سياسة عربية

"رايتس ووتش" تدعو لإسقاط "الإدانات الجائرة" ضمن قضية "التآمر" في تونس

وُجِّهت إلى المتهمين تهما بJ"التآمر لزعزعة استقرار البلاد"- الأناضول
أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أنه من المقرر أن تنظر محكمة تونسية في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، في استئناف 37 شخصا حُكم عليهم ظلما بالسَّجن لفترات طويلة في "قضية التآمر" المسيّسة في نيسان/ أبريل الماضي. ومن بين المعتقلين أربعةٌ مضربون عن الطعام، منهم واحد تعرض للعنف الجسدي في السجن، بحسب فريق الدفاع عنه.

وقالت المنظمة إنه "قد وُجِّهت إلى المتهمين تهما بالتآمر لزعزعة استقرار البلاد بموجب العديد من فصول "المجلة الجزائية" وقانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015"، موضحة أنها راجعت الوثائق القضائية في القضية ووجدت أن التهم لا أساس لها من الصحة ولا تستند إلى أدلة موثوقة، وأنه ينبغي للمحكمة أن تلغي فورا الأحكام التعسفية وتفرج عن جميع المعتقلين.

وأوضح نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش بسام خواجا، أن "هذه القضية برمتها مسرحية هزلية، من الاتهامات الباطلة إلى الإجراءات القضائية التي تخلو من ضمانات المحاكمة العادلة. على السلطات إنهاء هذه المهزلة القضائية، التي هي جزء من حملة قمع أوسع ضد أي شكل من أشكال النقد أو المعارضة".

في 19 نيسان/ أبريل حكمت "المحكمة الابتدائية بتونس" على 37 شخصا، بينهم معارضون للرئيس سعيّد ونشطاء ومحامون وباحثون، بالسَّجن بين أربعة و66 عاما بتهمة "التآمر على أمن الدولة" وجرائم إرهابية. أدينوا بعد ثلاث جلسات فقط دون ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة. ما زال ثلاثة متهمين آخرين لم يحاكَموا بعد، وقضيتهم معروضة على "محكمة التعقيب" (النقض).

وبدأ جوهر بن مبارك، وهو ناشط سياسي حُكم عليه في أبريل/نيسان بالسَّجن 18 عاما، إضرابا عن الطعام في 29 أكتوبر/تشرين الأول احتجاجا على احتجازه التعسفي. وقالت محاميته وشقيقته دليلة مصدق إنه لم يتلقَّ الرعاية الطبية اللازمة أثناء احتجازه. 

وأعربت "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" والعديد من المحامين عن قلقهم بشأن صحته، وهو ما رفضته سلطات السجن. لاحقا، في فيديو نُشر على "فيسبوك"، قالت مصدق إن شقيقها تعرض للضرب المبرح في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر في "سجن بلي" حيث يُحتجز، على يد ستة نزلاء آخرين وخمسة حراس في منطقة خالية من كاميرات المراقبة. وقالت إن جسده يحمل كدمات واضحة ولديه ضلع مكسور.

في 24 تشرين الأول/ أكتوبر علم محامو الدفاع أن جلسة الاستئناف الأولى ستُعقد عن بعد عبر "الفيديوكونفرنس" في 27 أكتوبر/تشرين الأول. لم يتم إخطار المتهمين المحتجزين إلا في يوم الجلسة، ولم يتلقَّ المتهمون الآخرون أي استدعاء، حسبما قالت مصدق لـ هيومن رايتس ووتش. في 27 تشرين الأول/ أكتوبر أُجِّلت الجلسة إلى 17 تشرين الثاني/ نوفمبر.

زعُقدت المحاكمة في نيسان/ أبريل دون حضور المتهمين الرئيسيين، ما حرمهم من فرصة حقيقية لتقديم دفاعهم. ادعت محكمة تونس الابتدائية ووكيل الجمهورية وجود "خطر حقيقي" وحاكمت بعض المتهمين عبر الفيديوكونفرنس. رفض معظم المتهمين المحتجزين الحضور عبر الفيديو.

وقالت لجنة الدفاع إن السلطات القضائية تخطط أيضا لإجراء الاستئناف عبر الفيديو. عقد جلسات الاستماع عن بعد هو بحد ذاته انتهاك، إذ يخرق حق المعتقلين في التواجد حضوريا أمام قاض قادر على تقييم شرعية اعتقالهم وظروفه وكذلك صحتهم. ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، على أن لكل شخص الحق في حضور محاكمته.

بدأ السياسي عصام الشابي والمحامي رضا بلحاج، اللذان صدر بحقهما الحكم نفسه الصادر ضد بن مبارك، إضرابا عن الطعام في 7 و8 نوفمبر/تشرين الثاني. كما بدأ الناشط السياسي عبد الحميد الجلاصي، الذي حُكم عليه بالسَّجن 13 عاما، إضرابا عن الطعام في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر.

وذكر أنه جرى احتجاز 12 من المتهمين، وبعضهم ما يزال طليقا في تونس، أما البعض الآخر في الخارج فقد صدرت بحقهم أحكام غيابية. اعتُقل العديد من المدانين في البداية في شباط/ فبراير 2023 ووضع رهن الإيقاف التحفظي لأكثر من عامين، ما يتجاوز بكثير الحد الأقصى المسموح به بموجب القانون التونسي وهو 14 شهرا. لم يمثُل معظمهم أمام قاضي التحقيق سوى مرة واحدة خلال تلك الفترة.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الحكومة انتقمت من وكلاء الدفاع في القضية، ما أدى إلى مزيد من الانتهاك لحقوق المتهمين في محاكمة عادلة. في 21 أبريل/نيسان، اعتقلت السلطات أحمد صواب، محامي الدفاع عن بعض المتهمين، ووجهت إليه تهم الإرهاب و"نشر معلومات كاذبة" بموجب قانونَي قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية، لأنه شكك في استقلالية القضاء بعد المحاكمة. عُقدت محاكمته في غيابه، واستغرقت بضع دقائق فقط، وأجرى القاضي مداولاته دون الاستماع إلى مرافعات محاميه. في 31 أكتوبر/تشرين الأول، حُكم عليه بالسَّجن خمس سنوات وثلاث سنوات من الإشراف الإداري.

من المقرر أن تمثل مصدق أمام محكمة في تونس العاصمة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني بتهمة التحدث في مقابلة إذاعية في العام 2023 دفاعا عن موكليها. وهي متهمة بنشر "معلومات كاذبة" ومعالجة بيانات شخصية بموجب قانونَيْ الجرائم الإلكترونية وحماية البيانات الشخصية.