أثار امتناع
الصين عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الدولي، الذي نص على رفع اسم الرئيس السوري أحمد
الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قائمة
العقوبات الدولية، تساؤلات عن الأسباب التي دفعت بكين إلى التغريد خارج سرب أعضاء مجلس الأمن.
وكان القرار الذي اقترحته الولايات المتحدة الأمريكية قد اعتمد رسميا بعد حصوله على تأييد 14 عضوا من أصل 15، دون اعتراضات، مع امتناع الصين عن التصويت.
وبرر مندوب الصين الدائم في مجلس الأمن، فو جونغ، امتناع بلاده عن التصويت بأن القرار "لم يجسد مبادئ، الوضع الأمني في
سوريا، ومكافحة الإرهاب، والتأثيرات المعقدة التي قد تنجم عن أي تغيير، فضلًا عن المصالح طويلة الأمد والاحتياجات الفعلية للشعب السوري".
وأضاف " الصين لم تصوت رغم مشاركتها الفاعلة في المشاورات المتعلقة بالقرار، وتقديمها مع عدد من الدول الأعضاء مقترحات بنّاءة حول قضايا مكافحة الإرهاب والمقاتلين الأجانب"، متهما واشنطن أنها أجبرت المجلس على التصويت رغم وجود خلافات كبيرة بين أعضائه، خدمة لأجندة سياسية خاصة، رغم وجود ملاحظات من الدول.
ملاحظات الصين
وفي تفسيره لموقف الصين، يعبر الكاتب والباحث المختص بالشؤون الدولية عمار جلو، عن استغرابه من عدم استخدام الصين لحق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار، ويستدرك: "يبدو أن الضغوط الدولية على بكين حملتها على عدم إجهاض مشروع القرار".
ويضيف لـ"عربي21"، أن الصين لا زالت حذرة سياسيا في التعاطي مع الدولة السورية بقيادتها الجديدة، أي هي تدعم سيادة سوريا، في الوقت الذي تتجنب فيه الانخراط الاقتصادي في سوريا، رغم أن الأخيرة تمثل حلقة مهمة في مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.
ويتابع جلو، بأن موقف الصين يعود إلى خشيتها من عودة المقاتلين الإيغور من سوريا (حزب التركستان الإسلامي) إلى الصين.
ويقول: "بعد تحرير سوريا حصل بعض أعضاء الحزب على مناصب عسكرية رفيعة في سوريا، باعتبار أن الحزب هو من المجموعات المتحالفة مع "هيئة تحرير الشام"، وهذا ما يمس الجانب الأمني الصيني الذي تأخذه الصين بعين الاعتبار في علاقاتها الخارجية".
ويوضح أن الصين تنتظر ما ستطرحه الإدارة السورية الجديدة، خلال زيارة مرتقبة يجريها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بكين، حيث ستعرض الصين موقفها من "حزب التركستان الإسلامي".
والإيغور، عرقية مسلمة صينية، توجه نحوا 15 ألف منهم إلى سوريا خلال سنوات الثورة، وبعد تحرير سوريا من النظام السابق تم تجنيد عدد منهم في الفرقة 84 التي تتبع للجيش السوري الجديد، ما دفع ببكين للإعراب قلقها، داعية إلى تحرك عالمي ضد المسلحين الإيغور.
وتوضح المصادر أن بكين تخشى من الخطر على مصالحها الاستراتيجية، وخاصة في حال عودة هؤلاء المقاتلين إلى الصين، حيث يُتوقع أن يقودوا حركة انفصالية عن الصين في إقليم شينجيانغ.
دمشق تحتوي مخاوف الصين
وكانت وزارة الدفاع السورية قد أعلنت عن حل "حزب تركستان الإسلامي" في حزيران الماضي، في خطوة تهدف إلى تقليل مخاوف الصين، وقال الرئيس السوري أحمد الشرع "أتعاطف مع الإيغور، لكن نضالهم ضد الصين ليس نضالنا".
ويرى الباحث بالشأن السوري أحمد السعيد، أن دمشق نجحت جزئياً باحتواء مخاوف الصين، وهذا ما يمكن قراءته من عدم استخدام بكين الفيتو ضد القرار الأخير.
ويقول لـ"عربي21": "قد يكون هناك تنسيق روسي- صيني في ملف سوريا، ويبدو أن زيارة الرئيس الشرع الأخيرة إلى موسكو، قد أسهمت بالتنسيق مع الصين بخصوص رفع اسم الشرع من قائمة العقوبات الدولية".
لا ثوابت في السياسة
من جهته، يشير الباحث والأستاذ في "جامعة العلوم والتكنولوجيا" بمدينة نانجينغ الصينية الدكتور رامي بدوي، إلى أن الصين تبحث عن مصالحها، التي باتت معروفة لدى دمشق.
ويقول لـ"عربي21" أن الصين تنتظر زيارة وزير خارجية سوريا أسعد الشيباني للتباحث بشأن الأمور العالقة، ويضيف: "الدبلوماسية السورية ستجد الحلول المناسبة، ولا ثوابت في سياسة الدول الخارجية".
وختم بدوي بقوله: "باعتقادي سنشهد تغيرا إيجابيا في العلاقات السورية الصينية، قبل نهاية العام الحالي".