أكدت أسرة الداعية
المصري المقيم في
تركيا، محمد عبد الحفيظ، في تصريحات خاصة لموقع "عربي21"، أن السلطات التركية رحلته بالفعل إلى جهة غير معلومة، بعد أيام من احتجازه في
مطار إسطنبول، وسط تحركات قانونية وحقوقية مكثفة لمنع
ترحيله خشية تعرضه للتعذيب في حال إعادته إلى مصر.
وقالت زوجته في تصريح مقتضب: "تم ترحيل زوجي من تركيا. نحن نشعر بحزن شديد، لكن محامينا يعملون على تقديم جميع الطلبات القانونية لضمان سلامته ولمّ شمله بأطفاله".
وأكدت الأسرة أنها لا تعلم حتى الآن الوجهة التي تم ترحيله إليها، وهو ما زاد من قلقها على مصيره.
محامية عبد الحفيظ: قرار موجع يخالف الدستور وحقوق الإنسان
من جهتها، قالت المحامية التركية غولدان سونماز، التي تتابع ملف عبد الحفيظ، إن القرار جاء رغم التحذيرات الحقوقية الواسعة، واعتبرته "مؤسفاً ومخالفاً للقانون".
وفي بيان نشرته على حسابها الرسمي، أوضحت سونماز: "ببالغ الحزن والأسى، أبلغكم أنه تم ترحيل المواطن المصري محمد عبد الحفيظ، رغم المناشدات التي وجهناها خلال الأيام الماضية لمنع ذلك. منذ لحظة توقيفه، تلقينا مئات الرسائل من صحفيين وحقوقيين ومواطنين من كافة أنحاء تركيا، يسألون عن مصيره، ويؤكدون رفضهم لهذا القرار".
وأضافت: "الهاربون من الموت والتعذيب لجأوا إلى تركيا أمانةً في أعناقنا. لا يحمينا القانون فقط، بل إنسانيتنا كذلك. والدستور التركي يلزم الدولة بحماية الإنسان، لا تسليمه إلى مصير مجهول".
وأكدت سونماز أن القوانين والمواثيق الدولية الموقعة عليها أنقرة، وفي مقدمتها اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية اللاجئين لعام 1951، تمنع ترحيل أي شخص إلى بلد يواجه فيه خطر الموت أو سوء المعاملة، وهو ما ينطبق تماماً على حالة عبد الحفيظ.
"أي قانون يبرر تمزيق العائلات؟"
ووجهت المحامية سؤالاً للجهات الرسمية قائلة: "بأي قانون يمكنكم تبرير فصل أب عن أبنائه؟ محمد عبد الحفيظ لديه أربعة أطفال، ويقيم في تركيا منذ سنوات بصورة قانونية، ويشهد له الجميع بأخلاقه وعمله الخيري والإغاثي. فكيف يصبح فجأةً شخصاً غير مرغوب فيه؟".
وشددت على أن القضية لم تكن أبداً مسألة إدارية روتينية، بل "اختبار لعدالة الدولة التركية ومدى احترامها لالتزاماتها القانونية والإنسانية".
وأضافت سونماز أن الإجراءات المتخذة بحق عبد الحفيظ كانت "سريعة، غامضة، وافتقدت للشفافية"، محذّرة من أن هذا النوع من القرارات "لا يمزق فقط العائلات، بل يمزق كذلك الثقة بين الدولة والمجتمع المدني".
مطالب بفتح تحقيق مستقل ووقف سياسة الترحيل
وتأتي هذه التطورات بعد أن أطلقت منظمات حقوقية عدة، من بينها مازومدر التركية، حملة عاجلة لمنع ترحيل عبد الحفيظ، محذّرة من أن تسليمه إلى مصر قد يعرضه لـ"الاختفاء القسري، أو التعذيب، أو حتى الإعدام خارج إطار القانون".
وحذّر محامون وحقوقيون من أن تكرار هذا النوع من الترحيلات يهدد سمعة تركيا كملاذ آمن للمعارضين الهاربين من القمع في بلادهم، ويفتح الباب لمزيد من الانتهاكات التي تضرب جوهر دولة القانون.
وفي ضوء الغموض الذي يلف مصير عبد الحفيظ، دعا نشطاء إلى فتح تحقيق مستقل حول ملابسات ترحيله، ومراجعة ملفات الترحيل السابقة التي تمت دون مسوغ قانوني أو حماية قضائية كافية.
وفي ختام تصريحها، ناشدت زوجة عبد الحفيظ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلة: "أعيدوا زوجي إلينا سالماً.. نحن لم نرتكب أي ذنب. نعيش في هذا البلد بمحبة واحترام للقانون. نرجو أن تستمعوا لصوت العدالة، وأن تتدخلوا لإعادة لمّ شمل عائلتنا من جديد".