يدخل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة يومه العاشر، في ظل غياب مفاوضات جدية تهدف إلى حل الأزمة، خصوصا مع بدء أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الجمعة عطلة أسبوعية، ما يعني أن الإغلاق الحكومي الذي بدأ مطلع الشهر مستمر حتى الثلاثاء على الأقل فيما يتصلب الحزبان في مواقفهما أكثر من أي وقت ويواجه الجيش احتمالا غير مسبوق بعدم دفع رواتب عناصره.
ويستمر الديمقراطيون والجمهوريون باستراتيجية تبادل الاتهامات ورفض التنازل أو المساومة، فيما تتزايد الضغط على رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون لعقد جلسة لمجلس النواب المغلق للتصويت على مشروع قانون طارئ لتوفير رواتب للعسكريين على الأقل.
اظهار أخبار متعلقة
غير أن المسؤول الجمهوري متمسك بموقفه ، قائلا: "سنعود إلى هنا ونستأنف الجلسة التشريعية بمجرد أن يعيد أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيون تشغيل الأضواء، . من ناحيته، يعول الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الأزمة الحالية، التي وصفها بـ"إغلاق الديمقراطيين"، لتنفيذ أجندته الهادفة إلى تقليص حجم الحكومة الفيدرالية، مهدداً بطرد الموظفين، وملوحاً بعدم تسديد رواتبهم حتى بعد إعادة فتح المرافق الحكومية، ولن يتلقى نحو 1.3 مليون عسكري في الخدمة الفعلية رواتبهم المستحقة الأربعاء المقبل، في سابقة لم تسجَّل في أي من حالات الإغلاق الحكومي في التاريخ الحديث.
وبدأت إدارة ترامب، بث مقطع فيديو في المطارات في أنحاء البلاد جميعها يحمّل الديمقراطيين المسؤولية عن الإغلاق الحكومي المستمر منذ أيام والذي أدى إلى تأخير كبير في الرحلات الجوية، وأكد متحدث باسم وزارة الأمن الداخلي أن الفيديو بدأ بثه في المطارات الأمريكية والذي تظهر فيه وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نويم وهي تقول: "يرفض الديمقراطيون في
الكونغرس تمويل الحكومة الاتحادية، وبسبب ذلك تأثر عدد من عملياتنا، ومعظم موظفي إدارة أمن النقل لدينا يعملون دون أجر".
حاكم ولاية نبراسكا، وعضو مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور بيت ريكيتس، قال إن الإغلاق تسبب بتقليص الخدمات الحكومية وحتى توقفها ، كما أن التقليص بات يهدد صندوق الرعاية الصحية الريفية البالغ 50 مليار دولار، ولن يستطيع المحاربون القدامى تقديم مطالبات جديدة.
"فرصة رائعة لترمب"
وأعرب مايكل هاردواي، المساعد السابق للرئيس باراك أوباما ومدير الاتصالات السابق لزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، عن دهشته من غياب المفاوضات لإعادة فتح المرافق الحكومية، مشيراً إلى أن هذا يظهر عدم جدية من قِبَل الجمهوريين إلى الوصول إلى تسوية. ويوجه أصابع اللوم إلى البيت الأبيض في غياب أي نوع من التفاوض، قائلاً: "لقد عملت خلال عدة حالات إغلاق للحكومة، سواء في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، والرئيس دائماً ما يقود هذه المحادثات برفقة رئيس موظفيه، السبب في عدم رؤية أي تحرك اليوم هو غياب أي نوع من القيادة من البيت الأبيض لجمع الأطراف معاً".
ويتفق أليكس تاراسيو، مدير الاستراتيجيات السياسية في مؤسسة "سيغنال" والمدير السابق في المؤسسة الجمهورية الدولية، على أن المفاوضات غائبة، لكنه يختلف مع هارداوي في تقييم السبب، إذ يعتبر تاراسيو أن البيت الأبيض ينظر إلى الإغلاق بوصفه "فرصة رائعة لدونالد ترمب لتقليص حجم ونطاق الحكومة بشكل أكبر"، وأن هذا هو جوهر أجندته. وأوضح: "إذا أتاح له هذا الإغلاق الفرصة لمواصلة ذلك، فهذا انتصار له".
"الاستمرار في القتال"
ويعتبر تاراسيو أن الجمهوريين سيبقون على موقفهم الرافض لإضافة شروط على تمويل الحكومة، لأنهم يعتبرون أن التنازل سيكون سابقة سيئة تؤدي إلى المزيد من الإغلاقات، لأن الديمقراطيين سيكررون هذا التصرف في حال حصولهم على ما يطالبون به.
ويتحدث توم بيفان، الشريك المؤسس ومدير التحرير التنفيذي لموقع "ريل كلير بوليتيكس" الإخباري، عن أسباب إصرار الجمهوريين والديمقراطيين على مواقفهم الرافضة لأي تسوية، مشيراً إلى اعتقادهم بأنهم يفوزون في معركة العلاقات العامة، فمن جهة، يتلقى الديمقراطيون ردود فعل إيجابية من ناخبيهم الذين يريدون منهم "الاستمرار في القتال" ومواجهة ترمب، ومن جهة أخرى يتلقى الجمهوريون ردود فعل إيجابية من ناخبيهم عندما يشيرون إلى أن الديمقراطيين يرغبون في توفير الرعاية الصحية للمهاجرين غير النظاميين.
اظهار أخبار متعلقة
خسائر تقدر أسبوعيا بمليارات الدولار
مع تواصل الإغلاق الحكومي منذ أول تشرين الأول/أكتوبر الجاري، يتكبد الاقتصاد الأميركي خسائر تقدر أسبوعيا بمليارات الدولار وتلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي برمته، وتشير مذكرة صادرة عن مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض إلى أن الولايات المتحدة قد تخسر أسبوعيا حوالي 15 مليار دولار من ناتجها المحلي الإجمالي مع استمرار الإغلاق الحكومي.
وإن تواصل الإغلاق لمدة شهر فإن ذلك سيتسبب، وفق تلك المذكرة، في زيادة عدد العاطلين عن العمل إلى 43 ألف شخص، علاوة على الضرر الذي لحق بحوالي 1.9 مليون موظف مدني فدرالي باتوا معطلين مؤقتا أو يعملون بدون أجر، ويعيش 80 بالمئة منهم في منطقة واشنطن، كما تشير الأرقام إلى أن تعليق عمل الموظفين الاتحاديين يؤدي إلى تكلفة يومية قدرها 400 مليون دولار.