ملفات وتقارير

"نبوءة السنوار".. ماذا يعني الاعتراف الدولي المتسارع بفلسطين؟

المدن العالمية والأوروبية شهدت مظاهرات حاشدة دعماً لغزة والفلسطينيين - الأناضول
بعد عامين من حرب الإبادة على غزة، تتبدل ملامح المشهد الدولي بصورة غير مسبوقة، إذ يجد الاحتلال الإسرائيلي نفسه في دائرة عزلة متزايدة، بينما تتسع رقعة الاعتراف بفلسطين لتشمل عواصم كانت حتى وقت قريب من أقرب حلفائه.

هذا التحول، الذي تنبأ به رئيس حركة حماس الشهيد يحيى السنوار قبل اغتياله، لم يعد مجرد تصريحٍ رمزي، بل بات، بحسب مراقبين، واقعا سياسيا ملموسا تترجمه المواقف الرسمية والمظاهرات الشعبية ومداولات البرلمانات الأوروبية، التي أعادت القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام العالمي.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للسنوار  يتوقع فيه أن تفرض المقاومة الفلسطينية ضغطا دوليا على الاحتلال الإسرائيلي، إما الإلتزام بالقانون الدولي وإيقاف الانتهاكات في الضفة الغربية، أو الوصول إلى اعتراف دولي بدولة فلسطين ووضع الاحتلال في عزلة دولية.

 

الوعي الشعبي يتصاعد والمظاهرات تتضاعف
وخلال العامين الماضيين، شهدت المدن العالمية والأوروبية مظاهرات حاشدة دعماً لغزة والفلسطينيين، ففي باريس ولندن وبرلين وإيطاليا وهولندا خرج عشرات الآلاف في مسيرات تضامنية، مؤكدين على رفضهم للانتهاكات الإسرائيلية ومطالبتهم بإنهاء الحصار على غزة.


وفي  دول شرق آسيا كوريا الجنوبية واليابان واندونيسيا وماليزيا شهدت الساحات مظاهرات شبابية حاشدة حملت شعارات موحدة، تعكس توحد الرأي الشعبي حول القضية الفلسطينية، وارتفع الوعي العام بمأساة الفلسطينيين عبر حملات إعلامية ووسائط التواصل الاجتماعي التي نقلت صورا مباشرة من الميدان، ما زاد الضغوط على الحكومات لاتخاذ مواقف رسمية داعمة.



الاعتراف الدولي بدولة فلسطين: قائمة الدول ومواقفها
وتزامنًا مع هذا الزخم الشعبي، أعلنت عدة دول عن اعترافها بدولة فلسطين، في خطوة اعتبرت استجابة جزئية لنبوءة السنوار، من بين هذه الدول: المملكة المتحدة، كندا، أستراليا، البرتغال، فرنسا، وسلوفينيا وإسبانيا.

وركزت هذه الدول في بياناتها الرسمية على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مشيرة إلى أن الاعتراف يهدف إلى دعم جهود السلام واستقرار المنطقة، بعض هذه الاعترافات حملت بعدا رمزيا دبلوماسيا، فيما اعتبرت دول أخرى أن له تأثيرًا مباشرًا على المفاوضات السياسية المستقبلية بين إسرائيل وفلسطين.


التزامات على الدول المعلنة
وأردف فراسيني أنه من الجانب العملي الاعترافات تلقي التزامات على الدول المعلنة؛ المفروض أن تعقبها خطوات ملموسة، كحماية المدنيين، ودعم إعادة الإعمار، ووقف التعاون العسكري الذي قد يسهِم في استمرار الأزمة، لكننا لم نر حتى الآن تحوّلًا جوهريًا في السلوك الدولي يوازي هذا الكم من الاعترافات، فالكثير من الدول ظلت صامتة أو مشاركة بطريقة لا تؤثر فعليًا على أداء الاحتلال".

الموقف الداخلي الفلسطيني
وقال فراسيني إن "حيث الموقف الفلسطيني الداخلي، فالمشكلة أن هذه الاعترافات في كثير من الأحيان تقوي السلطة الفلسطينية بوصفها الطرف المعترف به، فيما تهمل منظمة التحرير التي تمثل طيفًا أوسع من الفصائل.

وأضاف أن هذا يضع الفلسطينيين أمام معضلة: هل نعطي الأسبقية لهيئة تمثل طيفا محدودًا أم نعمل على إعادة بناء منظمة التحرير لتكون الإطار الجامع والشرعي؟ وجهة نظري أن العودة إلى منظمة التحرير المعاد هيكلتها تمثل مدخلًا للخروج من هذا الفراغ.

منظور عقابي.. الاعتراف بإسرائيل
وتابع الباحث في الشؤون الأوروبية ورئيس نادي فلسطين في بلجيكا ، أنه من منظور عقابي فعلي، فسحب الاعتراف بدولة إسرائيل من قبل دولٍ ما سيكون أكثر تأثيرًا وردعا من مجرد الاعتراف بفلسطين، والاعتراف الإضافي لا يغير كثيرا ما دام الطرف المعني (إسرائيل) يحافظ على علاقاته الدبلوماسية مع قوى دولية كبرى؛ أما حرمان إسرائيل من الاعتراف الدولي فسيكون إجراء ذي وزن حقيقي.

خطة ترامب ومسار الاعتراف
وقال فراسيني إن ما يتعلق بالمسار الأمريكي وخطة ترامب، هناك تناقض واضح؛ فبعض الدول التي رعت أو باركت هذه الخطة ثم اعترفت بفلسطين، وقفت عمليًا على حكمين متناقضين: من جهة تؤكد الشرعية الدولية لإعلان نيويورك ومن جهة أخرى تُبارك مبادرات خارج الإطار الدولي وتقود إلى وصاية دولية أو تدخلات أجنبية، وهذا المزيج يطرح سؤالاً حول الغاية الحقيقية من الاعترافات: هل هي ضغط على إسرائيل أم محاولة لتطويع القضية ضمن رؤية خارجية؟