سياسة عربية

فرنسا تدخل على خط الأزمة بين فنزويلا وغويانا وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية

أي تصعيد عسكري في منطقة غنية بالنفط سيؤدي إلى تقلبات حادة في أسواق الطاقة العالمية- أكس
نشر موقع "شيناري إيكونومتشي" الإيطالي، تقريرا، يسلّط الضوء على دخول فرنسا على خط النزاع بين فنزويلا وغويانا الفرنسية، على منطقة "إيسيكويبو" الغنية بالنفط، مبينا أنّ: "هذه الخطوة تزيد من حدة التوتر في منطقة الكاريبي في ظل تصاعد الضغوط الأمريكية على كاراكاس".

وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "فنزويلا التي تمتلك أكبر احتياطات نفط خام في العالم، ما تزال عالقة تحت وطأة العقوبات الأمريكية ونقص الاستثمارات، بينما تحظى غويانا بدعم غربي كبير لزيادة إنتاجها في المنطقة المتنازع عليها".

وأوضح أنّ: "غويانا الفرنسية قد أعلنت مؤخرا تعزيز تعاونها العسكري مع باريس لحماية منطقة "إسيكويبو" الغنية بالنفط"، في إشارة إلى أنّ ذلك يأتي في أعقاب تقارير عن مساعدة فرنسية لغويانا في عمليات المراقبة والدوريات الجوية على حدودها الغربية، بينما تستمرّ شركة إكسون موبيل في قيادة إنتاج النفط في المنطقة، والذي يتجاوز 640,000 برميل يوميًا، وفقًا لما أوردته وكالة "يونايتد برس إنترناشيونال".

وصرّح المسؤولون في وزارة الدفاع الفرنسية بأنّّ: "الشراكة تهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي والوعي بالسيادة البحرية، بينما شدّدت جورج تاون على أن إنتاجها النفطي المتزايد يتطلّب تنسيقًا أكبر في المجال الأمني، إذ من المتوقع أن ترتفع الصادرات إلى 800,000 برميل يوميًا بحلول منتصف عام 2026".

وذكر الموقع أنّ: "فرنسا تحتفظ بجنود في غويانا الفرنسية، معظمهم من قوات الفيلق الأجنبي الفرنسي، إضافةً إلى زوارق بحرية تعمل بين جزر الكاريبي وغويانا. ورغم أن هذه القوة ليست كبيرة، إلا أنه يمكن تعزيزها بسرعة من الجانب الفرنسي".

النزاع مع فنزويلا
أكد الموقع خلال التقرير نفسه، أنّ: "فنزويلا تطالب بمنطقة إيسيكويبو، وهي منطقة تشمل معظم الاحتياطات النفطية البحرية المؤكدة لغويانا، والتي تُعدّ من أكبر اكتشافات النفط في القرن الحالي".

وتؤكد كاراكاس أنها لا تعترف بقرار التحكيم الصادر عام 1899، والذي منح منطقة إيسيكويبو لما كان يُعرف آنذاك بـ"غويانا البريطانية"، كما ترفض الولاية القضائية لمحكمة العدل الدولية في القضية التي رفعتها غويانا بشأن هذا النزاع الحدودي بينهما.

تصاعد التوتر بين واشنطن وكراكاس
أشار الموقع إلى أنّ: "هذا التعاون بين غويانا وفرنسا يتزامن مع تصاعد التوتر بين واشنطن وكراكاس، حيث  نفّذت القوات الأمريكية خلال الأسبوع الماضي ما لا يقل عن أربعة هجمات ضد ما وصفه البنتاغون بأنه قوارب تعمل في تهريب المخدرات؛ بالقرب من المياه الفنزويلية".

إلى ذلك، وفقا للموقع الإيطالي فإنّ: "أحد هذه الهجمات أسفر عن مقتل أربعة من أفراد الطاقم بعد أن أصيب زورق سريع في المياه الدولية قبالة شبه جزيرة باريا".

واسترسل: "دافع الرئيس دونالد ترامب عن هذه العمليات، مشيرا إلى أنها نُفِّذت وفقًا لقواعد الاشتباك ضدّ عصابات المخدرات، في حين ندّد المسؤولون الفنزويليون بهذه الضربات واعتبروها: أعمالًا حربية".

لماذا تتدخل فرنسا في النزاع؟
أوضح الموقع أنّ: "فرنسا لها مصلحة مزدوجة من التدخل في هذا النزاع، حيث تهدف على الصعيد الرسمي إلى ضمان الاستقرار في منطقة لها فيها مصالح مباشرة".

وتابع: "كما أنها تريد إبراز نفوذها الجيوسياسي، والدفاع عن المصالح النفطية الغربية بشكل عام، وتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع بلد غني بالنفط"، مردفا: "بما أن عدم الاستقرار في هذه المنطقة قد يضر بالاقتصاد العالمي، ترى فرنسا التي تنتمي لمجموعة السبع الكبار أن من دورها ضمان أمن إمدادات الطاقة".

هل يندلع صراع مسلح بين غويانا وفنزويلا؟
يشير الموقع إلى أنّ: "نشوب صراع واسع النطاق بين غويانا وفنزويلا غير مرجّح حاليا رغم أنه يبقى احتمالا قائما"؛ مضيفا: "فنزويلا تتفوق عسكريًا على غويانا، لكن أي غزو مباشر سيُثير ردّا دوليا قويا تقوده الولايات المتحدة، مع عواقب مدمّرة محتملة على كراكاس".

وحسب الموقع، تأتي خطوة غويانا بإشراك فرنسا في المعادلة، إلى جانب تعزيز الوجود الأمريكي، كأداة ردع واضحة، أما الخطر الأكبر فإنه يكمن في الاشتباكات الحدودية المحدودة أو الحوادث البحرية، التي قد تتصاعد وتؤدي إلى تدخل دولي.

التأثير على أسعار النفط
وفقا للموقع، أي تصعيد عسكري في منطقة غنية بالنفط سيؤدي إلى تقلبات حادة في أسواق الطاقة العالمية.

ورغم أن إنتاج غويانا لا يزال يشكل جزءًا صغيرًا من الإنتاج العالمي، فإنه ينمو بسرعة كبيرة ويستند إلى احتياطيات ضخمة، وأي توقف لصادراتها، إلى جانب الوضع الهش في فنزويلا، سيؤدي إلى انخفاض العرض عالميا ويدفع الأسعار إلى الارتفاع.

وختم الموقع، بالقول إنّ: "الأسواق المالية تتابع هذه التطورات عن كثب، إذ يعد استقرار أمريكا الجنوبية عنصرًا أساسيًا في توازن الطاقة العالمي".