ملفات وتقارير

"شايطيت 13" وحدة إسرائيلية لاعتراض أسطول الصمود المتجه إلى غزة.. ماذا تعرف عنها؟

الكوماندوز البحري الإسرائيلي "شايطيت 13"... وحدة بعمر الاحتلال - جيتي
في ظل الاستعدادات الجارية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي لاعتراض "أسطول الصمود العالمي" المتجه إلى غزة، عادت إلى الواجهة مجددًا اسم وحدة "شايطيت 13" الإسرائيلية، وهي النخبة البحرية الخاصة في جيش الاحتلال، المسؤولة عن أكثر العمليات سرية وخطورة، والمثقلة بتاريخ طويل من الهجمات الدامية، والفضائح الحقوقية، والعمليات السرية الفاشلة.

فقد أفادت قناة "كان" العبرية، الإثنين، أن هذه الوحدة البحرية تستعد لعملية عسكرية جديدة للسيطرة على السفن الدولية التي تحمل ناشطين ومساعدات رمزية إلى غزة، في مشهد يعيد إلى الأذهان مأساة سفينة "مافي مرمرة" عام 2010، حين هاجمت نفس الوحدة أسطول الحرية الأول في المياه الدولية، ما أدى إلى استشهاد عشرة متضامنين أتراك، وإثارة أزمة دبلوماسية واسعة.

لكن ما هي هذه الوحدة التي يتعامل معها الاحتلال باعتبارها "رأس الحربة" في عملياته الخاصة، وكيف تأسست، وما أبرز المهام التي نفذتها، وما الفضائح والانتهاكات التي ارتبط اسمها بها؟



النشأة والتأسيس: من "باليام" إلى "شايطيت 13"
تعود جذور الوحدة إلى ما بعد حرب 1948 وقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ تأسست رسميًا عام 1949 على يد مجموعة من عناصر وحدة "باليام" التابعة لـ"البلماح"، القوة الضاربة للمنظمات الصهيونية المسلحة التي شاركت في احتلال فلسطين. وكان من أبرز المؤسسين يوشع بن نونويوسيل درور.

في بداياتها، اعتُبرت "شايطيت 13" (وتعني بالعبرية "الأسطول 13") سرًا عسكريًا من أسرار الدولة، وظلت بعيدة عن الأضواء حتى عام 1960، حين جرى الإعلان عنها رسميًا، وبدأ عناصرها يرتدون شارة خاصة مميزة بدلاً من شعار البحرية الإسرائيلية العام.

لكن خلال عقدين من الزمن، عانت الوحدة من ضعف الدعم المادي وسوء التدريب وقلة المعدات، فباءت بالفشل في العديد من العمليات التي كُلفت بها. ومع سبعينيات القرن الماضي، بدأ الجيش الإسرائيلي يلتفت إلى أهميتها، فجرى تطويرها وتأهيل عناصرها بشكل أكثر مهنية.

في عام 1979، تولى عامي أيالون قيادتها، فقام بإعادة هيكلتها وتنظيم تدريبات مكثفة، لتتحول تدريجيًا إلى واحدة من أهم وحدات النخبة في جيش الاحتلال.

صقل الجنود للمهام الصعبة
تعد "شايطيت 13" من أصعب الوحدات التي يمكن الانضمام إليها في جيش الاحتلال الإسرائيلي. فالخدمة فيها تمتد إلى ست سنوات (3 إلزامية و3 مهنية)، فيما يخضع المرشحون لاختبارات بدنية ونفسية شاقة لا ينجح فيها إلا القليل.

يمر المنتسبون إلى الوحدة ببرنامج تدريبي صارم يستمر نحو 20 شهرًا، يشمل:

- تدريب المشاة الأساسي والمتقدم (6 أشهر).

- تدريب المظليين (3 أسابيع).

- التدريب البحري المتقدم (3 أشهر) في قاعدة "عتليت" جنوب حيفا.

- مرحلة الغوص القتالي (4 أسابيع) تشمل القتال تحت ظروف قاسية.

- التدريبات الخاصة النهائية (عام كامل) وهي الأكثر قسوة وتؤدي عادة إلى انسحاب نسبة كبيرة من المتدربين.

تجعل هذه المراحل من الوحدة قوة برمائية متكاملة، قادرة على القتال في البحر والبر والجو، وعلى تنفيذ عمليات خاصة خلف خطوط العدو.

تتكون الوحدة من ثلاثة أقسام رئيسية تعمل بشكل تكاملي:

فرقة الغارات من البحر إلى البر: متخصصة في الهجوم المباغت، الاغتيالات، وإنقاذ الرهائن.

فرقة العمليات تحت الماء: ضفادع بشرية تنفذ مهامًا معقدة تشمل زرع المتفجرات، إبطال الألغام، جمع المعلومات الاستخباراتية.

فرقة العمليات فوق الماء: الأكبر عددًا، تنفذ مهاجمة السفن ومداهمة الشواطئ باستخدام زوارق سريعة.



العمليات والحروب: سجل دموي

الجبهة المصرية
منذ الخمسينيات، نشطت الوحدة على السواحل المصرية. خلال حرب السويس 1956 وحرب 1967، فشلت في العديد من عملياتها، وتم أسر 6 من عناصرها في الإسكندرية. وفي حرب الاستنزاف، تكبدت خسائر كبيرة في معركة "الجزيرة الخضراء" 1969.

أما في حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، فقد نفذت سلسلة من الغارات على الموانئ المصرية، بينها تدمير منشآت في ميناء الغردقة.

الجبهة الشمالية
نفذت "شايطيت 13" عمليات في الموانئ اللبنانية والسورية، وشاركت عام 1973 في عملية "ربيع الشباب" ببيروت وصيدا، حيث اغتالت قادة بارزين من حركة "فتح".

لكن أبرز فشل لها كان في كمين الأنصارية 1997، حين تمكن حزب الله من قتل 11 عنصرًا من الوحدة، بينهم قائدها، بعد أن رصد تحركاتهم عبر طائرات إسرائيلية مسيّرة.

غزة والضفة
كما شاركت خلال الانتفاضة الثانية، في عمليات اعتقال واغتيال. وفي عدوان 2008 و2014، نفذت سلسلة هجمات، بينها استهداف مواقع قالت إنها منصات صواريخ.

وفي عدوان 2023–2024 على غزة، كانت أول وحدة تقتحم مستشفى الشيخ حمد، وأسهمت لاحقًا في حصار وتدمير مجمع الشفاء الطبي، في عملية أثارت غضبًا دوليًا واسعًا.

مهاجمة السفن
للوحدة تاريخ طويل في اعتراض السفن، من بينها:

- سفينة كارين A (2002) بزعم حمل أسلحة.

- سفينة فرانكوب (2009) التي قالت إسرائيل إنها تحمل 500 طن من السلاح.

- الأبرز كان أسطول الحرية (2010)، حيث قتلت 9 نشطاء أتراك على متن "مافي مرمرة"، وأصابت العشرات.

الانتهاكات والفضائح
ارتبط اسم "شايطيت 13" بانتهاكات جسيمة، منها:

- استخدام المدنيين الفلسطينيين كـ"دروع بشرية" في جنين (2004).

- إطلاق النار على مدني فلسطيني دون سبب.

بعد عملية "طوفان الأقصى" 2023، تحولت "شايطيت 13" لأول مرة إلى ذراع قتالي ضمن فرقة مشاة نظامية (الفرقة 162)، وأوكلت إليها مهام اقتحام المستشفيات والمراكز المدنية في غزة، في مشهد يوضح حجم الدور الذي تلعبه في العدوان.

رغم سجلها الأسود، صُنفت عام 2019 بالمرتبة الثالثة بين أقوى الوحدات الخاصة في العالم وفق موقع "رانك ريد" الأمريكي. محليًا، حصلت مرارًا على جائزة رئيس الأركان تقديرًا لعملياتها.

يصف الاحتلال الإسرائيلي هذه الوحدة بأنها "الأكثر نخبوية"، لكنها بالنسبة للفلسطينيين وشعوب المنطقة رمز للقمع والإرهاب البحري والإبادة الجماعية، إذ ارتبطت بجرائم قتل مدنيين، وانتهاك القانون الدولي، وارتكاب مذابح في عرض البحر والبر.

ومع استعدادها لاعتراض "أسطول الصمود العالمي"، تعود المخاوف من تكرار المأساة، فيما يبقى السؤال الأهم هل سيتحرك المجتمع الدولي لمنع تكرار "مافي مرمرة" جديدة.