حقوق وحريات

لاجئون سوريون يعيشون مأساة في لبنان بعد قطع المساعدات الأمريكية

التخفيض المتعمد للمساعدات جعل حياة الأطفال أكثر قسوة وهشاشة- جيتي
نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالا للباحث ستيفن كوك، تناول فيه الأوضاع المأساوية التي يعيشها اللاجئون السوريون في لبنان، مشيرا إلى أن قطع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمساعدات الإنسانية فاقم من معاناتهم وبؤسهم.

وقال كوك، وفق المجلة، إنه خلال زيارة أجراها مؤخرا إلى لبنان وسوريا بدعوة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، شعر بحزن عميق لما شاهده من مشاهد إنسانية مؤلمة، حيث استمع إلى قصص اللاجئين عن سوء المعيشة، ونقص فرص العمل، والخوف الدائم من مداهمات الشرطة، مضيفا أن هؤلاء اللاجئين يواجهون خيارا مريرا بين البقاء في ظروف قاسية في لبنان أو العودة إلى سوريا التي وصفها فريق الأمن التابع للأمم المتحدة في دمشق بأنها "غير مستقرة ومتقلبة".

وأوضح الكاتب أن الأطفال هم الأكثر تضررا من هذا الوضع، إذ لا تزال وجوههم محفورة في ذاكرته: بعيونهم الداكنة ونظراتهم المليئة بالفضول وابتساماتهم الخجولة.


وأشار إلى أنه شاهد أطفالا يلعبون في برك مياه بجوار مبنى مدرسة مهجور شمال طرابلس، يضم 41 عائلة نازحة، وصبيا صغيرا يرتدي ملابس زرقاء يحمل لعبة بسيطة هي الوحيدة التي يمتلكها.

وفي مشهد آخر، وصف رؤيته لطفلين يرتدي أحدهما بدلة رياضية خضراء كتب عليها "NY Jets" مع شقيقتهما الرضيعة وهم يلعبون في ممر حصوي داخل ما يُعرف بـ"مخيم خيام غير رسمي" بالقرب من زحلة في وادي البقاع.

وبين كوك أن كلمة "خيام" مضللة، لأن تلك الملاجئ ليست سوى هياكل بدائية مكونة من ألواح خشبية وأغطية قماشية قديمة تابعة للمفوضية وصفيح معدني مموج، مشيرا إلى أن الأهالي يدفعون 150 دولارا شهريا لمالك الأرض مقابل هذا المأوى، إضافة إلى رسوم لجمع القمامة رغم عدم تنفيذ الخدمة.

ووصف مخيم زحلة بأنه الأسوأ بين جميع المخيمات التي زارها، وهو ما أكده أيضًا دبلوماسي متقاعد رافقه في الجولة.

وأضاف الكاتب أن ما رآه كان مروعا بما يكفي، لكن ما زاد من ألمه إدراكه أن هؤلاء الأطفال يعيشون حياة على الهامش حُكمت عليهم بالحرب والسياسة واللامبالاة، مؤكدًا أنهم يفتقرون إلى الكرامة ويتعرضون للعنف والاستغلال.

واعتبر أن مصيرهم يتأرجح بين إرث فظائع نظام بشار الأسد واستغلال النخبة اللبنانية لهم، وبين قسوة السياسات الأمريكية التي قلصت المساعدات.


وأوضح كوك أن الولايات المتحدة، عبر تخفيضات إدارة ترامب في ميزانية المساعدات الخارجية، شلت عمل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التي لم تعد قادرة على إصلاح الملاجئ أو توفير ملابس شتوية للأطفال، معتبرا أن تلك السياسات قصيرة النظر.

وأضاف أن هذا التقليص جعل من الصعب على الحكومات والمنظمات الدولية التخفيف من معاناة اللاجئين، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الفقر والعنف ويخلق جيلا ضائعًا من الأطفال المحرومين من التعليم والمعزولين عن مجتمعاتهم، ما يجعلهم عرضة للتطرف والعصابات.

وأشار إلى أن رغم التخفيضات، ما زالت الولايات المتحدة أكبر مانح للمفوضية، لكن مساهماتها بعد تقليص المساعدات أصبحت لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من ميزانيتها العامة، مؤكدًا أنه "بهذه المبالغ البسيطة يمكن ضمان أن يحصل الأطفال على سترات شتوية وملاجئ آمنة تفي بالحد الأدنى من المعايير الإنسانية".

واختتم الكاتب مقاله قائلا "صحيح أن هؤلاء الأطفال ليسوا أطفالنا، ولا يمكننا إنقاذ العالم، لكن يمكننا أن نجعل حياة طفل صغير أو رضيع أقل عرضة للخطر".