ملفات وتقارير

نتنياهو يستلهم إرث الدعاية النازية بمكبرات صوت في غزة.. كيف ظهرت؟

عربات الدعاية النازية ضد اليهود خلال ثلاثينيات القرن الماضي- أرشيفية
استلهم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أساليب الحزب النازي بصورة حرفية، في حربه على الفلسطينيين بقطاع غزة، بعد لجوئه إلى نصب مكبرات صوت عبر جيش الاحتلال، لبث خطابه في الأمم المتحدة.

ومنذ ساعات الصباح الباكر، قال جيش الاحتلال، إنه بناء على أوامر من الجهات السياسية، قام بنصب مكبرات صوت في قطاع غزة، من أجل بث خطاب نتنياهو.


وقام جيش الاحتلال برفع مكبرات صوت على عدد من الرافعات في مناطق تواجه بقطاع غزة، فضلا عن وضع شاحنات بالقرب من السياج الفاصل للقطاع، قبال مناطق حولها الجيش إلى ركام، ولا يوجد فيها فلسطينيون، وبث عبرها خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة.

فكرة مجنونة

وأثارت الخطوة غضب عائلات أسرى الاحتلال، واعتبروها خطوة عديمة المعنى، فيما وجه نتنياهو رسالة مقتضبة خلال خطابه لأسرى الاحتلال في القطاع، وعدهم فيها كالمعتاد بإطلاق سراحهم، فضلا عن إطلاق تهديدات للمقاومة في غزة بضرورة الاستسلام.

ونقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الخاصة، نقلا عن ضابط كبير، لم تسمه: "إنها فكرة مجنونة، لا أحد يفهم ما هي الفائدة العسكرية منها".

تقمص النازية

وتعود فكرة عربات الدعاية بالمكبرات أو ما أطلق عليه "لاوتش بريخر فاغن" إلى فترة حكم الحزب النازي في ألمانيا، هي عبارة عن شاحنات أو حافلات صغيرة مثبت على سقفها مكبرات صوت ضخمة أو على جوانبها.

وكانت عربات الدعاية، تجوب الشوارع والأحياء الألمانية، وتركزت في المدن الصغيرة والقرى، التي تفتقر للإذاعات، وتبث على مدار الساعة خطابات مسجلة لهتلر ووزير الدعاية النازية جوزيف غوبلز، فضلا عن أغاني الحزب النازي، إضافة لبث الإذاعة المركزية للرايخ.

ولعبت العربات دورا في الدعوة لتجمعات الحزب النازي، أو المسيرات، فضلا عن الدعاية التحضيرية التي كان يوجههوا النازيون ضد أعدائهم.

وكانت العربات، وسيلة استماع إجبارية، بسبب الصوت المرتفع والضجيج الخارج عنها، وكان من الصعب تجنب الاستماع لتلك الدعاية في الساحات العامة والطرقات.

صوت غير إذاعي لهتلر وراء ابتكارها

خرج وزير الدعاية غوبلز بنتيجة سلبية، من الخطابات التي كان يلقيها هتلر عبر الراديو، واكتشف أنه لم يكن مؤثرا عبر التلاوة الإذاعية للخطابات، وخيب آمال الجمهور، وحتى الصوت الذي وصل عبر الراديو كان عبارة عن غمغمات وتلعثم، وصوتا ضعيفا، لكن لم يفهم منه الجمهور سوى بعض الشتائم.

لذلك قرر غوبلز عبر استراتيجيي الحزب، على تركيب أنظمة تضخيم صوتية هائلة، إلى جانب شبكة تضم 100 مكبر صوت، لضمان عدم بقاء أي منطقة صامتة في افتتاح تمبلهوفر فيلد، وكان الهدف السيطرة بالصوت على 50 ألف متر مربع، بشكل واضح ونقل أصغر اهتزازات الصوت.


ونجحت خطة غوبلز، في نقل خطاب هتلر أمام جمهوره، وبات استخدام مضخمات الصوت استراتيجية لدى الحزب النازي، وابتكر مكبر الصوت على شكل الفطر، بالتعاون مع خبراء في الصوتيات،  لنقل الصوت دون تشويش، وجرى تركيب المكبرات على سيارات متنقلة لنقل خطابات وكلمات هتلر والهتافات المرافقة له بجودة صوت عالية للتأثير على الجمهور.

استهداف اليهود الألمان

وكما فعل نتنياهو بسكان غزة، من تركيب مكبرات صوت، لبث خطابه وتهديداته، سبقه هتلر في حملته المعادية لليهود لديه، والتحريض على مهاجمتهم، في الساحات والأسواق، بذرائع قومية.

ولجأ إليها هتلر في موجة المقاطعة الاقتصادية لليهود، والتوقف عن الشراء من محلاتهم عام 1933، كما استخدمت بقوة في أشهر حادثة بين النازيين واليهود والتي عرفت باسم ليلة الكريستال، عام 1938، والتي نتج عنها هجمات واسعة ضدهم، أدت لاحقا لعمليات تهجير واسعة.