تحدثت تقارير إسرائيلية عن إنجازات واضحة حققتها تل أبيب تجاه القوة العظمى في
إيران وذراعها في لبنان، لكن هذه الإنجازات لا تطمس أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، والتي لا تزال تلاحق آثارها الإسرائيليين.
دان أركين
الكاتب في مجلة
يسرائيل ديفينس للعلوم العسكرية، أكد أنه "رغم كثرة الأحداث
التي تتوالى كل بضع دقائق، فمن المفيد أن يأخذ الاسرائيليون بضعة آلاف من الأقدام
في مخيّلاتهم كي يروا الصورة الكبيرة من الأعلى، لأن ما حدث بالفعل هنا في
الأسابيع الماضية، يُظهر في الصورة دولتين، إحداهما صغيرة ومحاطة بالأعداء، تقاتل
على سبع جبهات ضد قوة عظمى قوية، وهي إيران".
وأضاف في
مقال ترجمته "عربي21" أن "الدولتين تضرّرتا، خاصة الصغيرة منهما،
بشدة من قبل نظام إسلامي ديني يبلغ عدد سكانه تسعين مليون نسمة، مما يهدد الدولة
الصغيرة والعالم الحر بقنبلة ذرية، هذا ما حدث، دون أن تكتمل عملية تقييم الأضرار
بعد، ولا توجد معلومات دقيقة حول ما حدث في أعماق "فوردو وأصفهان
ونطنز"، ففي طهران جرت جنازات لعشرات القادة العسكريين والعلماء النوويين،
ويصعب الاعتياد على جملة مثل "فتحت القوات الجوية الإسرائيلية ممرا لدخول
المجال الجوي الإيراني، ويمكنها الطيران بحرية فوقها".
وأشار أن
"الضرر الذي لحق بالمعنويات والوعي الوطني والفخر والشرف في إيران لا يمكن
قياسه، فعلى مدى سنوات، دارت نقاشات حول ما إذا كانت إسرائيل قادرة أو تجرؤ على
مهاجمتها بمفردها، واليوم لابد من معاقبة عدد لا بأس به من الخبراء الاسرائيليين
على خطيئة واحدة مفادها استبعادهم لقدرة إسرائيل على تنفيذ الهجوم لوحدها، فيما
ظهرت ردود الفعل في العالم قديمة الطراز وغير مواكبة للعصر، ولا تتضمن أدنى قدر من
الفكر الجديد، ورديئة، التي أعلنت أن مهاجمة إيران تشكل "انتهاكاً للقانون
الدولي".
وأشار إلى أننا
"رغم ما حققناه في إيران، فلا نزال نواجه صعوبات لا تطاق، وعلى رأسهم
المختطفون الذين لم يعودوا لمنازلهم بعد، وهذه هي القضية التي تحجب كل إنجاز، فلن يكون
هناك أي إصلاح أو بداية جديدة قبل عودة آخر المختطفين الأحياء والأموات لديارهم،
لأنه بعد الإنجازات ضد إيران وحزب الله والقضاء على نظام الأسد، يمكننا أن نلاحظ
اتجاهاً لا يطاق يتمثل بمحاولة لإضعاف أو طمس أو حتى نسيان تفاصيل كارثة السابع من
أكتوبر".
وأكد أنه
"يمكننا أن نسمع أصواتاً بالفعل من قبيل كان ذلك اليوم رهيباً، لكننا تغلبنا
عليه، قاتلنا بنجاح على سبع جبهات، هزمنا، انتصرنا، سيطرنا، قضينا على البرنامج
النووي الإيراني، قادة حزب الله، والنظام في دمشق، كل قادة حماس، لكن هذا اتجاه
خبيث نحو نسيان الأمر الأول وهو فشل أكتوبر 2023، بزعم أن الحديث عن موجات
الانتصارات والإنجازات، كفيلة بإخفاء أسباب كل ما حدث، وإخفاء دور وذنب من جلبوا
كل هذا الشر علينا، بحيث لا يتم إنشاء لجنة تحقيق حكومية تحت أي ظرف، وقد تتمكن
لجنة تحقيق حكومية من تحديد المذنبين والمسؤولين الذين سيتم تذكرهم للأبد، وقد
يواجهون المحاكمة أيضًا".
وأوضح أنه
"ابتداءً من السابع من أكتوبر، أظهر الجيش قدرة على التعافي، وانتقل من
الهزيمة والإذلال إلى الهجوم، مع تحقيق نجاحات عسكرية، وهوما حدث بعد حرب 1973،
إلا أن الحرب لم تستمر حينها سوى بضعة أسابيع، وانتهى الفشل باتفاقية السلام،
وبالطبع بعودة جميع السجناء، وهذه الحرب مستمرة منذ ما يقرب من عامين، والمختطفون
ما زالوا بعيدين عن منازلهم، صحيح أن الإشادات تتوالى بما حدث منذ الثامن من
أكتوبر، ولكن لا يوجد أي غفران أو عفو عما حدث حتى ذلك اليوم بالنسبة للمستوى
السياسي والعسكري".
وأضاف أن
"القيادة العسكرية أعربت عن أسفها لما حصل، واستقال كبار مسؤوليها، في حين لم
تحرك القيادة السياسية ساكناً، وهذه هي المستويات التي تسعى الآن لجعل الرأي العام
ينسى ما سبق السابع من أكتوبر، والجمهور متعب، وتتزايد التساؤلات حول "ماذا
نفعل في غزة"، وهناك بدايات لمنظمات أمهات الجنود النظاميين، ويعاني الكثيرون
من صعوبات اقتصادية ومعيشية، وأصبح الآلاف بلا مأوى، ولن تأتي الحلول إلا بعد
سنوات، وهناك عائلات المختطفين والمهجرين وعائلات تنعي أبناءها القتلى في غزة".
وحذر من
"عمل آلات السمّ على خلق آليات لنسيان كارثة السابع من أكتوبر، وإخفاء ما حدث
بالضبط، وتشويه الأحداث، لكن الزعماء الحقيقيين في الرأي العام ووسائل الإعلام
والأوساط الأكاديمية أن يتحركوا ضد هذا الاتجاه، فهناك من يريد أن ينسينا ما حدث
بالضبط في السابع من أكتوبر، ولا يريدون سوى أن تبقى لنا ذكرى ضبابية وغير واضحة،
وليس ذكرى تشير للجناة الحقيقيين، وتحكم عليهم بالعار، ولا ينبغي أن نسمح بحدوث
هذا".