تتصاعد في باريس وتيرة
التحقيق في عملية سطو غير مسبوقة استهدفت
متحف اللوفر الشهر الماضي، وأثارت جدلًا واسعًا
حول كيفية نجاح مجموعة صغيرة من اللصوص في اختراق واحد من أكثر المعالم تحصينًا في
العالم، وسرقة مجوهرات تاريخية تتخطى قيمتها مئة مليون دولار قبل أن تتوارى عن الأنظار.
ورغم أن المشهد بدا
في بدايته كمخطط احترافي قريب من أفلام السرقات الضخمة، فإن المعطيات المتوافرة لدى
النيابة الفرنسية كشفت صورة مغايرة تمامًا إذ أكدت المدعية العامة في باريس لور بيكو،
أن المجموعة التي نفذت العملية "لا تنتمي لعصابات منظمة" وأن ملامح الهواية
طغت على أدائهم منذ اللحظة الأولى.
ووفق التحقيقات، وصل
الجناة في وضح النهار إلى المتحف بواسطة شاحنة مزودة برافعة أثاث، مكنتهم من الوصول
إلى الطابق الثاني وتحطيم إحدى النوافذ المؤدية إلى قاعة أبولو، حيث تعرض قطع فنية
ثمينة من بينها تاج الإمبراطورة أوجيني المرصع بالذهب والزمرد.
واستغرقت
السرقة بضع
دقائق فقط قبل أن يفر المهاجمون على دراجتين ناريتين، إلا أن استعجالهم في الفرار أدى
إلى سقوط التاج أثناء الهروب، ليكون أول خيط كشف تخبطهم.
وتسبب سلسلة من الأخطاء
المتلاحقة في تسهيل مهمة أجهزة الأمن، إذ عثر على أدواتهم في المكان، وفشلوا في إحراق
الشاحنة المستخدمة، كما تركوا آثارا للحمض النووي على خزائن العرض، وعلى الدراجات النارية،
ما قاد إلى توقيف أربعة مشتبه بهم جميعهم من ضواحي باريس الشمالية، بينهم رجل من جنسية
جزائرية ألقي القبض عليه في المطار وهو يحاول الهروب إلى الخارج، وآخر معروف بسوابق
تتعلق بالسرقة.
كما شملت الاعتقالات
رجلا ثالثا وشريكته التي أودعت السجن الاحتياطي، بينما ما يزال مشتبه به آخر في حالة
فرار يعتقد أنه العقل المدبر للهجوم، وبحسب مصادر قضائية، فإن ملفات المتهمين لا توحي
بأي ارتباط بشبكات إجرامية كبرى، بل تشير إلى أنهم تصرفوا بصورة منفردة رغم ضخامة الهدف.
ولا يزال مصير المجوهرات
مجهولًا، في وقت يواصل فيه المكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية تتبع
مسارات محتملة قد تكون قادت القطع إلى أسواق سوداء خارج
فرنسا أو وضعتها في دائرة صفقات
مشبوهة تستخدم الفن كغطاء لغسل الأموال.
وترى النيابة العامة
أن القضية تجسد "مزيجًا من الجرأة وسوء التخطيط"، وأكدت مضيها في البحث عن
المسروقات واستكمال تفكيك الشبكة المتورطة لإعادة القطع إلى مكانها الأصلي داخل أحد
أبرز رموز التراث العالمي.