سياسة عربية

من انهيار الأعضاء إلى "هوس الطعام"... هكذا يقتل الاحتلال سكان غزة بالتجويع

أجساد السكان في غزة تظهر عليها علامات التجويع بشدة- الأناضول
مع إعلان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، ومنظمات الأمم المتحدة، عن المجاعة رسميا في قطاع غزة، لم يعد لأي جهة حول العالم من حجج وذرائع لنفي الإبادة الجماعية المرتكبة في قطاع غزة، إذ إن التجويع جريمة إبادة وجريمة حرب، يمارسها الاحتلال منذ اليوم الأول للعدوان وبتصريح قادته.

وعلى مدار الأشهر منذ بدء العدوان، منع إدخال الطعام والدواء والوقود، وأغلقت المعابر على سكان القطاع، وبدأ الحصار والعدوان يلتهمان كل ما يمكن أن يبقي سكان قطاع غزة على قيد الحياة، والذين لجأوا في مرحلة من المراحل شمال القطاع، إلى طحن الأعلاف المخصصة للحيوانات لصناعة الخبز منها مع ما في ذلك من أضرار صحية خطيرة على أجسادهم.


وتقع غزة الآن ضمن المرحلة الخامسة وفقا للتصنيف، وهي مرحلة المجاعة أو الكارثة الإنسانية، حيث تواجه ما لا يقل عن 20 في المائة من الأسر نقصا كاملا في الغذاء و أو الاحتياجات الأساسية الأخرى ويتجلى الجوع والموت والعوز، وانتشار سوء التغذية الحاد يتجاوز 30 بالمئة ومعدلات الوفيات تتجاوز 2 من كل 10,000 في اليوم الواحد.

لكن ما الذي يحدث على أجسام سكان غزة، بفعل عملية التجويع الوحشية التي يمارسها الاحتلال بحقهم:

تلف الأعضاء

التجويع يضرب الجسد في أضعف نقاطه، حيث يبدأ الجسم عند المجوعين باستهلاك الدهون مخزون الطاقة، والكربوهيدرات، ثم البروتينات العضلية، قبل أن يصل إلى الأعضاء الحيوية.

ويحدث تباطء في عمليات الأيض، وتتقلص العضلات، ويبدأ الانهيار في الجهاز المناعي، وتطرأ على الكلى مشاكل تتسارع حتى تصل إلى مرحلة الفشل الكلوي.

وتبدأ مرحلة الانكماش في أعضاء الجسم، نتيجة ضعف التغذية الداخلية، ويتأثر حجم القلب ويتقلص، مع تضيق في الرئتين والأجهزة التناسلية والعضلات، وتبدأ مرحلة الضعف الجسماني والحركي والانخفاض بحرارة الجسم.

وتظهر الأجساد هزيلة إلى درجة يصعب التعرف إليها، والوجوه غائرة العيون شاحبة الملامح، وعظام الوجه تبرز بشكل كبير، وجلد الجسم يبدو متجعدا بصورة كبيرة وواضحة، ويتوقف النمو عند الأطفال، وينقطع الطمث لدى النساء، بينما يتحول الجلد إلى لون رمادي مائل للزرقة.

ومن الأعراض الأكثر خطورة الاستسقاء، حيث تتورم الأرجل والبطن بسبب فشل التوازن الغذائي، وهذه المؤشرات تعني اقتراب الوفاة نتيجة لتدهور الحالة الصحية.

ومن مخاطر التجويع أيضا شلل القدرة على الحركة، ويتحول الكثير من المجوعين إلى أشخاص عاجزين عن القيام بأبسط واجباتهم، نتيجة التراجع الحاد في السعرات الحرارية، فضلا عن صعوبة مقاومة البرد.

وبسبب التجويع، وضعف الجسم، تتفشى أمراض مثل السل والالتهاب الرئوي وبالطبع الأنيميا "فقر الدم"، والكساح خاصة للأطفال، إلى جانب الإسهال المزمن، نتيجة ضعف الامتصاص في الجسم، بسبب تلف الجهاز الهضمي، وهو أول أجهزة الجسم تعرضا للضرر نتيجة التجويع.

آثار نفسية

ولا تقتصر الأضرار نتيجة التجويع على أعضاء الجسم، بل تصل إلى تبعات نفسية خطيرة، مثل الانفعالات الشديدة والغضب غير المبرر، وكثرة المشاحنات والمشادات، بسبب البحث عن الطعام، علاوة على تدمير البنية المجتمعية والأسرية.


وتلحق عملية التجويع أضرار نفسية بالأمهات بسبب عدم القدرة على توفير الطعام، وخاصة المرضعات منهن، ويتولد شهور الذنب واليأس، وعدم القدرة على التفكير السليم بالتصرفات، وتقول جامعة كامبريدج، إن الأطباء يرصدون في غزة، دخول الأطفال في نوبات بكاء متواصل وفقدان القدرة على اللعب بسبب الجوع الشديد الذي يعانون منه.

الهوس بالطعام

بحسب العديد من التقارير الصحية، والدراسات حول المجاعة في العالم، وخاصة في غيتوهات النازية، التي يقوم الاحتلال باستنساخها وتطبيقها على سكان غزة، سيطرة فكرة الهوس بالطعام والخيال الغذائي على الناس، وخاصة الأطفال.

وتشير دراسات إلى أن المجوعين كانوا في وارسو يحلمون بالولائم ليلا، ويستيقظون على جوع أشد، وجرى رصد هذه الأعراض في غزة، وقال عاملون في القطاع الإغاثي، إن أطفالا بغزة يرسمون الطعام على جدران مراكز الإيواء ويتخيلون أطباقا لم يتذوقوها منذ أشهر.

كما أن العديد من التقارير المصورة، رصدت حديث أطفال بغزة، عن نسيانهم طعم الكثير من المأكولات، بسبب الفترة الطويلة من الحرمان، وخاصة الفواكه، التي لم يتذوقوها منذ شن العدوان الوحشي على القطاع.