لم تفلح
محاولات ترامب احتواء أزمة اختراق الطائرات الروسية للأجواء البولندية، بعد أن وصف
ما حدث بأنه "ربما كان خطأ"، مضيفا في تصريح للصحفيين قبل أن يستقل
الهليكوبتر الرئاسية مارين، " أنا لست سعيدا بأي شيء يتعلق بالوضع برمته،
ولكن آمل أن ينتهي هذا الأمر"، في إشارة إلى المساعي الأميركية المستمرة من
أجل وقف الحرب، وفق ما نقلته
وكالة رويترز .
وارسو رفضت بشدة
تصريحات الرئيس الأميركي ترامب، وكتب رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك على حسابه
في منصة إكس: "نحن أيضا كنا نفضل أن يكون هجوم الطائرات المسيرة على بلادنا
مجرد خطأ.. لكننا نعلم أنه ليس كذلك".
الحادثة أثارت
غضباً أوروبيا واسعا، واستنفاراً أيضاً من قبل حلف شمال الأطلسي (
الناتو) الذي
تعتبر بولندا عضوا فيه، في حين أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده
ستنشر ثلاث طائرات مقاتلة من طراز رافال لمساعدة بولندا في حماية مجالها الجوي، كما
أكدت ألمانيا اتخاذ إجراءات لتعزيز الدفاع الجوي البولندي.
ووسط تصاعد
التوتر على الجبهة الشرقية في أوروبا، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي
"الناتو" مارك روته إطلاق عملية "
الحارس الشرقي" لتعزيز
دفاعات بولندا لردع الاستفزازات الروسية، وشدّد مسؤولون
عسكريون سابقون في حلف شمال الأطلسي، على أن التحركات الروسية الأخيرة، هي جزء من
اختبار محسوب لوحدة الحلف "أوروبياً" وقدرته على الرد دون الحاجة إلى
تفعيل المادة الـ5 من ميثاق الحلف.
وبحسب
الدبلوماسي البولندي فيتولد يوراش الذي مثل بلاده في روسيا وبيلاروس سابقا، فإن
الحادث الأخير لم يكن هجوماً عسكرياً مباشراً، بل استفزازاً مقصوداً، إذ لا يبدو
أن روسيا كانت تنوي تدمير أي شيء داخل الأراضي البولندية، وأضاف: "الرد
الأوروبي من خلال الدعم العسكري حتى الآن جيد وقوي، بينما الرد الأميركي لم يكن
على قدر التوقعات، خاصة موقف الرئيس ترمب"، موضحاً أن "الجميع في أوروبا
يدرك أن التهاون مع روسيا سيشجعها على تكرار مثل هذه الأفعال".
أميركا تتعهد
بالدفاع عن الناتو والحلفاء
وفي محاولة
للمحافظة على أن مفاتيح إنهاء الحرب في أوكرانيا بيد الولايات المتحدة فقط، قال
ترمب لقناة فوكس أنيوز، إن "صبره بدأ ينفد تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،
لكنه لم يصل إلى حد التلويح بفرض عقوبات جديدة"، ما اعتُبر مؤشراً على
التباين في مواقف الحلفاء الغربيين حيال موسكو، رغم إبلاغ واشنطن، مجلس الأمن
الدولي، أنها ستدافع عن كل شبر من أراضي حلف الناتو.
وقالت دوروثي
شيا القائمة بأعمال المندوبة الأميركية في مجلس الأمن إن بلادها تقف إلى جانب
حلفائها في الناتو في مواجهة ما وصفتها بالانتهاكات المقلقة للمجال الجوي، وخلال جلسة طارئة
لمجلس الأمن الدولي عقدها مساء الجمعة بطلب من الدول الأوروبية بشأن
"انتهاك" المسيّرات الروسية المجال الجوي البولندي، أضافت شيا أن
الإجراءات الروسية تظهر استخفافا بجهود إنهاء الصراع، وأكدت أن بلادها ستدافع عن
كل شبر من أراضي الناتو، وبدت تصريحات
نائبة المندوبة الأميركية محاولة لطمأنة الحلفاء بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد
ترامب، أن توغل المسيّرات الروسية في أجواء بولندا ربما كان "عرضيا".
الناتو والدعم
الأميركي
وبشأن جاهزية
الدول الأوروبية داخل الناتو، قال نيكولاس وليامز المسؤول
السابق في حلف الناتو، إن :"الأوروبيين يفتقرون إلى هيكل عسكري مستقل يمكنهم
من العمل دون الولايات المتحدة"، كما أنهم "يفتقرون إلى بعض القدرات
الأساسية للعمليات العسكرية الحديثة، مثل الدفاع الجوي، والاتصالات الفضائية،
والاستخبارات التقنية".
وفي السياق
نفسه، قال الجنرال دومينيك ترانكان، وهو القائد السابق للبعثة العسكرية الفرنسية
لدى الناتو والأمم المتحدة إن :"السبب الأساسي لعدم جاهزية أوروبا الكاملة
حالياً هو أننا لسنا في حالة حرب فعلية"، لكنه لفت إلى أن "أوروبا تؤهل
نفسها للاستعداد لأي حرب محتملة في ظل التهديدات الروسية".
"
الحارس الشرقي"
وفي ضوء
التطور الأخير، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، إطلاق
مبادرة عسكرية جديدة تحت اسم "الحارس الشرقي"، تهدف إلى تعزيز دفاعات
الجناح الشرقي لأوروبا، عقب اختراق طائرة مسيّرة روسية المجال الجوي البولندي هذا
الأسبوع.
وذكرت شبكة
"سي أن أن" الأمريكية، أن العملية ستبدأ خلال الأيام المقبلة، وستشارك
فيها قوات من الدنمارك وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا ودول أخرى، ونقلت عن روته
قوله إن عملية "الحارس الشرقي" المرتقبة "ستضيف مرونة وقوة إلى
موقف أوروبا الدفاعي، وتؤكد "أننا كتحالف على استعداد دائم لحماية أراضينا"،
مضيفا بالقول إن:" اختراق الطائرة الروسية لم يكن حادثا معزولا، تهور روسيا
في الجو على طول الجناح الشرقي يتزايد بوتيرة خطيرة".
من جانبه، وصف
القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروبا، الجنرال الأمريكي أليكسوس غرينكويتش،
العملية بأنها "مرنة وخفيفة الحركة"، موضحا أنها ستشمل أنظمة دفاع جوي
وبرية متكاملة وتعزيز تبادل المعلومات بين الحلفاء، مشيرا إلى أن "اكتمال
العملية سيستغرق بعض الوقت، غير أن الخطوات الأولى ستبدأ بشكل فوري"، حسب
قوله.
ووفق بيان
للحلف، ستتضمن العملية نشر مقاتلتين من طراز "أف 16"، وفرقاطة مضادة
للطائرات من الدنمارك، و3 مقاتلات "رافال" من فرنسا، و4 مقاتلات
"يوروفايتر" من ألمانيا، إلى جانب تعزيزات أخرى على طول الجناح الشرقي
من شمال أوروبا حتى البحر الأسود والبحر المتوسط.
الحارس الشرقي
لن يشمل المجال الجوي الأوكراني
وتعهد القائد
الأعلى لقوات الناتو في أوروبا، الجنرال الأمريكي أليكسوس غرينكويتش، الالتزام
بإسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار الروسية فوق غرب أوكرانيا خلال
المؤتمر الصحفي
حول عملية الحارس الشرقي، وعندما سأله أحد الصحفيين عما إذا كان الوقت قد حان
"للتكامل الكامل" مع كييف لأن كليهما يواجه "العدو نفسه"، قال
هرنكفيتش، "الحارس الشرقي يركز على الدفاع عن أراضي تحالف الناتو فقط"،
مستدركا بالقول، "لا أرى أي تعارض بين دعم الدول الفردية لأوكرانيا
ومساهماتها في عملية الحارس الشرقي".
من جانبه، قال
نائب القائد الأعلى لقيادة التحول في الناتو سابقاً، الجنرال البولندي ميتشيسلاف
بونيك، إن الانتهاكات المتكررة للمسيرات الروسية تمثل اختباراً لمصداقية حلف شمال
الأطلسي، وأضاف بونيك الذي كان يشغل منصب مستشار وزير الدفاع البولندي، أن نشر
قوات إضافية يأتي ضمن التقييم الاستخباراتي من خلال تفعيل المادة 4، وتعتبر خطوة
أولية للتشاور "لكن وارسو تنتظر دعماً أوسع".
وأوضح أن قرار
إسقاط المسيّرات "محفوف بالمجازفة"، إذ قد تكون تائهة أو غير مسلحة، كما
قد تكون مقصودة لاختراق الأنظمة، ما يجعل تقييم مسارها ومكان سقوطها في ظروف ليلية
"مهمة بالغة الصعوبة" في تقييم الوضع.
من جهتها،
أكدت روسيا أنها لم تكن تنوي أو تخطط لقصف أي أهداف بولندية، رافضة الإدلاء بمزيد
من التفاصيل عن الحادث، وتُصرّ موسكو على أن بولندا لم تُستهدَف، بينما تزعم
بيلاروسيا أن الطائرات المسيّرة "انحرفت عن مسارها بسبب تشويش"، مع ذلك،
يُبدي القادة الأوروبيون يقينهم من أن هذه الانتهاكات كانت استفزازًا مُتعمّدًا من
روسيا
مناورات زاباد-2025
في مقابل ذلك،
باشرت روسيا وحليفتها الكبيرة بيلاروسيا الجمعة تدريبات عسكرية مشتركة واسعة تثير
قلق دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) بعد أيام قليلة على انتهاك مسيرات يعتقد أنها
روسية، المجال الجوي البولندي، وفق
وكالة فرانس 24.
ووفقا لوزارة
الدفاع الروسية، تشمل هذه التدريبات عمليات تتعلق بإدارة الوحدات العسكرية
"في إطار الرد على أي عدوان" وتوجيه القوات إلى "استعادة وحدة
وسلامة أراضي" روسيا وبيلاروس، وتحمل
المناورات اسم زاباد-2025 (غرب-2025) في إشارة إلى أنها تجرى غرب التحالف
الروسي-البيلاروسي وتستمر حتى الثلاثاء، بالإضافة إلى بحر بارنتس والبحر البلطيق، وتجرى هذه التدريبات فيما يحرز الجيش الروسي تقدما على الجبهة الأوكرانية ويكثف هجماته الجوية على مدن أوكرانيا بعد ثلاث سنوات ونصف سنة على بدء غزوه لهذا البلد المجاور.
الكرملين يتهم
أوروبا بعرقلة محادثات السلام
ومع تصاعد حدة
التوتر، قال الكرملين، إن هناك توقفاً في مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا، فيما
اتهم الدول الأوروبية بعرقلة عملية لا تزال موسكو منفتحة عليها، وقال المتحدث
باسم الكرملين دميتري بيسكوف، للصحفيين: "قنوات الاتصال قائمة وفعالة، لدى
مفاوضينا فرصة للتواصل عبرها، لكن لأكون أكثر دقة هناك توقف في الوقت الحالي، وأضاف
"لا يزال الجانب الروسي مستعداً لمواصلة مسار الحوار السلمي، لكن الحقيقة هي
أن الأوروبيين يعرقلون ذلك بالفعل". وحذّر من المبالغة في التفاؤل بأن تفضي
عملية التفاوض إلى نتائج فورية".
واستبعد
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عقد اجتماع مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي،
الذي يقول إن عقد قمة يعد أمراً غاية في الأهمية لكسر الجمود، وفشلت 3 جولات من
المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول في تحقيق أي اختراق، وتمسّكت
روسيا بمجموعة مطالب من بينها تخلي أوكرانيا بالكامل عن منطقة دونباس، والتي ما
زالت تسيطر على أجزاء منها، فيما رفضت كييف من جانبها التنازل عن الأراضي، وطالبت
بنشر قوات أوروبية في أوكرانيا كقوة لحفظ السلام، وهو أمر تعتبره موسكو غير مقبول.