كشفت دراسة أن السعادة لا تجعل حياتك أفضل فحسب، بل قد تحميك من
الأمراض المزمنة الخطيرة، حيث وجد الباحثون علاقة بين مستوى سعادة الإنسان وانخفاض خطر إصابته بالأمراض غير السارية والتي تشمل أمراض القلب والسرطان والربو والسكري، وهي مسؤولة عن 75 بالمئة من الوفيات عالميا، ما يجعلها أحد أخطر التحديات الصحية في عصرنا.
ورغم أن العوامل الوراثية والبيئية وأنماط الحياة تلعب دورا معروفًا في تحديد المخاطر الصحية، إلا أن البحث الجديد يضيف عاملا جديدًا للمعادلة، وهو مستوى السعادة الشخصي. وتؤكد الخبيرة
يوليا يوغا من جامعة ألبا يوليا أن: "السعادة ليست مجرد شعور شخصي، بل هي مورد قابل للقياس في مجال الصحة العامة"، ما يعيد تعريف مفهوم الصحة ليتجاوز التركيز التقليدي على الإقلاع عن التدخين وتحسين التغذية، وفق ما نشرته
مجلة SINC العلمية.
واعتمد الباحثون في دراستهم على تحليل بيانات من 123 دولة باستخدام مقياس "سلم الحياة" الذي يقيس السعادة من صفر إلى عشرة، وكشفت النتائج عن نقطة تحول حرجة عند درجة 2.7، حيث تبدأ التحسينات في مستوى السعادة في الترجمة إلى فوائد صحية قابلة للقياس، فالدول التي يتجاوز متوسط سعادتها هذه العتبة تشهد انخفاضًا ملحوظًا في وفيات الأمراض غير السارية، حيث ترتبط كل زيادة 1 بالمئة في الرفاهية الذاتية بانخفاض 0.43 بالمئة في معدل الوفيات.
ورغم أن الآليات الدقيقة وراء هذه العلاقة لا تزال قيد الدراسة، يشير الخبراء إلى أن الشعور بالرفاهية قد يقلل من عوامل خطر أمراض القلب مثل ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، كما تدعم هذه النتائج دراسات سابقة أظهرت أن المصابين بالاكتئاب أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، وأن النظرة الإيجابية بعد التشخيص بالأمراض يمكن أن تحسن النتائج الصحية بشكل كبير.
وتفتح هذه النتائج آفاقا جديدة للصحة العامة، حيث يمكن للحكومات رفع مستوى السعادة من خلال سياسات ملموسة مثل تعزيز برامج الوقاية من السمنة، وتشديد القيود على الكحول، وتحسين جودة الهواء، وزيادة الإنفاق الصحي للفرد. ما يؤكد أن الاستثمار في سعادة المواطنين لم يعد ترفا، بل أصبح استثمارًا في صحتهم وعافيتهم.