سياسة عربية

تقبيل يد أسامة الأزهري تثير جدلا في مصر.. والتلفزيون يبث "حلقات ذكر صوفي" (شاهد)

من مستشار رئاسي إلى شيخ دراويش.. رحلة أسامة الأزهري بين القصر الجمهوري وحلقات الذكر الصوفي - الصفحة الرسمية "فيسبوك"
أثار وزير الأوقاف المصري، أسامة الأزهري، جدلاً واسعاً مجدداً بعد ظهوره في حلقة ذكر صوفية داخل مسجد إبراهيم الدسوقي بمدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، عقب صلاة الجمعة، في مشهد تم بثه على الهواء مباشرة عبر شاشة التلفزيون الرسمي، في سابقة أثارت الكثير من التساؤلات حول توجه الوزارة ومساعيها لإعادة تشكيل ملامح "التدين الرسمي" في مصر.

وحضر المجلس الذي خُصص للصلاة والسلام على النبي محمد ﷺ، كل من مفتي الجمهورية نظير عياد، ومحافظ كفر الشيخ اللواء علاء عبد المعطي، وعدد من علماء الأزهر ووزارة الأوقاف، إلى جانب حشد كبير من المصلين. 



وتسعى الوزارة لإحياء الطقوس الصوفية في المساجد ذات الطابع التاريخي.

ويُعد مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي من أبرز المزارات الصوفية في مصر، وسبق أن ارتاده الأزهري لإقامة فعاليات مماثلة، كما سبق له أن أدار حلقة ذكر صوفي من مسجد السيدة زينب في القاهرة قبل أربعة أسابيع فقط، غير أن الجديد هذه المرة كان نقل المشهد كاملاً عبر التلفزيون المصري الرسمي، وهو ما اعتبره البعض محاولة لفرض نمط صوفي من التدين على المواطنين، في ظل تغييب كامل لخطاب ديني آخر.


استياءً شعبي من تقبيل اليد  
بالتزامن مع ذلك، تواصلت الانتقادات الموجهة إلى وزير الأوقاف بعد تداول صور له أثناء تقبيل موظفين ليده خلال جولة رسمية داخل إحدى منشآت الوزارة، في مشهد أثار استياء المصريين على منصات التواصل الاجتماعي، معتبرين ذلك مظهراً من مظاهر التملق المرفوضة دينياً وأخلاقياً.

وفي أيار/مايو 2023 ظهرت صور أخرى لأسامة الأزهري خلال زيارته لإحدى ولايات إندونيسيا، حيث تم حمله على الأكتاف على كرسي فخم وفق طقوس شعبية معتادة لدى بعض أتباع الطرق الصوفية هناك، ما أثار موجة تعليقات متباينة حول ما اعتُبر استعراضاً دينياً غير مبرر.



دعم رسمي للتصوف.. وإقصاء لتيارات أخرى
ويرى البعض أن أسامة الأزهري، مستشار عبد الفتاح السيسي للشؤون الدينية سابقا، يكرس لخطاب صوفي مدعوم من الدولة، في مقابل تهميش باقي التيارات الإسلامية الأخرى. 

وقد ظهر الأزهري على قناة "DMC" المملوكة للمخابرات المصرية في حزيران/ يونيو 2021 متحدثاً عن ما وصفه بـ"أسرار الذكر الصوفي"، متناولاً فكرة الحسابات العددية والأذونات الروحية، في نهج يرتبط مباشرة بممارسات الطرق الصوفية.

وقد ربط مراقبون هذا التوجه بخطة سياسية منهجية تستند إلى توصيات تقارير غربية، أبرزها دراسة صادرة عن مؤسسة "راند" الأمريكية، المقربة من دوائر الاستخبارات في واشنطن، والتي دعت إلى دعم التصوف في العالم الإسلامي كبديل عن السلفية والتيارات الحركية.

ويلاحظ منذ سنوات أن الإعلام المصري التابع للنظام، يعمل على شيطنة تيار الإسلام السياسي والسلفي، وإبراز التصوف على أنه الوجه المقبول للإسلام لدى الدولة. 

وتندرج هذه السياسة ضمن رؤية النظام المصري لتجديد الخطاب الديني، وهي الرؤية التي دفع السيسي من أجلها الأزهري إلى صدارة المشهد الديني الرسمي، ومنحه صلاحيات واسعة منذ تعيينه مستشارا ثم وزيرا للأوقاف٬ متجاوزا شيخ الأزهر أحمد الطيب في بعض المواقف.


"إضعاف المؤسسة التقليدية"
وفي هذا الإطار، يُنظر إلى بعض مقالات أسامة الأزهري في صحيفة "الأهرام" الرسمية على أنها محاولات ممنهجة لإضعاف مشيخة الأزهر. ففي مقالات نُشرت عام 2017، وجه الأزهري انتقادات مباشرة إلى شيخ الأزهر، متهماً المؤسسة بـ"عدم تلبية نداء الوطن"، والتقاعس عن اللحاق بتحديات اللحظة السياسية والدينية، وذهب إلى حد القول إن "الوطن يستغيث، والأزهر لا يستجيب".

ورغم تجنب الطيب الرد بشكل مباشر، فإن العلاقة بين مشيخة الأزهر وأسامة الأزهري ظلت متوترة، وسط اتهامات موجهة للأخير بمحاولة تهيئة الساحة لخلافة الطيب على رأس الأزهر، بدعم مباشر من النظام، في إطار هندسة المؤسسة الدينية العليا لتتماشى مع الخطاب الرسمي.