أصدرت "
محكمة غزة" الرمزية الدولية المستقلة، الأحد،
قرارها النهائي بشأن التحقيق في جرائم
الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، مؤكدة أن الاحتلال
الإسرائيلي ارتكب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني ضمن نظام فصل عنصري يستند إلى أيديولوجيا
الصهيونية الفوقية.
وأعلنت المحكمة قرارها في جلسة ختامية عُقدت في إسطنبول بعد انطلاق
أعمالها الخميس الماضي، وتم اتخاذ القرار في جلسة مغلقة برئاسة المقرر الخاص السابق
للأمم المتحدة المعني بفلسطين، البروفيسور ريتشارد فولك.
وتعد "محكمة غزة" مبادرة دولية مستقلة أُسست في العاصمة
البريطانية لندن في تشرين الثاني / نوفمبر 2024، بمشاركة أكاديميين ومثقفين ومدافعين
عن حقوق الإنسان وممثلي منظمات مدنية، رداً على ما وصفوه بـ"إخفاق المجتمع الدولي
التام في تطبيق القانون الدولي في قطاع غزة".
وعقدت جلسات المحكمة تحت عناوين متعددة من بينها: "الجرائم"،
"استهداف المدنيين والبنية التحتية"، "التواطؤ الدولي"، و"المقاومة
والتضامن"، وشارك فيها شهود وحقوقيون من دول مختلفة قدّموا شهاداتهم حول الانتهاكات
في غزة.
وفي قرارها النهائي، قالت المحكمة إن استخدام الاحتلال الإسرائيلي
للتجويع سلاحا، والحرمان من الرعاية الطبية، والتهجير القسري، تشكل أدوات للعقاب الجماعي
والإبادة الممنهجة بحق الفلسطينيين، كما أكدت أن الحكومات
الغربية، وخاصة الولايات
المتحدة، متواطئة في هذه الجرائم من خلال توفير الحماية الدبلوماسية والتمويل والأسلحة
والمساعدات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية.
اظهار أخبار متعلقة
وشددت المحكمة على ضرورة محاسبة جميع المسؤولين الإسرائيليين سياسيا
وعسكريا واقتصاديا وإعلاميا، وبالوسائل القانونية القصوى المتاحة، داعية إلى إبعاد
الاحتلال الإسرائيلي من الأمم المتحدة ووكالاتها، وتفعيل قرار الجمعية العامة للأمم
المتحدة "متحدون من أجل السلام" لإنشاء قوة حماية دولية للأراضي الفلسطينية
في ظل تعطيل مجلس الأمن بفعل الفيتو الأمريكي.
كما دعت المحكمة إلى بناء حركة عالمية ضد الصهيونية تهدف إلى إضعافها
وعزلها، من خلال عمل منسق سياسي وقانوني واقتصادي وثقافي وأكاديمي، ورسم خريطة عالمية
لمصادر قوتها وشبكاتها الداعمة.
وعلى هامش الجلسات الختامية في إسطنبول، قال الناشط الفلسطيني
رضوان أبو معمر، الذي فقد معظم أفراد عائلته في الهجمات الإسرائيلية على خان يونس في
كانون الأول / ديسمبر 2023، إن الخطوة التالية بعد حكم "محكمة غزة" يجب أن
تكون تحركا دوليا حقيقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أبو معمر، أنه فقد أكثر من 25 فردًا من أسرته وأقاربه، بينهم
طفل يبلغ من العمر 9 أعوام كان في زيارة إلى غزة، مشيرًا إلى أن قصته "ليست استثناءً
بل واحدة من مئات القصص التي تمثل مأساة جماعية يعيشها الفلسطينيون في القطاع".
وأضاف أن الضحايا من عائلته "ليسوا مجرد أرقام"، وأنه
حاول إيصال قصصهم إلى العالم عبر منصة "إكس" الأمريكية، إلا أن حسابه أُغلق
لاحقًا، مؤكدًا أن "وسائل التواصل الكبرى مثل فيسبوك وإكس لا تسمع صوت الفلسطينيين،
بل تستجيب فقط لرواية الاحتلال".
وأعرب أبو معمر عن تقديره للقائمين على "محكمة غزة"
التي أدلى فيها بشهادته، مؤكدًا أن العدالة تتطلب خطوات عملية لمحاسبة إسرائيل على
حرب الإبادة التي أودت بحياة أكثر من 68 ألف فلسطيني وأصابت نحو 170 ألفًا آخرين منذ
اندلاعها.