قالت صحيفة واشنطن بوست، إن اجتماع يوم الجمعة الماضي بين الرئيس دونالد
ترامب و"الدكتاتور" الروسي فلاديمير
بوتين في ألاسكا أبعد ما يكون عن الأسوأ، لكنه لم يكن جيدًا أيضًا، إلا من وجهة نظر الكرملين.
وقارنت الصحيفة قمة ألاسكا بمؤتمرات تاريخية، مشيرة أنها لم تكن مؤتمر يالطا عام 1945 حين سلّم روزفلت وتشرشل أوروبا الشرقية للهيمنة السوفيتية، ولم تكن أيضاً مؤتمر فيينا عام 1961 حين استهان نيكيتا خروتشوف بجون كينيدي وصولاً لبناء جدار برلين ونشر الصواريخ في كوبا، ولم تكن حتى قمة هلسنكي عام 2018 حين أذل ترامب نفسه وبلاده بقبول تأكيدات بوتين حول التدخل في الانتخابات الأمريكية رغم نتائج الاستخبارات.
وتابعت: "أفضل ما يمكن قوله عن قمة ألاسكا هو أنها كان من الممكن أن تكون أسوأ. لم يُعلن ترامب تأييده لمطلب بوتين بتسليم أوكرانيا المزيد من الأراضي لروسيا مقابل وقف إطلاق النار (مع أنه، على ما يبدو، أبلغ القادة الأوروبيين أن هذا سيكون أسرع طريق للسلام)".
وأكدت أنه لم يُبرم أي اتفاق لتخفيف العقوبات الأمريكية على
روسيا، لو قدّم ترامب تنازلات بهذا الحجم، لكانت قمة ألاسكا ستُذكر كمؤتمر يالطا آخر، موضحة أن "ألاسكا لم تكن كارثة، بل كانت هزيمةً حتمية. فقد خرج بوتين فائزا واضحا من لقائه الأخير مع رئيس أمريكي".
ولفتت إلى أن "انتصار بوتين كان جليا منذ بداية التجمع في قاعدة إلمندورف ريتشاردسون المشتركة، حيث فرشت القوات الأمريكية السجادة الحمراء حرفيًا للديكتاتور، الذي أدانته المحكمة الجنائية الدولية كمجرم حرب عام 2023، والذي لا يمكنه المخاطرة بالسفر إلى معظم الدول خوفًا من الاعتقال".
وبدا ترامب في غاية السعادة وهو يرحب ببوتين بابتسامة عريضة ومصافحة، ثم دعاه في سيارة الليموزين الرئاسية - وحش داخل "الوحش". بعد ساعات قليلة، خرج الرجلان من اجتماعهما مع مساعديهما لعقد مؤتمر صحفي مشترك .
لم يُعلن عن أي اتفاق، لكن الزعيمين تبادلا الثناء، حيث أثنى بوتين على نظيره بإصراره على أنه ما كان ليغزو أوكرانيا لو كان ترامب رئيسًا. (لماذا إذًا ضاعف بوتين ضربات الطائرات المسيرة والصواريخ بأكثر من الضعف منذ تنصيب ترامب؟) بدا ترامب هادئًا، لكنه مع ذلك أثنى على بوتين بحماس: "شكرًا جزيلاً لك، سيدي الرئيس، كان ذلك عميقًا للغاية، وأعتقد أننا عقدنا اجتماعًا مثمرًا للغاية".
وتابع ترامب قائلًا، في غموض: "هناك العديد من النقاط التي اتفقنا عليها، بعض النقاط المهمة لم نتوصل إليها بعد"، وفي الساعات التي تلت القمة، اتضح أن إحدى النقاط "الرئيسية" التي لم يُتفق عليها كانت وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وتذكر الصحيفة، أنه في الأيام التي سبقت القمة التي عُقدت على عجل، هدد ترامب بوتين بعواقب وخيمة للغاية إذا لم يوقف هجماته على أوكرانيا، وعلى متن الطائرة المتجهة إلى ألاسكا، قال ترامب لقناة فوكس نيوز : "لن أكون سعيدًا إذا انسحبت دون التوصل إلى أي شكل من أشكال وقف إطلاق النار".
وأعلن ترامب في مقابلة مع قناة فوكس بعد القمة، إنه سيؤجل فرض عقوبات جديدة لأن "الاجتماع سار على ما يرام"، ثم في منتصف الليل، كشف ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي أنه تخلى عن مطلبه بوقف إطلاق النار، واتفق مع بوتين على التوجه مباشرةً إلى التفاوض على "اتفاقية سلام تُنهي الحرب"، وصفت الصحيفة ذلك، بأنه خفّف ترامب الضغط عن بوتين لوقف هجماته الشرسة على أوكرانيا.
وكما أوضح بوتين في المؤتمر الصحفي، فإنه لم يتزحزح عن مطلبه بأن يتناول أي اتفاق سلام "الأسباب الرئيسية لهذا الصراع". وبالطبع، من وجهة نظر بوتين، فإن السبب الرئيسي للصراع هو إصرار أوكرانيا على أن تصبح ديمقراطية موالية للغرب لا تتلقى أوامر من الكرملين، ونجح بوتين في خداع رئيس أمريكي آخر،
وختمت الصحيفة: "نظراً لنهج ترامب المتذبذب تجاه الحرب في أوكرانيا، فمن السابق لأوانه الشعور باليأس. ألمح ترامب للقادة الأوروبيين بعد القمة إلى استعداده لتقديم ضمانات أمنية أمريكية لأوكرانيا كجزء من تسوية سلمية. إذا صحّ ذلك, فسيكون انتصاراً كبيراً لكييف. غالباً ما يتأثر ترامب بآخر شخص تحدث إليه، وسيزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي واشنطن يوم الاثنين" .