ملفات وتقارير

أسطول الصمود يواصل مساره رغم تهديدات الاحتلال باعتبار غزة "منطقة قتالية" (شاهد)

أسطول الصمود يتحدى حصار غزة.. وتل أبيب تهدد باعتباره "هدفا عسكريا" - أسطول الصمود "إكس"
في الوقت الذي يواصل فيه "أسطول الصمود العالمي" تقدمه باتجاه قطاع غزة عبر البحر٬ محملاً بالمساعدات الإنسانية، جددت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، تهديدها بمنع وصول السفن إلى شواطئ القطاع، بذريعة أن المنطقة تقع ضمن "منطقة عمليات قتالية"، في خطوة أثارت تنديداً واسعاً من منظمات حقوقية ودولية رأت في الحصار المفروض منذ 19 عاماً على أكثر من مليوني فلسطيني "عقاباً جماعياً يرقى إلى جريمة حرب".

وقال وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي جدعون ساعر، في بيان عبر حسابه على منصة "إكس"، إن "إسرائيل لن تسمح بدخول سفن إلى منطقة عمليات قتالية"، مؤكدا أن بلاده "لن تسمح بخرق الحصار البحري القانوني" على حد زعمه، في وقت تصفه منظمة العفو الدولية والأمم المتحدة ومنظمات حقوقية أخرى بأنه "غير قانوني ومخالف للقانون الدولي الإنساني".

مقترحات أوروبية مرفوضة
وكشف ساعر أن "تل أبيب وافقت على مقترح إيطالي يقضي بتفريغ المساعدات في ميناء قبرص الرومية قبل نقلها إلى غزة"، لكن القائمين على الأسطول رفضوا العرض، وهو ما اعتبره الوزير الإسرائيلي "دليلا على أن الهدف الحقيقي للأسطول ليس إنسانياً وإنما استفزاز سياسي لخدمة حركة حماس".

وفي السياق ذاته، دعا وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروزيتو المشاركين إلى قبول مقترح روما الذي يتضمن تسليم المساعدات إلى قبرص الرومية والبطريركية اللاتينية في القدس لإيصالها لاحقاً إلى القطاع، دون أن يصدر رد رسمي من منظمي الأسطول بشأن هذا العرض.

ورغم الموقف الإسرائيلي، أعلن وزير الدفاع الإيطالي أن بلاده أرسلت سفينة عسكرية ثانية لمرافقة الأسطول "لضمان حماية مواطنيها". وقال كروزيتو أمام البرلمان: "لقد أرسلنا سفينة وأخرى في الطريق، نحن جاهزون لأي احتمال"، مضيفاً أن "الهجمات التي تعرضت لها السفن أمس بطائرات مسيرة غير مقبولة إطلاقاً".

وأكد أن إحدى السفن الإيطالية ستواصل مرافقة القوارب المشاركة، معتبراً أن "أمن المواطنين الإيطاليين على رأس الأولويات".

من جهته، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أن سفينة عسكرية ستغادر ميناء قرطاج باتجاه شرق المتوسط "لتأمين وصول الأسطول الإنساني إلى مقصده"، في وقت دعا فيه مئات المشرعين الأوروبيين الاتحاد الأوروبي لتوفير موارد بحرية لحماية القافلة.

وفي واشنطن، وجّه أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، هم إد ماركي٬ وجيف ميركلي٬ وكريس فان هولين٬ وإليزابيث وارن، رسالة إلى وزير الخارجية ماركو روبيو طالبوا فيها بـ"الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لمنعها من مهاجمة أسطول الحرية".





هجمات بطائرات مسيرة
وكان منظمو الأسطول قد أعلنوا، الأربعاء الماضي، أن تسعاً من سفنهم تعرضت لـ12 انفجاراً نتيجة هجمات نفذتها طائرات مسيرة مجهولة، تسببت بأضرار مادية متفاوتة.

وقال الناشط التركي حذيفة كوتشوكايتكين، أحد المشاركين، لوكالة الأناضول، إن "الهجمات بدأت عند الساعة 01:30 فجراً، حيث ألقت طائرات مسيرة قنابل صوتية ومساحيق كيميائية على عدة سفن".

وأوضح أن "المهاجمين استهدفوا بشكل خاص الأشرعة في السفن الشراعية، لا سيما تلك التي تقل برلمانيين وحقوقيين"، مضيفاً أن إحدى المواد الكيميائية ألقيت داخل إحدى السفن وأصابت وجهاً أحد المشاركين، فيما لا يزال وضعه الصحي قيد المتابعة.

ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها، فإن ناشطين أكدوا أن طبيعة الهجمات "تنسجم مع تهديدات الاحتلال الإسرائيلي السابقة بمنع الأسطول من الوصول إلى غزة".

من جهتها، أعلنت القوات المسلحة التركية أنها قدمت المساعدة لإحدى سفن الأسطول بعد تعطل محركها ونفاد وقودها. وأوضح المنظمون أن سفينة "أداجيو" تعطلت في عرض البحر، قبل أن تتدخل سفينة تجارية تركية بتوجيه من البحرية لمساعدتها عبر تزويدها بالوقود وإصلاح الأعطال.

وقال الدكتور ألب أرسلان، وهو من المشاركين، إن "العطل أدى إلى انقطاع الإنترنت وانخفاض سرعة السفينة لنحو 24 ساعة، لكننا تلقينا دعماً فنياً ولوجستياً مكّننا من استئناف الرحلة للحاق ببقية القافلة".


أبعاد إنسانية ورمزية
وبينما تواصل عشرات السفن، القادمة من عدة دول، تقدمها نحو غزة وعلى متنها أكثر من 500 ناشط دولي بينهم ناشطة المناخ السويدية غريتا تونبرغ، يؤكد المنظمون أن الرحلة "ليست مجرد إيصال مساعدات إنسانية، بل خطوة رمزية لكسر الحصار البحري المفروض على القطاع".

وأعلن "أسطول الصمود" صباح الخميس أنه بات على بُعد نحو 995 كيلومتراً من غزة، مؤكداً في بيان أن "قلوبنا هناك قبل سفننا، ونحن ماضون بإصرار لكسر الحصار الظالم".

وفي مشهد إنساني مؤثر، ذكر المنظمون أن أحد المشاركين تلقى خبر ولادة حفيده على متن إحدى السفن، ما وصفوه بأنه "بشارة حياة جديدة تحمل الأمل للأطفال الذين يعانون ويلات الحصار".


إلى جانب التصعيد الميداني، تتواصل نداءات أممية ودولية لوقف الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 2 آذار/مارس الماضي، حيث أغلقت تل أبيب جميع المعابر المؤدية إلى القطاع ومنعت إدخال المواد الغذائية والدوائية، ما تسبب في "مجاعة واسعة" بحسب تقارير "أونروا" ومنظمة الصحة العالمية.

وأكدت منظمات حقوقية أن إدخال الاحتلال الإسرائيلي شحنات محدودة لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات، فضلاً عن تعرض العديد من الشاحنات للسطو من عصابات محلية "بتسهيلات إسرائيلية"، وفق ما ذكرت حكومة غزة.

جريمة بموجب القانون الدولي
وتعتبر منظمة العفو الدولية وعدة منظمات حقوقية أن الحصار البحري والجوي والبري المفروض على غزة منذ ما يقرب من عقدين، يرقى إلى مستوى "العقاب الجماعي وجريمة حرب"، مشيرة إلى أن "منع وصول المساعدات الإنسانية أو استهداف السفن التي تحملها يشكل انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي".

وفي هذا السياق، طالبت جمعية "مافي مرمرة للحرية والتضامن"، التي تشارك في تنظيم القافلة، إن "السؤال اليوم ليس إذا كان يجب رفع الحصار، بل متى٬ وإذا لم يكن الآن، فمتى٬ كما طالبوا الحكومة التركية بإرسال سفينة حربية لحماية القوارب".




استمرار الإبحار رغم المخاطر
ورغم التهديدات الإسرائيلية والهجمات بالطائرات المسيّرة، أكد القائمون على "أسطول الصمود" عزمهم الاستمرار في الإبحار حتى الوصول إلى شواطئ غزة.

وقال بيان صادر عنهم: "نحن نعلم أن المخاطر كبيرة، لكننا مؤمنون أن صمودنا يمثل رسالة إلى العالم بأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم، وأن الحصار لن يستمر إلى الأبد".

وقد تسببت حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الإسرائيلي، المستمر منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بدعم أمريكي مباشر، في استشهاد 65 ألفا و419 فلسطينيا وإصابة 167 ألف و160 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلا عن المجاعة التي أودت بحياة 442 شخصا، بينهم 147 طفلا.