صحافة إسرائيلية

باحث إسرائيلي: إيران تقترب من تصنيع القنبلة وسط صمت سياسي

منشأة نووية إيرانية- جيتي
قال باحث إسرائيلي، إن إيران باتت قريبة من استكمال كل الجوانب التقنية اللازمة لصنع جهاز نووي، في ظل تغير ملحوظ في الخطاب الرسمي الإيراني تجاه الملف.

وأوضح الباحث المتخصص في الشأن النووي أفنير كوهين، أستاذ دراسات منع الانتشار النووي في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، أن التحول في الخطاب الإيراني بدأ يظهر بشكل واضح منذ أكتوبر 2023، خصوصا بعد تصاعد التوتر الإقليمي.

وأشار إلى أن هذا التحول يشير إلى مرحلة جديدة من الغموض الاستراتيجي، تتقاطع في كثير من ملامحها مع تجارب سابقة شهدتها إسرائيل في ستينيات القرن الماضي، وباكستان في أواخر التسعينيات.

وسلط كوهين الضوء على مقابلة تلفزيونية أجريت في 12 شباط/فبراير 2024 مع علي أكبر صالحي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية ووزير الخارجية الأسبق، الذي قال خلالها إن إيران تجاوزت جميع العتبات العلمية والتكنولوجية الرئيسية المتعلقة بالبرنامج النووي. واستخدم صالحي تشبيها لافتا، إذ شبه التقدم الإيراني في هذا المجال بصناعة سيارة أصبحت مكتملة من حيث الهيكل والمحرك وصندوق التروس وسائر مكوناتها.

واعتبر أن هذا التصريح يعد خروجا واضحا عن الخطاب الإيراني التقليدي، الذي كان ينفي باستمرار وجود أي نية لتطوير سلاح نووي، مشيرا إلى أن كلمات صالحي تحمل في طياتها إقرارا غير مباشر بأن إيران أصبحت تمتلك القدرة الفنية لتصنيع سلاح نووي إذا ما اتخذ القرار السياسي بذلك.

وفي إطار تحقيق أجراه كوهين مع عدد من الباحثين والخبراء، شملت مراجعة عشرات التصريحات الرسمية الصادرة عن مسؤولين إيرانيين حاليين وسابقين منذ عام 2015، توصلت الدراسة إلى أن التصريحات الجديدة لا تمثل آراء فردية، بل تعكس تحولا مؤسسيا في طريقة تعاطي النظام الإيراني مع مسألة القدرات النووية.


ورصد ثلاثة توجهات أساسية في الخطاب النووي الإيراني منذ خريف 2023: أولا، التأكيد على أن إيران أتمت كافة المتطلبات التقنية لتصنيع جهاز أو حتى قنبلة نووية، مع استمرار التزامها السياسي بعدم القيام بذلك؛ ثانيا، التأكيد على أن هذا الالتزام غير مطلق بل مشروط، وقد يتم التراجع عنه في حال تعرضت البلاد لهجوم أو تهديد وجودي؛ وثالثا، تبني سياسة الغموض المقصود فيما يتعلق بأعمال البحث والتطوير المرتبطة بالسلاح النووي.

وأشار التقرير إلى أن هذه المواقف لا تعني بالضرورة أن إيران شرعت فعليا في بناء قنبلة، لكنها تظهر أن طهران تسعى لتقليص الفترة الزمنية التي قد تحتاجها للقيام بذلك في حال اتخذت القيادة قرارا بالمضي في هذا الطريق.

وقارن كوهين الوضع الإيراني الحالي بتجربة باكستان في عام 1998، عندما أجرت الهند تجربة نووية مفاجئة في 11 مايو، وتمكنت إسلام آباد من الرد بتجربة مماثلة بعد 17 يوما فقط، بفضل وجود خطط طوارئ مسبقة. ويرى كوهين أنه من المرجح أن إيران، بدورها، قد وضعت خططا مشابهة لتنفيذ تجربة نووية في وقت قصير، في حال دعت الحاجة.

كما أشار الباحث إلى تجربة الاحتلالفي مايو 1967، حين دخلت في أزمة وجودية قبيل حرب الأيام الستة، وقال إن هناك شهادات تاريخية تفيد بأن العلماء الإسرائيليين نجحوا في تصنيع جهاز نووي بدائي خلال أسابيع، رغم عدم وجود قرار سياسي رسمي ببناء قنبلة في ذلك الوقت.

وأوضح أن هذه النماذج تظهر كيف يمكن للضغوط الوجودية أن تدفع دولا تمتلك المعرفة التقنية إلى اتخاذ خطوات ميدانية سريعة نحو امتلاك سلاح نووي.

ورغم أن وكالات الاستخبارات الغربية، وعلى رأسها الاستخبارات الأمريكية، لم تؤكد حتى الآن وجود قرار من المرشد الأعلى في إيران بتصنيع قنبلة نووية، فقد أقرت مؤخرا بأن "الخطاب الإيراني بشأن القنبلة النووية لم يعد محظورا كما في السابق"، بحسب ما صرحت به مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غابارد خلال جلسة استماع في الكونغرس.

ويخلص التقرير إلى أن إيران قد تكون بالفعل في مرحلة "العتبة النووية" – أي أنها تمتلك جميع مكونات السلاح النووي دون أن تجمعها فعليا – وهو وضع يسمح لها بالتحرك سريعا نحو تجربة نووية، إذا ما قررت ذلك في ظرف استثنائي. ويرى كوهين أن هذا السيناريو يجعل إيران دولة نووية "بحكم الواقع"، حتى وإن لم تعلن ذلك رسميا أو تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي.