سياسة دولية

كاتب أمريكي: قضية إبستين تكشف وجها مظلما لنخبة عالمية تحمي مجرما جنسيا

ترامب كانت تربطه علاقة بإبستين في السابق- جيتي
كشف الصحفي والكاتب الأمريكي أناند غيريدهاراداس عن دور ما وصفها بـ"النخبة العالمية" في حماية المتورط في تجارة الجنس جيفري إبستين، رغم الكشف عن دوره في الاعتداء على قاصرات واعترافه بالذنب وقضائه عقوبة بالسجن.

وقال الكاتب إن النخبة لم تتخل عنه، بل دعمت إعادة تقديمه من جديد داخل دوائر النفوذ العالمية وكأنه لم يرتكب جريمة.

وفي مقاله المنشور في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان "كيف يتصرف أهل النخبة عندما لا يراقبهم أحد: إلقاء نظرة على رسائل إبستين الإلكترونية"، يشير غيريدهاراداس إلى أن رسائل بريد إلكتروني يصل عددها إلى الآلاف تكشف أن شبكة واسعة من الشخصيات المؤثرة في العالم لم تكتف بالصمت على جرائم إبستين، بل ساهمت في إعادة تأهيله اجتماعيا ومهنيا بعد خروجه من السجن عام 2008.

وأضاف: "يظهر من خلال هذه المراسلات أن إبستين استقبل من جديد كرجل أعمال نافذ وكشخصية يحق لها المشاركة في الفعاليات والنقاشات الرفيعة داخل عالم المال والأكاديميا والسياسة والإعلام".

ويلاحظ الكاتب أن الطريقة التي تم التعامل بها مع إبستين تبرز طبيعة ما يسميه بـ"طبقة إبستين"، وهي طبقة اجتماعية عالمية مغلقة تتنقل بين السلطة والثروة والأعمال الخيرية والأوساط الفكرية والعلمية، ولا تربطها هوية سياسية محددة أو اتجاه فكري موحد. فالتواصل مع إبستين شمل شخصيات يمينية ويسارية، ليبرالية ومحافظة، علمانية وروحانية.

ويرى أن الرابط المشترك بين هذه الشخصيات لا يقوم على المبدأ أو القيم، بل على الانتماء إلى نادي النخبة الذي يحمي أعضاءه مهما كانت الانتهاكات المرتكبة.


وتكشف الرسائل الإلكترونية أن إبستين حافظ على شبكة نفوذ فعالة حتى بعد محاكمته، حيث استمر في تلقي دعوات إلى القصور الفاخرة والمناسبات الخاصة واللقاءات الاقتصادية والشخصية. وتضمنت الرسائل تبادل معلومات ذات طابع حساس بين شخصيات بارزة وإبستين، إضافة إلى طلب استشارات منه تتعلق بالتعيينات الوظيفية رفيعة المستوى والشؤون الحكومية وحتى القضايا القانونية، في مشهد يظهر أن النخبة لم تعتبر سجله الإجرامي عقبة أمام استمرار علاقاتها معه.

وأشار غيريدهاراداس إلى أن هناك رموزا متكررة في المراسلات تعري طبيعة هذه الطبقة، ومنها السؤال الذي كان يتردد بين الأعضاء: "أين أنت اليوم؟" وهو تعبير يبدو سطحيا لكنه في سياق هذه النخبة يحمل دلالات متعلقة بالمكانة والمعلومات الحصرية وفرص النفوذ، باعتبار الموقع الجغرافي وسياق الاجتماعات الخاصة جزءا من لغة التواصل داخل الدوائر العليا.

وأضاف الكاتب أن الدعم الذي حصل عليه إبستين لم يكن فرديا أو عفويا، بل ممنهجا ويعكس بنية اجتماعية محصنة تهدف إلى حماية مصالح النخبة فيما بينها. فالشخصيات التي ظهرت في الرسائل تشمل وزراء سابقين ومستشارين سياسيين وأكاديميين ومليارديرات وشخصيات ثقافية وإعلامية، ما يشير إلى أن التعامل مع إبستين استمر بوصفه عضوا "موثوقا" في هذه الشبكة رغم تسجيله الجنائي.