ملفات وتقارير

هل سيلتزم نتنياهو باتفاق شرم الشيخ لوقف حرب غزة؟

إيكونوميست: عقبات اتفاق غزة كبيرة بسبب انعدام الثقة والإصرار على نزع سلاح حماس – البيت الأبيض
قُضي الأمر، ووُقِع اتفاق قيل إنه سيضمن السلام في الشرق الأوسط خلال قمة عقدت في مدينة شرم الشيخ بشأن غزة، ترأسها الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والأميركي دونالد ترامب، وبمشاركة نحو 20 من قادة دول آخرين. قال مقال رأي في الغارديان إنهم أنفسهم من "مكّنوا ورعوا المذبحة في غزة"، ولهذا لا يمكنهم بناء مستقبل وصنع سلام آمن وحقيقي لفلسطين.


وعود ترامب بعصر ذهبي تبدو فارغة
نيويورك تايمز أشارت في تحليل لها إلى احتفال الرئيس الأميركي دونالد ترامب بما اعتبره إنجازا سياسيا، متجاهلا الحديث عن الخطوات المقبلة لإعادة إعمار غزة أو مستقبل الفلسطينيين، وركز ترامب خلال كلمته أمام الكنيست على مدح نتنياهو، دون تقديم رؤية واضحة لما بعد الحرب، أما الغارديان، فقالت إن وعود ترامب بعصر ذهبي تبدو فارغة، إذ تخلو خطته من أي جدول زمني لتقرير المصير الفلسطيني.



سجل الاحتلال سيئ في خرق الهدن
سجل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الحافل بنقض العهود، دعا حماس إلى حث ترامب والوسطاء على ضمان عدم استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، وطالب الناطق باسم الحركة حازم قاسم باستمرار مراقبة سلوك الاحتلال وضمان عدم استئناف عدوانه على القطاع.

الشك والريبة، دفعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تحذير إسرائيل من العودة إلى "ارتكاب المجازر" بعد توقيع اتفاق شرم الشيخ بسبب السجل السيئ لتل أبيب في خرق الهدن السابقة، مشيراً إلى أن "الثمن سيكون هذه المرة باهظاً".

عقبات كبيرة في اتفاق غزة
أشارت مجلة "الإيكونوميست" في مقالها الافتتاحي الرئيسي وغلاف عددها الجديد هذا الأسبوع إلى وجود عقبات كبيرة في اتفاق غزة بسبب انعدام الثقة والإصرار على نزع سلاح حماس، ورغم تشاؤمها، فإنها قالت إن هذا الاختراق الدبلوماسي قد يكون "بداية جديدة للشرق الأوسط" عقب عامين من الفظائع وجولات لا تنتهي من القتل في غزة.

لربما يكون اتفاق غزة مجرد استراحة محارب، ليُستأنف بعدها القتال، حيث تساءلت صحيفة واشنطن بوست إن كان ما جرى في قمة شرم الشيخ هو حقاً "فجر تاريخي لشرق أوسط جديد"، كما قال ترامب أمام الكنيست، مع "أرض مقدسة تنعم بالسلام أخيراً"؟، أم أنه مجرد وقف إطلاق نار آخر في صراع مستمر منذ أكثر من 100 عام؟.

الكاتب ماكس بوت يجيب، قائلاً: "للأسف، تشير جميع الدلائل إلى أنه لا يوجد شيء نهائي بشأن السلام الذي تنعم به غزة، وإن تأخر، بعد عامين من القتال العنيف"، مضيفاً: "إن تحويل وقف إطلاق النار إلى سلام دائم يتطلب تضحيات لا يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستعد لتقديمها.

"العصا والجزرة"
رغم الضغوط التي مارسها ترامب على نتنياهو للقبول باتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن غرور وعنجهية الأخير كما يصفه زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، لا تدع مجالاً للتنبؤ بتصرفات أكثر حكومات الاحتلال تطرفاً، حتى أن ترامب استخدم الجزرة مع العصا لدفع نتنياهو لأن يكون أكثر مرونة، حيث طلب من رئيس دولة الاحتلال العفو عن قضايا الفساد التي يحاكم فيها حالياً، والتي كانت أحد أبرز أسباب إصرار بنيامين على مواصلة الحرب.".


"المعركة لم تنته بعد"
نتنياهو، الخاضع لضغوط ائتلاف اليمين المتطرف في حكومته، تناقضت تصريحاته خلال ساعات؛ فقبل يوم من حضور ترامب تل أبيب، زعم أن إسرائيل حققت "انتصارات كبيرة" خلال الحرب الجارية في غزة، قائلاً: "المعركة لم تنته بعد، وما زالت أمامنا تحديات أمنية كثيرة، وبعض أعدائنا يحاولون تأهيل قدراتهم لمهاجمتنا مجدداً، وسنواصل مواجهتهم بقوة"، ليعود ويقول أمام ترامب في الكنيست إن "الحرب انتهت".


ترامب الذي أعلن من داخل الكنيست أن الحرب الإسرائيلية على غزة انتهت رسميًا، واصفًا اليوم بأنه "رائع ويحمل بداية جديدة"، لا يشاركه الرأي نفسه نتنياهو بحسب شبكة سي أن أن، فهو حتى اللحظة غير مقتنع بخطة السلام الأمريكية وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، ولكنه قبل بها على مضض بعد أن حذره ترامب من تعرض إسرائيل لعزلة دولية خطيرة وكبيرة.

"أوهام النصر الكامل"
وفقًا لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، فإن نتنياهو يحاول إقناع الرأي العام الإسرائيلي بأوهام النصر الكامل، وأن حماس استسلمت بالفعل وقبلت جميع المطالب، إلا أن مراجعة وثائق الاتفاق تكشف عن جملة تنازلات عميقة جدًا وشبه كاملة بحسب مصدر استخباراتي، يتضح منها أن حماس لم توافق على نزع سلاحها أو تهميش دورها في غزة، لا في الاتفاق بنسخته الإنجليزية الذي وقعته إسرائيل والولايات المتحدة ودول الوساطة، ولا في نسخته العربية التي وقعها القيادي في حماس، خليل الحية.

وأكد الخبير الأمني الاستخباري رونين بيرغمان لدى يديعوت أحرونوت، خلو خطة ترامب من وجود ما يُلزم قادة حماس بالمغادرة إلى الخارج، أو حل الحركة، أو نزع أسلحتها، أو استمرار السيطرة الأمنية الإسرائيلية على كامل المنطقة.

حماس لم تخضع للشروط
نتنياهو الذي بدا فخورًا بحسب الصحيفة العبرية، هو من وضع جميع الشروط التي لم تخضع لها حماس ولم تلتزم بتنفيذها، حيث سبق وعرض مبادئه الخمسة خلال مؤتمر له بشأن إنهاء الحرب، قائلاً: ستُنزع أسلحة غزة، وستكون إسرائيل مسؤولة عن الأمن، وستُقام مناطق آمنة على حدود غزة، وستُعيّن حكومة مدنية في القطاع تعيش بسلام مع إسرائيل".

شروط اتضح أنها مستحيلة، بحسب اللواء احتياط في جيش الاحتلال إسحاق بريك، الذي أكد في تقرير له نشرته صحيفة معاريف العبرية، إن هدف نتنياهو المتمثل في "تدمير حماس بالكامل" غير واقعي، وقد أوصل إسرائيل إلى أدنى مستوى لها في تاريخها، عقب تحديده هدفًا مستحيلًا، مؤكدًا أن ما دفع نتنياهو إلى الموافقة على خطة ترامب كان من أجل الحفاظ على بقائه السياسي والشخصي، وليس أمن إسرائيل.

مقاتلو حماس أعادوا انتشارهم في غزةومع آفاق بنهاية حرب لطالما حاول نتنياهو إطالتها وعرقلة مفاوضات وقفها، بدعوى ضرورة القضاء على حماس وقدراتها اللوجستية، وإذا بمقاتلي الحركة يباشرون بإعادة سيطرتهم على قطاع غزة بعد ساعات فقط من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وفقاً لصحيفة "فاينانشال تايمز" التي نقلت عن شهود عيان قولهم إن الحركة أقامت نقاط تفتيش، وخاضت اشتباكات مع خصوم محليين.


حيت اعتقلت فلسطينيين يُشتبه بتعاونهم مع دولة الاحتلال، وبشكل أثارت دهشة سكان القطاع، وبالتزامن مع اجتماع قادة 20 دولة في مصر لتثبيت بنود خطة وقف القتال، فيما جددت حماس تأكيدها أن الحركة تتمسك بعدم التخلي عن سلاحها، مشيرة إلى أن مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق إنهاء الحرب قد تكون أكثر تعقيداً.

وأكثر ما يثير الدهشة هو رد الرئيس ترامب على سؤال لصحفية بشأن نشر حماس قوات الشرطة في غزة وملاحقة بعض المتورطين في عمليات قتل للفلسطينيين، قائلاً: "أعطيناهم الموافقة، هم يقومون بذلك لأنهم يريدون إيقاف المشاكل، ونحن منحناهم الموافقة، طلبنا منهم المراقبة للتأكد من أنه لن تكون هناك جرائم كبيرة أو مشاكل في مثل هذه الظروف، نريد أن يكون الوضع آمناً".


الاحتلال ينتهك الهدنة
استئناف جيش الاحتلال غاراته على حي الشجاعية شرق مدينة غزة وتسببه باستشهاد وإصابة العديد من الفلسطينيين، بعد يوم واحد من اتفاق شرم الشيخ، وتجديد رئيس الأركان إيال زمير على ضرورة نزع سلاح حماس وتدمير الأنفاق، خروقات واستفزازات، لا توحي بأن العالم قد طوى صفحة من العنف، وما جرى مجرد هدنة هشة لن تلتزم بها دولة الاحتلال، ولن يتمكن الوسطاء من لجم جماح تطرف يقود المنطقة لسيناريو لربما يكون الأسوأ في تاريخ البشرية.