صحافة إسرائيلية

انتقادات إسرائيلية متواصلة بسبب استمرار الحرب في قطاع غزة

أكد خبير إسرائيلي أن "محاولة السيطرة على المساعدات في غزة تشكل نصف الطريق للحكم العسكري"- الأناضول
تواصلت الانتقادات الإسرائيلية على خلفية استمرار الحرب في قطاع غزة، وفي ظل الحوادث الأمنية التي تسببت في خسائر بشرية إضافية في صفوف جيش الاحتلال، وسط تحذيرات من الغرق في "وحل" غزة.

وقال الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن بالكنيست ورئيس برنامج الأمن بمعهد دراسات الأمن القومي عوفر شيلح، إنّ "ما يصل من أخبار سيئة من غزة في الأسابيع الأخيرة يؤكد أن الإسرائيليين لم يتعلموا من دروس أحداث 1983-1985 في لبنان، حين كان الهدف المعلن من التحرك العسكري فيه هو إزالة التهديد الذي تشكله حركة فتح لمستوطني الشمال، ورغم أنه تحقق بالفعل، لكن الجيش استمر بالبقاء في لبنان، بينما عانى من خسائر فادحة، 286 قتيلاً بين سبتمبر 1982 ويونيو 1985، وتعرضه للاستنزاف حتى النخاع".

وأضاف شيلح في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "الأسباب التي قدمت للبقاء في لبنان مألوفة بشكل مؤلم، وهي الردع، ومنع العدو من الشعور بالنصر، وعودة ثمانية مخطوفين وجثث القتلى، والاعتقاد بأن الضغط العسكري سيجلب النصر، وهذه هي الأسس الدائمة للجمود الأمني، الذي يقف على قدمين: غياب التحرك السياسي التكميلي الذي يحدد الإنجازات العملياتية، بحيث تصبح غاية في حد ذاتها، وليس وسيلة؛ والتفكير العسكري ضيق الأفق، بتجاهل دروس الماضي، واندماج المصالح الحزبية مع السياسية والأمنية".

وأشار إلى أن "أربعين عاماً مرت من الجمود الأمني من لبنان الى غزة، حيث لم يحقق الجيش أي إنجاز في غزة، رغم القصص التي يتم تسويقها كل يوم عن "فككنا، دمرنا"، وعلى النقيض من إفاداته، فإن مثل هذا الإنجاز مستحيل: فحماس تحولت إلى حرب العصابات، وأصبح عدد قتلاها لا معنى له تقريباً، وكذلك القضاء على قادتها، أو استيلاء الجيش على الأراضي، كما أن التناقض بين تفكيكها وعودة المختطفين، مصطنع، فكل المختطفين سيعودون فقط في إطار صفقة شاملة لإنهاء الحرب، التي كانت وشيكة في بداية العام".

وأكد أن "الاختيار الحقيقي هو بين وقف الحرب واحتلال غزة وفرض حكم عسكري وتحمل المسؤولية عن مليوني فلسطيني، مع كل العواقب الوخيمة التي تترتب على ذلك على مكانة الدولة العالمية، واقتصادها وجيشها، لأن استمرار الوضع الحالي يقودها هناك، دون اتخاذ قرار".



وتابع: "الحجة القائلة بأنه "لولا القتال في غزة لما كان هناك إنجازات في لبنان وإيران" لا أساس لها من الصحة، لأن الضربات العملياتية الناجحة على حزب الله، وأسفرت عن نتائج إيجابية بعيدة المدى بالنسبة لأمن الدولة، وكذلك على إيران، رغم أنه من السابق لأوانه معرفة كيف ستؤثر على الهدف المعلن المتمثل بمنع انتشار أسلحتها النووية، لا علاقة لها بالركود المستمر في غزة".

وأوضح أنه "هذا العام 2025، سقط أكثر من مائة جندي في غزة، أربعين منهم منذ استئناف العدوان في مارس، بدعوى أنها الطريقة الوحيدة لإعادة المخطوفين، لكن لم يعد سوى واحد منهم، وهو عيدان ألكسندر، تكريماً للرئيس دونالد ترامب، والصفقة التي بين أيدينا كما هي ذاتها التي توصلنا إليها بالفعل، ومن المشكوك فيه أنها ستعيد جميع الرهائن، أحياء وأمواتاً".

وأكد أن "محاولة السيطرة على المساعدات في غزة، تشكل نصف الطريق للحكم العسكري، فشل متعمد وكارثي، حيث يجد الجنود أنفسهم في مواجهة حشد يائس وجائع، في وضع يقودهم لقتل المئات منهم، وتتحول الدولة إلى مصابة بالجذام، والجيش البري منهك بشكل غير مسبوق، وكأن الحرب أصبحت طبيعية".

وأوضح أنه "قبل أربعين عاما كانت الدولة مليئة بالمظاهرات، حيث امتلأت الطرقات والساحات بلافتات تحمل صور وأرقام القتلى، وارتفعت أصوات المطالبة بإنهاء الإقامة الخبيثة في لبنان، وكذلك ظهر الاضطراب في وحدات جيش الاحتياط واضحا".



وأضاف أن "فرقا جوهريا بين لبنان وغزة، فقد استقال آنذاك رئيس الوزراء مناحيم بيغن، الذي دفعته مسؤوليته عن الوضع للقول إنني "لم أعد قادراً على الاستمرار في ذلك"، حيث استغرق الأمر عامين آخرين، وسقوط أكثر من مائة قتيل قبل الانسحاب للمنطقة الأمنية، لأنه قبل أربعين عامًا، كان هناك مجتمع إسرائيلي يؤمن بقدرته على تغيير الواقع، وإنهاء الحروب".

ولفت إلى أنه "في أحدث استطلاع للرأي، قال 60% إن الحرب في غزة يجب أن تنتهي، لكن المظاهرات الوحيدة التي تجري في الشوارع هي المظاهرات العاطفية الخاصة بذوي المختطفين، لكنها تفتقر للمعنى العملي، وتسمح للمستويات السياسية والعسكرية بالقول "نحن نفعل كل شيء".

ونوه إلى أنه "في النظام السياسي الاسرائيلي الفاسد لا يوجد بديل حقيقي، ولا مطلب حقيقي لإنهاء الحرب ببساطة، لأن استمرارها يسبب لها أضراراً لا يمكن حسابها، وضحاياها هم تضحيات مجانية، وعلى خلفية فقدان الإيمان، نمت الأعشاب الضارة، مثل أعضاء الائتلاف الحالي الذين يتحدثون عن احتلال غزة والحرب الأبدية، والمجتمع المصاب بالحزن واليأس، مع أغلبية قوية داخله تؤيد أفكاراً مثل "الترانسفير الطوعي" في غزة، وهو هراء غير أخلاقي يدعمه في النظام السياسي ليس فقط نتنياهو وحكومته، ولكن أيضاً ما يسمى بالمعارضة".