سياسة دولية

هل تحوّل "صدام حسين" إلى سلاح سياسي ضد مرشح ترامب في الكونغرس؟

كان عامر غالب قد دعم ترامب خلال حملته الانتخابية العام الماضي- جيتي
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تقريرا، لمراسلَيها نوح روبرتسون وجون هدسون، قالا فيه إنّ: "مرشح الرئيس دونالد ترامب لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى الكويت، فشل في الحصول على أغلبية الأصوات في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ التي يسيطر عليها الجمهوريون".

ونقلت الصحيفة، عن ثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر، بالقول: "ما يمهد الطريق أمام اللجنة لعرقلة ترشيح مسؤول رفيع المستوى آخر في وزارة الخارجية".

وكان عامر غالب قد دعم ترامب خلال حملته الانتخابية العام الماضي، بصفته عمدة مدينة هامترامك بولاية ميشيغان، ممّا ساعده على الفوز في الولاية بدعم من سكانها المسلمين والعرب الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان.

وأورد التقرير: "لكن خلال جلسة الاستماع الخاصة بتأكيد تعيينه الأسبوع الماضي، تعرّض غالب لتدقيق مكثف من قبل أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين اعترضوا على تصريحاته السابقة التي انتقد فيها إسرائيل وأعرب فيها عن دعمه للرئيس العراقي السابق صدام حسين". 

وقال أحد الأشخاص، متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته لوصف المسألة الداخلية، إنّ: "حوالي نصف الجمهوريين في اللجنة يعارضون ترشيحه"؛ فيما قال السيناتور تيد كروز (جمهوري من تكساس)، الذي أعلن علنا عن معارضته لغالب خلال جلسة الاستماع الأسبوع الماضي: "أعتقد أن آراءك الراسخة تتعارض بشكل مباشر مع آراء ومواقف الرئيس ترامب وموقف الولايات المتحدة".

أيضا، قال السيناتور ديف ماكورميك (جمهوري من بنسلفانيا)، الثلاثاء، إنه يعتزم التصويت ضد غالب. وسعى غالب إلى النأي بنفسه عن تصريحاته السابقة، قائلا إنّ: "بعضها صدر قبل أن يدعم ترامب، وأنه بصفته عمدة، أصدر قرارا يدين معاداة السامية".

أيضا، رفض البيت الأبيض التعليق رسميا ردا على طلب التعليق، لكن شخصا مطلعا على تفكير الإدارة قال إنه "لا توجد خطط لسحب ترشيح غالب في الوقت الحالي". ولم يرد متحدث باسم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الجمهوري على الفور على طلب للتعليق.

ومع ذلك، تابع التقرير بالقول: "يمثل ترشيح غالب المثير للجدل التحالف الهش الذي بناه ترامب في سياسته تجاه الشرق الأوسط". وخلال الحملة الانتخابية، استمال الرئيس كلا من المتشككين تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي الذين يعارضون الدعم الأمريكي اللامحدود لما يعتبرونه دولة صغيرة بعيدة عن شواطئ أمريكا، والصقور الذين رحبوا بدعم ترامب الواسع لدولة الاحتلال الإسرائيلي خلال إدارته الأولى. 

إلى ذلك، تجلّت هذه المشكلة بوضوح خلال فترة ولاية ترامب الثانية، التي أظهر فيها نزعات متناقضة تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي. ففي بعض الأحيان، انحاز إلى الجمهوريين التقليديين، الذين أشادوا بحملة القصف الأمريكية الواسعة النطاق ضد البرنامج النووي الإيراني في الصيف.

لكن الرئيس مارس أيضا ضغوطا على دولة الاحتلال الإسرائيلي في أوقات أخرى، حيث وبخ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على شنّ هجوم مباشر على قطر، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، وضغط على الحكومة لقبول وقف إطلاق النار مع حماس لإنهاء الحرب في غزة.

يوم الاثنين، سحب البيت الأبيض ترشيح جويل رايبورن لمنصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى. ويبدو أن رايبورن، المسؤول السابق في إدارة ترامب والذي يعمل حاليا في معهد هدسون المتشدد، افتقر إلى الأصوات اللازمة بين الجمهوريين لقيادة سياسة وزارة الخارجية تجاه الشرق الأوسط، على الرغم من أن أحد مساعدي الكونغرس الجمهوريين نفى هذا التوصيف. 

وكان السيناتور راند بول (جمهوري من كنتاكي)، الذي يدعم سياسة خارجية أمريكية أكثر اعتدالا، قد عرقل ترشيح رايبورن لعدة أشهر. وكان موقع "أكسيوس" أول من أورد خبر سحب ترشيح رايبورن.

في المقابل، واجه غالب مقاومة من المؤسسة الجمهورية المؤيدة بشدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي في مجلس الشيوخ، بينما فشل أيضا في الحصول على دعم الديمقراطيين في اللجنة، الذين اعترضوا على تصريحات سابقة له، بما في ذلك إعجابه بمنشور على فيسبوك يشير إلى اليهود على أنهم "قرود".

وقالت السيناتور جين شاهين (من نيو هامبشاير)، أبرز الديمقراطيين في اللجنة، خلال جلسة الاستماع الأسبوع الماضي: "لدي مخاوف جدية بشأن بعض التصريحات التي أدليتَ بها".

وتبرأ غالب من منشور على مواقع التواصل الاجتماعي في شهادته، وجادل بأن الإعجاب بالتعليق لا يعني تأييده. ونشرت الناشطة اليمينية المتطرفة، لورا لومر، هجمات معادية للمسلمين ضد غالب لأسابيع، ما زاد من صعوبة موقفه.

وقال مساعد آخر في الكونغرس الجمهوري: "لن أتفاجأ إذا كان لدى كل جمهوري [في اللجنة] نوع من القلق" بشأن الترشيح.

ويأتي مستقبل غالب غير المؤكد في أعقاب سلسلة من الانتكاسات المتعلقة بالتعيينات في إدارة ترامب. فإلى جانب رايبورن، سحب المرشح الذي اختاره ترامب لقيادة مكتب المستشار الخاص نفسه من الترشيح في الأيام الأخيرة بعد أن أشار العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين إلى أنهم سيصوتون ضده في أعقاب تقارير تفيد بأنه أرسل رسائل نصية إلى جمهوريين آخرين تتضمن عبارات عنصرية وقال إنه "يميل إلى الفكر النازي".

وفي الشهر الماضي، سحب البيت الأبيض ترشيح الاقتصادي إي. جيه. أنتوني لرئاسة مكتب إحصاءات العمل وسط انتقادات من الاقتصاديين المحافظين بأنه متحيز للغاية وغير مؤهل للوظيفة. وفي الربيع، سحب البيت الأبيض ترشيح إد مارتن لمنصب المدعي العام الأمريكي لمقاطعة كولومبيا.

في معظم الأحيان، وافق الجمهوريون في مجلس الشيوخ بحماس على اختيارات الرئيس. ولكن مع تقديم الرئيس لمرشحين مثيرين للجدل وغير تقليديين بشكل متزايد، أظهر المشرعون الجمهوريون مقاومة في حالات مختارة.

واختتم التقرير بالقول: "لا يزال عدد كبير من مناصب السفراء الأمريكيين شاغرا في جميع أنحاء العالم، ولم يتم ترشيح أي شخص لشغل هذه المناصب حتى الآن، وفقا لجدول بيانات محدث صادر عن جمعية موظفي الخدمة الخارجية الأمريكية  (AFSA)، وهي النقابة التي تمثل الدبلوماسيين الأمريكيين. كما لم يتم تأكيد تعيين ما يقرب من 20 شخصا رشحهم ترامب لشغل مناصب سفراء".