قال اللواء الاحتياط بجيش
الاحتلال عاموس
جلعاد، إن خطة فرض حكم عسكري مباشر على قطاع
غزة تمثل وهما خطيرا، سيصطدم بالواقع
وينهار كما انهارت سابقا أوهام إقامة نظام موال في لبنان عام 1982، وهي التجربة
التي انتهت بعد 18 عاما بهزيمة مدوية، وانسحاب أحادي الجانب.
وأوضح جلعاد، بمقال في صحيفة يديعوت أحرونوت، أن
هذا التصور "يبدو في الظاهر حلا سحريا لهزيمة حماس، لكنه قد يضعف إسرائيل
بدلا من تقويتها. فالمحافظة على حكم مباشر داخل غزة ستكلف مليارات الدولارات،
ناهيك عن عشرات المليارات المطلوبة لإعادة إعمار القطاع المدمر".
وأضاف أن الادعاء القائل إنه إن "لم تهزم
حماس حتى آخر مقاتليها فسيعاد سيناريو 7 تشرين الأول، هو ادعاء لا أساس له. فالجيش
الإسرائيلي، حسب تعبيره، دمر البنية العسكرية للحركة ووجه ضربات قوية إلى قياداتها
على مختلف المستويات، ولم يتبق تقريبا من يمكن ترحيله أو القضاء عليه".
واعتبر أن ما وصفه بـ"الإنجازات العسكرية
لا بد أن تترجم عبر تسوية سياسية برعاية الولايات المتحدة، تبدأ بملف الرهائن، ثم
تفتح الباب أمام تحالفات إقليمية جديدة تشمل دولا عربية وإسلامية مثل السعودية
وإندونيسيا".
وحذر جلعاد من الخطة الإسرائيلية المقترحة لإنشاء
معسكر اعتقال جنوب قطاع غزة، والتي رأى فيها وصفة لكارثة سياسية، ستؤدي إلى "قطيعة
مع العالم العربي وتدهور في المكانة الدولية لإسرائيل".
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد
يتخلى عن الاحتلال لاحقا إذا فشل في التوصل إلى اتفاقات إقليمية تعزز طموحه لنيل
جائزة نوبل للسلام.
وفي السياق ذاته، أشاد جلعاد بقيمة التحالف
الأمني مع الولايات المتحدة تحت راية القيادة المركزية "سنتكوم"، خاصة
في مواجهة إيران. لكنه شدد على أن النظام الإيراني سيبقى يسعى إلى تدمير إسرائيل
ما دام قائما كقيادة دينية عليا، ما يستدعي تكثيف الجهود لعزل طهران ومنعها من
الحصول على سلاح نووي، بدعم من الشراكات الإقليمية.
ورفض جلعاد بشكل قاطع ما سماه "وهم
التهجير الطوعي"، في إشارة إلى فكرة نقل الفلسطينيين إلى رفح، مؤكدا أن "مصر
والسعودية والأردن لن تسمح بذلك، لما يشكله من خيانة في نظر الرأي العام العربي".
وأضاف أن التهديدات الصادرة عن شخصيات يمينية
متطرفة في الحكومة الإسرائيلية، مثل سموتريتش وبن غفير، بشأن طرد الفلسطينيين أو
السيطرة على الحرم القدسي، تؤجج التوتر وتنظر إليها في الخارج كتهديد لاستقرار
المنطقة.
وخلص جلعاد إلى أن إفشال التحالفات الإقليمية
مع الدول العربية المعتدلة كان أحد أسباب مجزرة 7 تشرين الأول، ما يثبت الحاجة إلى
هذه التحالفات وليس العكس. ودعا إلى عدم تغليب الحسابات السياسية الداخلية على
المصالح القومية والأمنية، محذرا من تمرير ما سماه "قانون التهرب من الخدمة
العسكرية"، الذي يهدف لإعفاء جماعي لليهود المتدينين، في وقت يتحمل فيه
الجنود النظاميون والاحتياطيون كامل العبء، وهو ما وصفه بتهديد مباشر لمستقبل
الدولة، تماما كأوهام الحكم العسكري في غزة أو الضفة.
وختم بالقول إن "إسرائيل اليوم تقف عند
مفترق طرق تاريخي، لم يكن هذا الوصف فيه أدق مما هو الآن وعلينا أخذ قرار شجاع
يعتمد المسار الدبلوماسي، بدلا من الغرق في مستنقع غزة كما غرقنا في مستنقع لبنان".