سياسة دولية

مؤتمر للمحافظين في فينيكس يتحول لمواجهة علنية داخل التيار اليميني الأمريكي

خلاف حاد بين بن شابيرو وتاكر كارلسون طغى على مؤتمر محافظ في فينيكس وكشف انقسامات عميقة- Turning Point USA
خلاف حاد بين بن شابيرو وتاكر كارلسون طغى على مؤتمر محافظ في فينيكس وكشف انقسامات عميقة- Turning Point USA
شارك الخبر
تحوّل مؤتمر "أمريكا فست" السنوي الذي تنظمه منظمة "أمريكان تيرنينج بوينت"، والذي عُقد نهاية الأسبوع في مركز مؤتمرات فينيكس، من فعالية احتفالية لتيار اليمين المحافظ إلى ساحة مواجهة علنية حادة بين شخصيات بارزة داخل الحركة.

وذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن المؤتمر، الذي كان مخصصا أساسا لتوحيد المحافظين والاحتفاء بقيم المحافظة الأمريكية، طغت عليه صدامات مباشرة على خشبة المسرح بين المعلق السياسي بن شابيرو ومقدم البرامج التلفزيونية تاكر كارلسون.

وتمحورت المواجهة حول أسئلة تتعلق بحدود الخطاب العام، والمسؤولية الأخلاقية للمؤثرين عبر الإنترنت، وكيفية تعاطي التيار المحافظ مع نظريات المؤامرة، وذلك في ظل أجواء مشحونة أعقبت مقتل مؤسس المنظمة تشارلي كيرك وما تبعها من توترات داخلية.

واستقطب المؤتمر أكثر من 30 ألف مشارك، في أجواء احتفالية صاخبة، حيث رقص الحضور على أنغام موسيقى مرتفعة وهتفوا "أمريكا"، احتفالا بعودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وزين المكان بصور تشارلي كيرك، وكان حضوره الرمزي طاغيا، غير أن الانقسامات داخل حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا" ظهرت بوضوح مع صعود شابيرو إلى المنصة.

اظهار أخبار متعلقة


وألقى شابيرو خطابا حادا رسم فيه خطا فاصلا بين ما وصفه بالمحافظة القائمة على الحقيقة، وبين "الدجل" و"نظريات المؤامرة"، مؤكدا أن مسؤولية الشخصيات الإعلامية تجاه جمهورها لا تقل أهمية عن أي انتصار سياسي. وقال إن "النصر بلا حقيقة هو نصر للأكاذيب"، محذرا من أن الخطر الذي يواجه الحركة لا يأتي فقط من اليسار، بل أيضا من "مشعوذين يتاجرون بالمؤامرات والخداع".

وفي سياق حديثه عن مقتل تشارلي كيرك، شن شابيرو هجوما لاذعا على كانديس إيفانز، منددا بما وصفه بنشرها روايات لا تستند إلى أي دليل، تتهم فيها أطرافا متعددة، بينها الاستخبارات الفرنسية والموساد وأشخاص من داخل المنظمة، بالتورط في الجريمة أو التستر عليها، معتبرا أن تحميل أرملة كيرك، إريكا كيرك، وشخصيات أخرى مسؤولية القتل يمثل تجاوزا أخلاقيا خطيرا، منتقدا من امتنعوا عن إدانة تلك الادعاءات، واصفا صمتهم بـ"الجبن".

ووجّه شابيرو انتقاداته مباشرة إلى تاكر كارلسون، معتبرا أن الصداقة الشخصية لا تبرر الصمت عن أخطاء أخلاقية، كما انتقد المذيعة ميغان كيلي لامتناعها عن انتقاد إيفانز بدعوى أنها "أم شابة"، واصفا هذا التبرير بأنه غير مقبول أخلاقيا أو منطقيا.

وركز شابيرو أيضا على اختيارات كارلسون لضيوف برنامجه، معتبرا أن استضافة شخصيات متطرفة ومنحها شرعية إعلامية يمثل إخلالا بواجب المسؤولية. واستشهد باستضافة نيك فوينتيس، الذي وصفه بأنه متعاطف مع النازية ومدافع عن هتلر ومعاد لأمريكا، إضافة إلى شخصيات أخرى مثل أندرو تيت وداريل كوبر، الذين قُدموا كمحللين تاريخيين رغم مواقفهم الإشكالية.

وانتقد شابيرو أسلوب "طرح الأسئلة فقط" دون السعي لإجابات موثوقة، معتبرا أن هذا النهج يزرع الشك واليأس، وضرب مثالا بتصريحات كارلسون التي لمح فيها إلى تورط جيفري إبستين في شبكة استغلال جنسي مرتبطة بالموساد، وادعائه وجود تكتم من إدارة ترامب دون تقديم أدلة. وقال شابيرو إن هذا الأسلوب يضلل الجمهور ويورط أشخاصا حقيقيين في اتهامات خطيرة.

اظهار أخبار متعلقة


في المقابل، رد كارلسون في خطاب لاحق بنبرة ساخرة، مستهزئا بكلمة شابيرو، واصفا إياه بالمتعجرف، ومقارنا دعوات الإدانة والنبذ بما سماه "الثورة الثقافية للحرس الأحمر" في الصين.

واعتبر أن ما يطرحه شابيرو يمثل شكلا من ثقافة الإلغاء التي طالما عارضها اليمين.

وادعى كارلسون أن تشارلي كيرك كان مدافعا شرسا عن حرية التعبير والنقاش المفتوح، مشيرا إلى أن كيرك واجه ضغوطا من متبرعين لإلغاء مشاركته في المؤتمر، لكنه تمسك بموقفه، كما نفى كارلسون أي اتهامات بمعاداة السامية، مؤكدا أنها عمل غير أخلاقي.

وسط هذه الأجواء المتوترة، حاولت إريكا كيرك، المديرة التنفيذية الجديدة للمنظمة، تمرير رسالة تهدئة ووحدة، داعية الحضور إلى تقبل الاختلافات داخل الحركة، وقالت إن عدم الاتفاق أمر طبيعي في الولايات المتحدة، مشيدة بقدرة زوجها الراحل على جمع الشباب حوله.

وشهد المؤتمر أيضا مداخلات لشخصيات أخرى، بينها راسل براند، الذي ركز على القيم المسيحية، ودمج حديثه بانتقادات للقاحات وصناعة الأدوية، غير أن المواجهة بين شابيرو وكارلسون بقيت الحدث الأبرز.

اظهار أخبار متعلقة


وفي ختام كلمته، شدد شابيرو على أن الولايات المتحدة تظل أعظم دولة في التاريخ، وأن على المحافظين تقديم حلول حقيقية بدلا من ترويج نظريات مؤامرة تبث الإحباط، قائلا إن فشل المؤثرين في أداء هذا الدور يعني أنهم لا يستحقون ثقة الجمهور.

وأعاد الجدل الذي شهده مؤتمر فينيكس طرح السؤال الجوهري حول مستقبل الحركة المحافظة: هل تتحقق وحدتها بتجاوز الخلافات، أم بالتمسك بالحقيقة حتى لو أدى ذلك إلى صراع داخلي حاد.
التعليقات (0)