرد سيطرة الولايات المتحدة على المنطقة فإن الشركات الأمريكية ستجبي ثروة طائلة والاقتصاد الأمريكي سيستفيد.
لكن خلافًا للإنجازات التكتيكية، فإن نتنياهو قادنا إلى خسارة استراتيجية على الصعيد السياسي – العسكري. مكانتنا كـ"الابنة المدللة" في واشنطن تآكلت لصالح السُّعُودية، ومكانتنا في العالم هي في حضيض تاريخي، ومع أن حماس تضررت في الواقع، لكن لم يتم تصفيتها، هي اليوم تسيطر على المناطق التي قمنا بإخلائها، ويمتثل لها حوالي 20 ألف مسلح. وأيضًا حزب الله لم يستسلم ولم يتجرد من سلاحه، هو يرمم بناه التحتية ويجند أشخاصًا ويبني قيادات ويجمع السلاح، هو يعود ليكون تهديدًا لنا.
ولكن الفشل الأكبر لنتنياهو هو في الجبهة الإيرانية، ففور انتهاء حرب الـ 12 يومًا، سارع إلى التفاخر وقال: "لقد حققنا نصرًا تاريخيًا على إيران، وأزلنا عنا تهديدين وجوديين، التهديد النووي وتهديد الـ 20 ألف صاروخ بالستي". وفي الحقيقة نحن لم نزل أي شيء، إيران لم تستسلم، وهي غير مستعدة لأي رقابة على مشروعها النووي، وما زالت تنتج الصواريخ البالستية بوتيرة عالية، وقد أعلنت مؤخرًا بأنها ستطلق "2000 صاروخ كل يوم في الصراع القادم مع إسرائيل.
بكلمات أخرى، من منظور سياسي – عسكري وجدنا أنفسنا في وضع حرج. نتنياهو فشل في إخضاع أي عدو من أعدائنا، وبقيت جميع التهديدات على حالها، فهل هذا نصر مطلق؟ لقد جلب الشخص الأحقر في تاريخ الشعب اليهودي هزيمة استراتيجية بحسب الكاتب.