في الأشهر الستة الماضية، شهدت مولدات
الفيديو بالذكاء الاصطناعي تطورات هائلة، جعلت من الصعب التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيف. ويبدو أننا على أعتاب حقبة جديدة، حيث سنُخدع مرارا وتكرارا بمقاطع فيديو مُصممة بذكاء، إلى أن نُصيب بالملل ونبدأ في التشكيك بكل ما نراه.
ولكن حتى الآن، هناك بعض العلامات التحذيرية التي تُساعدنا على كشف زيف الفيديوهات المولدة بالذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن هذه الأدلة لن تدوم طويلاً، إذ أن تحسين هذه التكنولوجيا يتسارع بوتيرة مذهلة، وقد تختفي الفروق قريبًا. وفق ما تقوله "
بي بي سي" في تقرير لها.
ما هي العلامات التحذيرية الحالية التي تكشف فيديوهات الذكاء الاصطناعي؟
الجودة المنخفضة والدقة الرديئة
يُشير هاني فريد، أستاذ علوم الحاسوب في جامعة كاليفورنيا والرائد في الأدلة الجنائية الرقمية، إلى أن الفيديوهات منخفضة الدقة قد تكون علامة على استخدام الذكاء الاصطناعي. وغالبًا ما تُصمم الفيديوهات المزيفة لتبدو وكأنها صُورت بكاميرات قديمة أو متواضعة الجودة، مثل كاميرات المراقبة، لإخفاء العيوب التي قد تفضح زيفها.
اظهار أخبار متعلقة
الأخطاء في التفاصيل الدقيقة
حتى الآن، تُظهر برامج إنتاج الفيديوهات عبر الذكاءً الاصطناعي تناقضات مثل: ملمس بشرة ناعم غير طبيعي، أنماط غريبة أو متغيرة في الشعر والملابس، أخطاء في حركة الكائنات أو الخلفيات، مثل تحركات غير واقعية أو مستحيلة.
الفيديوهات القصيرة جدًا
يشير فريد إلى أن معظم الفيديوهات المولدة بالذكاء الاصطناعي تكون قصيرة للغاية (6-10 ثوانٍ في المتوسط)، وذلك يعود إلى التكلفة العالية لإنتاج مقاطع طويلة، واحتمالية اكتشاف الأخطاء في المقاطع الأطول.
خدع الذكاء الاصطناعي التي أثارت الجدل
أثارت مقاطع فيديو مزيفة الجدل مثل: أرانب تقفز على الترامبولين وحصدت 240 مليون مشاهدة على تيك توك، فيديو لحب رومانسي بين شخصين في مترو أنفاق نيويورك، كاهن أمريكي يُلقي موعظة "ثورية" ضد المليارديرات.
وجميع هذه الفيديوهات كانت تبدو وكأنها صُورت بكاميرات منخفضة الجودة، مما ساعد على إخفاء عيوب الذكاء الاصطناعي.
ما التحديالت المستقبلية؟
يرى ماثيو ستام، أستاذ أمن المعلومات بجامعة دريكسل، في حديثه لـ"بي بي سي" أن العلامات الحالية التي تُساعدنا على كشف الفيديوهات المزيفة ستختفي قريبًا.
ويُشير إلى أن جهود شركات التكنولوجيا العملاقة لتحسين أدوات الذكاء الاصطناعي قد تجعل هذه الفيديوهات أكثر واقعية خلال عامين، مما سيجعل من الصعب جدًا اكتشاف
التزييف.
كيف نكشف الزيف؟
وفقًا لخبراء مثل فريد وستام، هناك أدوات تُساعد على كشف الفيديوهات المزيفة باستخدام تقنيات متقدمة مثل:
البحث عن اختلافات توزيع البكسلات، تحليل آثار التعديل التي لا تُرى بالعين المجردة.
وتعمل شركات التكنولوجيا أيضًا على تطوير معايير جديدة للتحقق من صحة المحتوى. مثل، توقيع رقمي للصور والفيديوهات
الحقيقية، يُثبت أنها لم تُعدل، وتضمين معلومات في الملفات الرقمية لتوضيح مصدرها الأصلي.
اظهار أخبار متعلقة
ما الحل؟
يرى مايك كولفيلد، خبير محو الأمية الرقمية، أن الحل يكمن في تغيير طريقة تفكيرنا بشأن الفيديوهات والصور، فلا يجب الوثوق بأي فيديو أو صورة لمجرد أنها تبدو حقيقية، كما يجب التحقق من مصدر الفيديو وسياقه، والاعتماد على مصادر موثوقة للتحقق من صحته.
وفقًا لستام، فإن تزييف الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي يُعد أحد أكبر تحديات أمن المعلومات في القرن الحادي والعشرين.
ورغم أن العالم بدأ للتو في مواجهة هذه المشكلة، فإن الحلول تتطور بسرعة. لكن النجاح في مجابهة هذا التحدي يتطلب مزيجًا من التعليم، التكنولوجيا، والسياسات الفعّالة.
ومع ذلك، فإن الحقيقة الواضحة هي أننا نعيش في عصر لم يعد فيه ما تراه بعينيك هو مصدر الحقيقة الوحيد. الآن، المصدر والسياق هما الأهم.