سياسة دولية

نيويورك تايمز: إيران جندت عشرات الإسرائيليين كعملاء لها

إسرائيل تقول إنها كشفت عن محاولات إيرانية لتجنيد جواسيس إسرائيليين - أكس
نشرت صحيفة " نيويورك تايمز " تقريرا أعدته إيزابيل كيرشنر قالت فيه:" إن إيران استطاعت تجنيد عشرات من الإسرائيليين للعمل كجواسيس لها، وأن الأمر بدأ الصيف الماضي برسالة عبر منصة تيليغرام تعرض ربحا سهلا، وهو ما أوقع بحسب التقرير، فلاديسلاف فيكتورسون (31) عاما الذي يعيش في ضاحية شرق تل أبيب، في الفخ.

وبحسب وثائق المحكمة الإسرائيلية، تضمنت المهام الأولى كتابة شعارات مناهضة للحكومة بالرش في أماكن بالحي الذي يعيش فيه، بما في ذلك شعار يقارن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بهتلر.
كما كشفت الوثائق أن  فيكتورسون وشريكته، أنيا بيرنشتاين، المتهمة أيضا بتنفيذ مهام، سرعان ما كسبا 600 دولارا أمريكيا، وبحسب تحقيقات الشرطة وجهاز الأمن الداخلي "شين بيت" اتضح أن صاحب المهمة هو عميل إيراني.

وكان فيكتورسون وبيرنشتاين، اللذان أُلقي القبض عليهما في تشرين الأول/أكتوبر 2024، ويخضعان حاليا للمحاكمة بتهمة اتصالهما بعميل أجنبي والقيام بأعمال تخريب ، كانا جزءا من مجموعة من الإسرائيليين الذين تم استدراجهم عبر الإنترنت للعمل لصالح إيران ، قبل أن تتطور المطالب  فيما بعد ذلك إلى تخريب صناديق الكهرباء بحمض الكبريتيك وإشعال النار في السيارات، واستخدام عبوة رش الشعر والألعاب النارية لصنع قنبلة، وفي النهاية التخطيط كانت هناك مهمة "اغتيال بروفسور إسرائيلي مقابل 100,000 دولارا أمريكيا".

ويضيف الجهد الإيراني بعدا جديدا إلى "حرب الظل" التي  تخوضها إسرائيل وإيران منذ عقود، حيث تسعى إسرائيل إلى كبح طموحات طهران النووية، بينما تدعم إيران قوات بالوكالة على حدود إسرائيل.


جهود إيران لتجنيد الإسرائيليين متواضعة
فيما تبقى الجهود الإيرانية لتجنيد الإسرائيليين متواضعة مقارنة بالاختراق الكبير الذي قامت به المخابرات الإسرائيلية للدوائر الداخلية الإيرانية، كما يتضح من الهجمات الجوية التي استهدفت مواقع نووية وأمنية إيرانية وشخصيات عسكرية بارزة وعلماء في حزيران/يونيو، ويقول خبراء أمنيون إن إيران تحاول أيضا اختراق الدوائر الداخلية لإسرائيل.

استجابة إسرائيليين للتجنيد تثير مسألة الـ"ولاء"
إلا أن مسؤولين وخبراء إسرائيليين يقولون إن التجنيد منخفض المستوى للإسرائيليين العاديين، والذي تصاعد منذ الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في 7  تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والذي أشعل شرارة الحرب في غزة، هو محاولة من إيران لإثارة الصراع الداخلي وتقويض المجتمع الإسرائيلي.

ومن خلال بناء شبكة واسعة، يأمل العملاء الإيرانيون في العثور على عدد قليل من الأشخاص مستعدون للقتل، في وقت أثارت استجابة أشخاص للتجنيد أسئلة حول ولاء الإسرائيليين، ورغم عدم استجابة المسؤولين الإيرانيين لطلبات التعليق، إلا أن بعضهم اتهم إسرائيل مؤخرا بالوقوف وراء سلسلة الحرائق والانفجارات الغامضة الأخيرة في إيران.

وعلى مدار العام الماضي، تقول الحكومة الإسرائيلية إن جهاز الأمن العام (الشاباك) والشرطة نجحا في كشف أكثر من 25 حالة تجنيد مدفوعة عبر الإنترنت وأحبطا عشرات الحالات الأخرى التي تم القبض عليها في مراحل مبكرة، وقال جهاز الأمن العام (الشاباك) في بيان: "يستثمر الإيرانيون أموالا وموارد طائلة في جهد واسع النطاق لتجنيد إسرائيليين عبر الإنترنت لتنفيذ مهام"، وتحذر حملة توعية عامة أطلقتها الحكومة الإسرائيلية عبر إعلانات إذاعية ومنصات التواصل الاجتماعي من أن "المال السهل" قد يؤدي إلى "ثمن باهظ" يتمثل في سنوات من السجن.

نحو 40 إسرائيليا وجهت لهم تهم بالتواطؤ مع عدو
وقال شالوم بن حنان، المسؤول السابق في جهاز مكافحة التجسس في الشاباك، إن المطالبات المتزايدة الموجهة إلى فيكتورسون هي تكتيكات تجسس تقليدية، وأضاف أن هذه الأساليب تبدأ بـ"أموال زهيدة مقابل مهام صغيرة"، لافتا إلى أنه مع تزايد إغراءات المال والمخاطر، يزداد الإغراء والخداع الذاتي، مشيرا إلى أن الأشخاص الذين يتم تجنيدهم لمثل هذا العمل يقولون لأنفسهم عادة: "لقد فعلتها، لم يكن الأمر سيئا جدا، لم يقتل أحدا"، وهو مما يدفعهم إلى المخاطرة المحتملة.

ويقول مسؤولون إسرائيليون إن أكثر من 40 إسرائيليا تم اعتقالهم خلال العام الماضي، حيث وجهت إليهم تهم أو من المتوقع توجيه تهم إليهم، وبعضهم متهم بالتواطؤ مع عدو في زمن الحرب.
وقد أدين أحدهم وهو موتي مامان، رجل أعمال ثري غير ناجح في بداية السبعينيات من عمره، أُلقي القبض عليه في أيلول/سبتمبر 2024، وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات في نيسان/ أبريل بعد تهريبه إلى إيران مرتين في الجزء الخلفي من شاحنة ومناقشته اغتيال سياسي إسرائيلي مع مسؤولي المخابرات الإيرانيين.

الجواسيس حصلوا على بضعة آلاف من الدولارات
ويمثل المشتبه بهم شريحة عريضة من المجتمع الإسرائيلي، من بينهم يهود متدينون وعلمانيون ومهاجرون ومواطنون عرب وإسرائيلي من مواليد إيران وجندي ومقيم في مستوطنة يهودية بالضفة الغربية، فيما يعد مامان هو الأكبر سنا، أما أصغرهم فعمره 13 سنة.

وتضيف الصحيفة أن مراجعة لأكثر من اثنتي عشرة لائحة اتهام، كشفت أن المبالغ المالية التي حصل الجواسيس المفترضون عليها والمدفوعة بالعملات المشفرة، لا تتجاوز عادة بضعة آلاف من الدولارات، وقد أُلقي القبض على معظم المشتبه بهم في غضون أسابيع من أول اتصال لهم بالوسطاء.

وشملت المهام المطلوبة من الجواسيس، إشعال الحرائق والعثور على أموال أو أسلحة أو متفجرات مدفونة ثم نقلها إلى مواقع مختلفة، وفقا للوائح الاتهام، كما وطلب من الأهداف شراء هواتف محمولة وكاميرات ومعدات أخرى وتنزيل برامج تشفير لضمان اتصالات آمنة.

وقيل إن أحد المتهمين، وهو مهاجر من أذربيجان يعيش في جنوب إسرائيل طلب منه توثيق مساره عبر مواقع عسكرية حساسة واستئجار شقة مطلة على ميناء حيفا، وتشير لوائح الاتهام إلى أن اثنين آخرين طلب منهما تركيب كاميرات بالقرب من منزل وزير الدفاع الإسرائيلي، لكنهما تراجعا عن ذلك عندما رصدا سيارة دورية، كما ويتهم شابان بالتخطيط للسفر إلى إيران للتدرب على عملية اغتيال في إسرائيل.

الجواسيس نفوا علمهم بأن إيران من جندتهم
و في قاعة محكمة صغيرة بتل أبيب، في عطلة نهاية أسبوع  جلس  فيكتورسون  بيرنشتاين في زي السجن البني خلف زجاج، يفصل بينهما حراس، بينما كان محقق الشرطة يدلي بشهادته، وهو واحد من عشرات شهود الادعاء في القضية، حيث جاء في لائحة اتهام الزوجين أنهما نفذا مهام "مع علمهما بأن العميل كان يتصرف نيابة عن دولة معادية أو منظمة إرهابية"، وأنهما كانا على دراية بأن أفعالهما قد تضر بالأمن القومي.

وفي دفاعه، قال المحامي إيغال دوتان، الذي يمثل  فيكتورسون، إنه لا يعلم بوجود أي دليل على أن المتصل مع موكله هو  من إيران أو دولة معادية أخرى، وفي هذه القضية، كما هو الحال في بعض القضايا الأخرى، لم يرد ذكر إيران بشكل صريح أو التجسس أو نقل المعلومات إلى عدو في لائحة الاتهام، كما أن مواد الشاباك سرية، وقال دوتان إن الشاباك استجوب فيكتورسون دون السماح له بالاتصال أولا بمحام، ثم استجوبته الشرطة، وأن التحقيقات لم تصور أو توثق مما صعب من مهمة الدفاع عنه، وهي ادعاءات لم ينكرها محقق الشرطة الذي مثل أمام المحكمة ، لكنه أصر على أن العميل المجند هو إيراني، بناء على مواد تلقاها من الشاباك.

من جهته قال ياروسلاف ماتز، محامي بيرنشتاين، إنها ظنت أنها تعمل لصالح نشطاء متورطين في الحروب السياسية والثقافية الإسرائيلية، وقد التقت بفيكتورسون عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها، وأضاف: "إنها فتاة صغيرة عاثرة الحظ  تأثرت".

ووفقا للائحة الاتهام، رفض فيكتورسون عدة مهام، بما في ذلك تخريب صناديق الكهرباء  بحمض الكبريتيك خشية الإصابة، وقال الادعاء إنه أُرسل لتصوير المتظاهرين المناهضين للحكومة في تل أبيب، لكن حاجزا للشرطة منعه، إلا أنه حاول خداع العميل المجند له وأرسل له صورا وجدها على الإنترنت.

ووفقا للائحة الاتهام أيضا، فقد شجعت بيرنشتاين، فيكتورسون على إشعال النار في السيارات، فيما نفى ماتز تورطها في مؤامرة قتل الأستاذ، وأبلغ العميل المجند فيكتورسون أن الأستاذ خانه وأنه لا يعمل لصالح الحكومة، وفقا للائحة الاتهام.

وقد عرض العميل المجند سداد ديون فيكتورسون إذا نفذ عملية قتل الأستاذ، أو أي هدف آخر، مقابل مبلغ أقل قدره 40,000 دولارا، وقال إنه سيلتقي بالزوجين في روسيا وينقلهما إلى بلد ثالث.

وفي ليلة 22 أيلول/ سبتمبر، أخبر فيكتورسون العميل المجند له أنه يستطيع شراء بندقية قنص مقابل 21,000 دولارا، ورد العميل بإنه سيعاود الاتصال به خلال يومين، ولكن أُلقي القبض على فيكتورسون وبيرنشتاين بعد ساعات من التواصل مع العميل.