شهدت مدينة
ريو دي جانيرو البرازيلية واحدة من أكثر العمليات الأمنية دموية في تاريخها، بعد مقتل ما لا يقل عن 64 شخصا بينهم أربعة من رجال الشرطة، خلال مداهمات واسعة نفذتها قوات الأمن ضد إحدى أكبر عصابات تهريب
المخدرات في البلاد، بحسب ما أعلنته السلطات المحلية الثلاثاء.
وقال شاهد من وكالة رويترز إن أكثر من 40 جثة شوهدت في أحد شوارع منطقة أحياء فقيرة في وقت مبكر من صباح الأربعاء، حيث قام السكان بنقل الجثث إلى الشارع في محاولة للعثور على أقارب مفقودين بعد ساعات طويلة من الاشتباكات العنيفة.
أكبر عملية أمنية في تاريخ ريو دي جانيرو
وشارك في العملية نحو 2500 عنصر أمني مدعومين بآليات مدرعة ومروحيات قتالية، واستهدفت الحملة منطقتي كومبليكسو دا بينيا٬ وكومبليكسو دو أليماو٬ القريبتين من مطار ريو الدولي، حيث تتحصن العصابة المعروفة بسيطرتها على تجارة المخدرات والأسلحة.
وقال كلاوديو كاسترو، حاكم ولاية ريو دي جانيرو، إن العملية “هي الأكبر في تاريخ الولاية الواقعة جنوب شرقي البرازيل”، مشيرا إلى أنها تأتي في إطار خطة شاملة “لاستعادة الأمن في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة”.
وأكد الحاكم أن قوات الأمن صادرت 42 بندقية وكميات كبيرة من المخدرات، كما اعتقلت 81 شخصا خلال المداهمات التي استمرت لساعات طويلة، بينما لم توضح السلطات ما إذا كان جميع القتلى من أفراد العصابات أم بينهم مدنيون.
“إرهاب المخدرات”
وفي مقطع مصور نشره عبر منصة “إكس”، عرض الحاكم كاسترو لقطات تظهر طائرة مسيّرة تطلق مقذوفا من السماء، موضحا أن “المجرمين يواجهون شرطة ريو باستخدام قنابل تطلقها الطائرات بدون طيار”، مضيفا أن “ما يجري لا يمثل جريمة تقليدية، بل إرهاب المخدرات”.
وبحسب بيان أمني، استخدمت الشرطة خلال العملية مروحيتين و32 مركبة مدرعة و12 آلية هدم لإزالة الحواجز الإسمنتية التي أقامها تجار المخدرات في الأزقة الضيقة لمنع دخول القوات الأمنية.
وتأتي هذه العملية الدامية قبل أيام فقط من استضافة ريو دي جانيرو فعاليات قمة الأمم المتحدة للمناخ (
كوب30)، إذ غالبا ما تنفذ السلطات حملات أمنية موسعة قبيل الفعاليات الدولية الكبرى.
وسبق أن شهدت المدينة عمليات مشابهة قبل دورة الألعاب الأولمبية عام 2016، وقمة مجموعة العشرين في 2024، وقمة مجموعة “بريكس” في تموز/ يوليو الماضي، في محاولات لإظهار قدرة الحكومة على فرض الأمن في الأحياء العشوائية.
اظهار أخبار متعلقة
أرقام صادمة وانتقادات متصاعدة
وتصنف هذه المداهمة كأكثر العمليات الأمنية دموية في تاريخ الولاية، إذ تجاوزت حصيلة أكبر حملة سابقة في عام 2021 التي أودت بحياة 28 شخصا فقط.
ووفق بيانات رسمية، شهد عام 2024 مقتل نحو 700 شخص خلال عمليات أمنية في ريو دي جانيرو، أي بمعدل قتيلين يوميا، ما يثير تساؤلات حول جدوى النهج الأمني المتشدد الذي تنتهجه السلطات.
وكانت المحكمة العليا البرازيلية قد فرضت في عام 2020 قيودا على المداهمات الأمنية، منها حظر استخدام المروحيات والقيام بعمليات قرب المدارس والمراكز الصحية، لكن هذه القيود أُلغيت خلال العام الجاري، ما سمح بعودة الحملات العسكرية الواسعة داخل الأحياء الفقيرة.
منظمات حقوقية: “الدم لا ينهي الجريمة”
وأثارت العملية الأخيرة انتقادات حادة من خبراء ومنظمات حقوقية، رأت أن هذه الاستراتيجية “تعمّق دوامة العنف ولا تضعف الشبكات الإجرامية”، في حين تشير منظمات محلية إلى أن سكان الأحياء الفقيرة هم الأكثر تضررا من هذه المواجهات التي تحول مناطقهم إلى ساحات حرب.
وقال أحد الناشطين الحقوقيين في ريو: “ما يحدث ليس حربا على المخدرات، بل حرب على الفقراء الذين يعيشون في هذه الأحياء منذ عقود”.