سياسة عربية

السلطات المصرية تستمر في ملاحقة الباحثين والمعارضين

وثقت منظمات حقوقية تدهور الحالة الصحية لمعتقلين وسط اتهامات بإهمال طبي متعمد- الأناضول
وثقت منظمات حقوقية تدهور الحالة الصحية لمعتقلين وسط اتهامات بإهمال طبي متعمد- الأناضول
تتجدد في مصر الوعود الرسمية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان وإحداث انفراجة في الملف الحقوقي، إلا أن الواقع يشير إلى استمرار النهج الأمني في التعامل مع المعارضين والباحثين، وسط تدهور أوضاع السجون وتجاهل التحذيرات الحقوقية من تزايد الانتهاكات.

وأفاد المحامي الحقوقي خالد علي بأن نيابة أمن الدولة العليا قررت إحالة الباحث والأكاديمي الدكتور تقادم الخطيب إلى المحاكمة الجنائية برفقة آخرين، لمواجهتهم اتهامات تتعلق بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"المشاركة في اتفاق جنائي" و"نية ارتكاب جريمة"، موضحًا أن أولى جلسات المحاكمة من المقرر أن تُعقد يوم الأحد.

وأوضح علي أن الخطيب يعيش خارج مصر منذ آب/أغسطس 2013، لكنه "تعرض منذ عام 2017 لإجراءات تعسفية" عقب مساهمته في جمع وثائق جزيرتي تيران وصنافير، ما انعكس سلبا على مساره الأكاديمي والشخصي، إذ تم إنهاء منحة الدكتوراة التي كان يدرس بموجبها، وطالبته وزارة التعليم بالعودة إلى البلاد، وهو ما رفضه.

اظهار أخبار متعلقة



وأكمل الخطيب دراسته حتى حصل على الدكتوراة، قبل أن تنهي الجامعة خدمته وتصدر بحقه أحكام مالية تلزمه برد قيمة المنحة الدراسية.

وأضاف علي أن الباحث واجه صعوبات قانونية وإدارية في استخراج أوراقه الرسمية، من جواز السفر إلى البطاقة الشخصية، فضلا عن قيود واسعة أثّرت على حياته المهنية والأسرية، مؤكدا أن ما يتعرض له يمثل انتهاكا لحقوقه الأساسية المكفولة بموجب القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية.

وفي السياق ذاته، ظهر الباحث هاني صبحي أمام نيابة أمن الدولة بعد يومين من اعتقاله، حيث وُجهت إليه تهمتا "الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة"، وقررت النيابة حبسه 15 يوما على ذمة التحقيق.

وذكرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن سبب الاعتقال يعود إلى منشورين على فيسبوك، أحدهما تناول قصة العجل الذهبي في الديانات السماوية، والآخر كان تعليقا ساخرا على تصريحات الإعلامية داليا زيادة التي أشادت بـ"صمود الشعب الإسرائيلي" وتجاهلت معاناة الفلسطينيين.

اظهار أخبار متعلقة



وفي قضية أخرى، قررت محكمة جنح مصرية تأجيل استئناف الباحث الاقتصادي عبد الخالق فاروق على حكم حبسه خمس سنوات، لاستكمال إجراءات الرد، بعد أن رفضت المحكمة طلبات الدفاع المتكررة. وقال المحامي الحقوقي نبيه الجنادي إن فريق الدفاع طالب بالاطلاع على كامل أوراق القضية والحصول على نسخ رسمية، لكن المحكمة سمحت فقط بالاطلاع دون نسخ.

وأضاف الجنادي أن خالد علي قدّم خلال الجلسة السابقة طلبات عدة تتعلق بعناصر الدعوى التي استندت إلى تقرير من وزارة المالية والإسكان وشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، ردا على مقطع فيديو لفاروق انتقد فيه مشروع العاصمة الإدارية. وأوضح التقرير أن المشروع "ذاتي التمويل" ويمثل "نقلة تنموية كبرى"، وساهم في تخفيف التكدس داخل القاهرة الكبرى وتوفير أكثر من مليون فرصة عمل، كما ذكر أن هيئة المجتمعات العمرانية تمتلك 49% من أصول الشركة.

وأكد الجنادي أن فريق الدفاع طلب ضم مستندات إضافية لإثبات أن انتقادات فاروق تستند إلى حقائق واقعية، وأن النيابة تجاهلت هذه البيانات رغم أهميتها لإثبات براءته. وأشار إلى أن المحكمة "لم تستجب لأي من الطلبات الجوهرية"، رغم أن المادة (124) من قانون الإجراءات الجنائية تكفل حق المتهم في الدفاع عن نفسه، فيما تلزم المادة (289) المحكمة بسماع دفاعه قبل إصدار الحكم.

وطالب عدد من السياسيين والشخصيات العامة بالإفراج عن فاروق، معتبرين أن الحكم الصادر بحقه باطل قانونا ومخالف لحق الدفاع.

إلى ذلك، وثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تدهور الحالة الصحية للأستاذ الجامعي الدكتور عبد الناصر مسعود سالم يوسف (65 عاما) المحتجز في سجن المنيا شديد الحراسة، بعد إصابته بنوبة صرع حادة وسقوطه مغشيا عليه أثناء جلسة محاكمته أمام محكمة جنايات دمياط الأسبوع الماضي.

وذكرت الشبكة أن القاضي أمر حينها بنقله إلى مستشفى دمياط العام بسبب خطورة حالته.
وأوضحت الشبكة أن تدهور صحة يوسف "ليس حادثا فرديا"، بل نتيجة إهمال طبي متكرر داخل السجون المصرية، حيث عانى على مدى سنوات من نوبات صرع متكررة وإصابات في المخ بسبب التعذيب والاحتجاز الانفرادي منذ اعتقاله في نيسان/أبريل 2015، عندما اقتيد إلى مقار الأمن الوطني في كفر الشيخ ودمياط وتعرض خلالها لـ"اختفاء قسري استمر 40 يوما".

اظهار أخبار متعلقة



وقالت الشبكة إن يوسف يعاني من تكيس في الغشاء العنكبوتي في أسفل المخ، وقصور في الشرايين التاجية، وفق تقارير طبية من مستشفى سجن جمصة، التي أوصت بعرضه العاجل على استشاريي أمراض المخ والقلب، محذرة من أن تجاهل العلاج قد يؤدي إلى وفاة مفاجئة.

ورغم هذه التحذيرات، امتنعت إدارة السجن عن تنفيذ التوصيات الطبية، ونقلت يوسف قسرا إلى سجن المنيا في أيار/مايو الماضي عبر رحلة ترحيل استمرت يومين في ظروف غير إنسانية، ما تسبب في إصابته بأزمة قلبية حادة أثناء الرحلة.

ووصفت الشبكة هذا الإجراء بأنه "عقوبة إضافية مقصودة"، معتبرة أن ما يحدث يمثل انتهاكا صارخا للحق في الحياة والرعاية الصحية المنصوص عليه في الدستور المصري والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى مخالفة قواعد نيلسون مانديلا الخاصة بمعاملة السجناء.
التعليقات (0)

خبر عاجل