قضايا وآراء

نحو دستور معرفي لثورة علمية للعرب والمسلمين

"العلم لا موطن له، ولا حكر عليه، وحجبه من أعظم الجرائم الإنسانية"
النظام المعياري لقيمي هويتي لإنتاج وكتابة ونشر المعرفة، دستور يرشد ويضبط وينظم ويوجه ويفعل الإنتاج المعرفي والكتابة والنشر لخدمة المرحلة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية.

أهداف المقال

1- توجيه الميول نحو الإنتاج الذاتي للمعرفة الحقيقة اللازمة لبعث حضاري جديد.

2- ضبط وترشيد وتوجيه الإنتاج المعرفي نحو أولويات احتياج الأمة الإسلامية.

3- إعادة تحرير مفهوم إنتاج المعرفة، وتحسين معاييره وجودته.

المجال التوظيفي للمقال

1- إعادة ترتيب أولويات اختيار موضوعات رسائل وموضوعات والبحث العلمي في الجامعات والأكاديميات ومراكز البحوث والدراسات نحو بوصلة احتياجات الأمة، فيما يعد الحق العام المعرفي للأمة الإسلامية، مما يرتقي إلى درجة فروض العين المهمة والعاجلة لتحرير الأمة الإسلامية من قيود التخلف والضعف والاستبداد.

2- أسلمة المعرفة إنتاجا وتوظيفا، والتحرر من التبعية العلمية للمشروع الغربي والعمل بخيرة عقول علماء المسلمين في خدمته.

فلسفتنا في فهم المعرفة والإنتاج المعرفي:

1- العلم لصناعة الحياة وتطويرها، وليس كما يدعى البعض "العلم للعلم"، فلا قيمة لعلم ليس دور وظيفي مباشر، أو غير مباشر في حل مشاكل الإنسان وتطوير الحياة.

2- نعتقد بضرورة توجيه بوصلة إنتاج المعرفة بحسب أولويات الأمة الإسلامية، وليس غير ذلك من ميول الباحثين أو احتياجات السوق الوظيفي أو أجندات النظام العالمي.

3- لا نؤمن بالعلوم والمعارف الميتة (التي ليس لها فائدة في الحياة الآن، فلا وقت للرفاهية المعرفية).

4- العلم لا موطن له، ولا حكر عليه، وحجبه من أعظم الجرائم الإنسانية. وقد أسس المسلمون علوما كثيرة وطوروا علوما أخرى استند الغرب عليها في نهضته، وجاء الغرب ليفرض احتكارا محكما على المعارف والعلوم ليقطع على غيره طريق اللحاق والمنافسة، مما فرض على المسلمين تحديا جديدا أوجب الاستجابة والنفرة المعرفية لملاحقته والتقدم عليه رحمة للعالمين.

5- الانفتاح على العالم وحكمة توطين المعرفة بما يعزز بناءنا المعرفي الإسلامي الخاص.

بواعث تصميم النظام المعيارى:

في سياق الواقع الحالي المأزوم المؤقت للعقل والمعرفة والثقافة الإسلامية من:

1- إهمال وتهميش قيمة العلم، وضعف القدرة على إنتاج المعرفة.

2- سيادة العقل الناسخ من التراث أو من الغير.

3- سطحية وهشاشة التناول المعرفي للظواهر والتحديات والمشاكل.

4- غياب الجدية والطموح المعرفي.

5- نزوع البعض نحو الاستغراق النظري البعيد عن احتياجات الواقع، والانفصام بين النظرية والتطبيق.

5- سيادة التفكير الجزئي التفصيلي على حساب الكلي الاستراتيجي.

6- عدم وجود رؤية وبوصلة معرفية، ولا خريطة بحثية جامعة أو جزئية تحدد الاحتياجات والأولويات المعرفية للأمة الإسلامية.

7- غياب ثقافة التفكير وتعلم إنتاج المعرفة عن مناهج التعليم الأساسي والجامعي.

10- غياب ثقافة القراءة والاطلاع كمّا وكيفا، مقارنة بدول العالم المتقدمة.

11- سيطرة وسائل الإعلام وتطبيقات التواصل الالكتروني على العقول على حساب القراءة والاطلاع.

12- انتشار ثقافة المتعة والترفيه والتفاهة على حساب الجد وتحمّل مسؤولية إحياء ونهضة الأمة.

من أهم واجبات الوقت في حياتنا العلمية:

1- إعادة تنظيم الجهاز المعرفي الجمعي المسلم.

2- تنظيم علاقتنا بالمعرفة كأهداف ومبادئ وسياسات محكمة تعيد للعقل المسلم حيويته وقدرته وقوته على الإنتاج المعرفي المتجدد.

3- تحديد أولويات البحث العلمي والإنتاج المعرفي والتي لا بد أن تبدأ بالتحرر والتنمية.

4- تنظيم سياسات وأساليب التناول العلمي والعملي المعزز للتطبيق الحقيقي الفاعل للمعرفة.

5- تطوير مضامين وأشكال التناول التي تجذب القراء وتعيد إحياء ثقافة القراءة وحب العلم وإنتاج المعرفة.

أهداف النظام المعياري للكتابة

1- توجيه الميول نحو الإنتاج المعرفي المتجدد اللازم لتقدم ونهضة الأمة الإسلامية.

2- ضبط وترشيد الجهود نحو أولويات الإنتاج المعرفي اللازمة لمواجهة تحديات الواقع والعبور للمستقبل.

3- التخلص من معوقات ومشتتات وترف الإنتاج المعرفي.

4- تعزيز وتمكين القدرات اللازمة للإنتاج المعرفي المستمر.

5- المساهمة المنهجية والمعرفية في تيار/ استراتيجية أسلمة المعرفة.

ماهية المعرفة:

- المعرفة هي ما يشكل ويزيد الوعي الجديد في شتى مجالات الحياة الإنسانية والكونية وتطبيقاتها المختلفة.

- المعرفة حق إنساني وجودي، مرتبط بمجرد وجود الإنسان في الحياة.

- حب المعرفة فطرة إنسانية حية، يئدها إلف العادة وبلاهة الاستهلاك، وبلادة الاعتماد على الآخر.

- حاجة الإنسان إلى المعرفة وجودية، كما الهواء والغذاء.

- ازدياد سرعة واتساع وشدة الحاجة للمعرفة بفعل التكنولوجيا والاتصال.

- سعة التحديث المعرفي أدت إلى سرعة التقادم المعرفي واتساع الفجوات والمنافسة المعرفية الساخنة.

- الإنتاج المعرفي هو المصدر الأساس لتعزيز قدرات الفرد والمجتمع والأمة، وبقاء المجتمعات حية وحاضرة وتعظيم قدراتها وبناء قوتها وتموضعها بين الأمم.

علاقة المجتمعات بالمعرفة

تنقسم المجتمعات من حيث علاقتها بالمعرفة الى أربع طبقات:

الطبقة الاولى: مجتمع عبقري منتج ومستخدم للمعرفة المتجددة.

الطبقة الثانية: مجتمع ناقل ذكي للمعرفة يفهمها ويدرك حكمتها ونقدها وتطويرها

الطبقة الثالثة: مجتمع ناسخ وناقل للمعرفة من دون فهم حكمتها.

الطبقة الرابعة: مجتمع غير ذكي مستهلك للمعرفة.

حقيقة وجوهر الإنتاج المعرفي

ابتكار وخلق وتشكل معرفة جديدة، والذي يأخذ أشكال عدة:

1- اكتشاف معرفة جديدة من صفحات الوحي أو من صفحات الكون.

2- إنتاج معرفة جديدة غير مسبوقة.

3- تطوير معرفة سابقة.

4- إنتاج تطبيقات جديدة لمعارف سابقة.

أشكال معرفية شائعة ليست من المعرفة الجديدة

1- نسخ معارف سابقة.

2- تجميع وإعادة تنظيم وتبويب وإعادة إخراج معارف قديمة.

3- تلخيص معارف سابقة.

4- نقد معارف سابقة من دون تقديم التصويب المقترح.

5- تحقيق وتوثيق معارف قديمة.

6- تكرار التوصل إلى نتائج واستنتاجات سابقة.

شروط الإنتاج المعرفي:

1- مناسبة وصحة وسلامة المنهج العلمي المستخدم لإنتاج هذه المعرفة.

2- مؤسس على تراكم علمي موثق، أو مصادر معرفية موثقة.

3- صحة هذه المعرفة منطقيا وعلميا وتاريخيا وشرعا.

4- توافر البرهان والدليل على صحة هذه المعرفة.

5- تمثل قيمة مضافة وتراكما علميا للتخصص.

5- قابلة للتطوير، أو للتطبيق العملي.

6- تلبية أولوية الاحتياجات المعرفة للمرحلة التي تمر بها الأمة الإسلامية.

الجهاز المعرفي للإنسان- العناصر والمقومات الأساسية للإنتاج المعرفي الجديد:



ويتكون من ستة عناصر أساسية هي:

1- العقل الذكي.

2- التخلق بقيم منتجي المعرفة. (الرواد في كل تخصص، القاطرات البشرية للمجتمعات والأمم- السابقون المقربون).

3- مهارات وطرق ومناهج التفكير العلمي.

4- الأدوات المعرفية.

5- محفزات ومولدات التفكير.

6- المنتجات المعرفية المحكمة منهجيا وعلميا.

أهم طرق ووسائل الإنتاج المعرفي الجديد

1- بالتدبر العلمي الممنهج في القرآن والسنة.

2- بطرح أكبر قدر من الأسئلة الفلسفية والبحث في إجابتها.

3- بالرصد والتحليل والاستكشاف.

3- بالتجربة العملية.

4- بالتفكير النقدي والبحث في علاج الانحراف والقصور

5- بالاستدلال العلمي.

6- بالاستنتاج الموثق بالبراهين.

7- بالاستشراف المؤسس على معطيات.

8- برصد وتبويب وتحليل واستقراء الواقع الظواهر وإنتاج السنن والقوانين.

9- بالاستقراء المعرفي بتجميع المعارف الصغيرة وإنتاج معارف كلية والتأكد من صحتها.

10- بالاستنباط بتفكيك المعارف الكلية إلى معارف فرعية جزئية والتأكد من صحتها.

المعايير الفنية للإنتاج المعرفي والكتابة والنشر

أولا: المعايير الخاصة بإعداد المحتوى المعرفي الجديد

1- التقديم والالتزام بالمنهج العلمي الصحيح في إنتاج وتوثيق المعرفة.

2- التوثيق العلمي الرصين وتجنب المصادر والأفكار والروايات الضعيفة وغير الموثقة.

3- المباشرة ودقة التصويب والدخول في الموضوع بدون مقدمات إلا عند الضرورة العلمية.

4- التركيز على المفاهيم الأساسية وعدم التشويش عليها بأفكار وحواشٍ أخرى ثانوية.

5- استخدام المقدمات التمهيدية والتعريفية عند الحاجة وبإيجاز.

6- تجنب الترف الفكري، والمحافظة على وقت القارئ، والاستثمار السريع في لحظات الذروة الاستيعابية التي تقصر بشكل مستمر بفعل ضغوط الحياة ومنافسة المشتتات الالكترونية.

7- تكامل التناول العلمي ببيان الظاهرة وتسميتها وتحليلها وبيان أسبابها وإنتاج الحلول المقترحة وبيان الوسائل والأدوات اللازمة وكيفية تنفيذها.

8- التزام منهاج التسلسل الموضوعي من الكل إلى الجزء، أو من الجزء إلى الكل بحسب طبيعة المادة.

9- التركيز على الإجابة على سؤال الماهية والكيفية، وتجنب تكرار الاستغراق في توصيف الظواهر والتحذير من مخاطرها، وتوجيه الجهد لإنتاج الأفكار والحلول والمشاريع والبرامج الإصلاحية.

10- التزام العملية ببيان الأدوار الوظيفية للمفاهيم والأفكار وترجمتها إلى واجبات عملية.

11- تجاوز الآراء الخلافية وصولا إلى الرأي الأرجح فقط.

12- استخدام العديد من الأمثلة والأدلة والنماذج والرسوم التوضيحية التطبيقية المتنوعة لفرد وأسرة ونادٍ ومدرسة وحزب حتى تتضح الأفكار أكثر، ويسهل وينضج الفهم والاستيعاب أكثر وأكثر.

13- النفاذ إلى جوهر وعمق المشاكل التربوية والثقافية والاجتماعية، وتناولها بموضوعية وشفافية دون التعرض أو الإساءة للأشخاص أو الهيئات.

14- التعامل بمنطق القارئ المتدرب عبر تصميم سلسلة من التدريبات والحالات العلمية التي يقوم القارئ كمتدرب بإعمال عقله فيها وحلها بنفسه، وربما يصل أحيانا لنتائج أفضل من التي كان سيقدمها المؤلف.

15- التركيز على فهم المعرفة بذاتها وإعادة كتابتها ضمن السياق العام للتناول من دون ذكر أسماء العلماء، لتحرير العقل المسلم من ظاهرة تقديس العلماء والوقوف عند أقوالهم والتعصب لها.

16- الاستعانة بالنصوص الدينية المباشرة ذات العلاقة بالفكرة محل البحث، بعد التأكد من ارتباطها بالقيمة أو المهارة محل البحث، من خلال فهمها في السياق العام للآيات، والتركيز الشديد بآية واحدة أو آيتين على أقصى تقدير.

17- اليقظة الشديدة والتخلص من الروح الصوفية المسكونة في شرح وتأويل البعض، والتي تقدم مفاهيم سطحية مختزلة لقيم ومفاهيم القرآن يغلب عليها التواكل والزهد والعزلة عن الحياة.

18- التركيز على الدور الوظيفي للمعتقدات والعبادات والقيم في الحياة، بالتفكير وإنتاج المعرفة الخاصة بالمقاصد والحكمة والأهداف وبيان أثرها على تطور شخصية وعلاقات وفاعلية وتأثير وإنجاز المسلم في كافة جوانب حياته، مع التوقف التام عما هو معلوم بالضرورة من فضل كل ذلك في الآخرة بنسخ الآيات والأحاديث وأقوال السابقين.

19- التجرد العلمي من أية مسلمات مسبقة، أو أيديولوجيات خاصة.

20- الإيجاز غير المخل بالموضوع محل التناول.

ثانيا: المعايير الخاصة بالصياغة وإخراج المعرفة الجديدة

1- استخدام الرسوم التوضيحية والبيانية والصور المعبرة والتي تبرز المفاهيم بشكل تصويري جذاب سهل الفهم وسريع الاستيعاب.

2- استخدام قوالب لفظية ومصطلحات سهلة ومعروفة لكافة الشرائح.

3- التبسيط المناسب في التناول على مستوى المادة والمصطلح حتى تصل المفاهيم إلى كافة المستويات الثقافية والمهنية.

4- تجنب الاستغراق في الأساليب الأدبية على حساب المحتوى المستهدف.

5- استخدام طريقة الترقيم والتنقيط، بدلا من السرد المتتالي الذي يصيب القارئ بالتشتت والملل والسرحان.

6- تجنب الإنشاء والتكرار والمترادفات.