نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم
الجمعة، تحليلا إسرائيليا بعنوان: "كيف أذل
ترامب نتنياهو وكافأ
قطر وأخمد
أوهام اليمين المسيحاني؟"، مؤكدة أن "الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس
الأمريكي يوم الاثنين الماضي، والذي تعهد فيه بأن الولايات المتحدة ستدافع عن قطر،
يُبرز بوضوح التشابك الذي أحدثته الحرب الدائمة التي يسعى نتنياهو لشنها في
غزة".
وتابعت الصحيفة: "حققنا الإنجازات العسكرية
والاستخباراتية ضد إيران وحزب الله، إلا أن الحرب ضد حماس لا تزال تُسفك الدماء
وُتقوّض مكانة إسرائيل الدولية"، مشددة على أن "المجازفة الجامحة
بمحاولة اغتيال فريق حماس التفاوضي في الدوحة مثال على ذلك".
وأضحت أن "نتنياهو الذي دأب على وصف قطر بالدولة المعقدة منذ قرابة
عامين، والذي التزم الصمت حتى اليوم بشأن تجنيد كبار مستشاريه في قائمة المتلقين
للرواتب من الدوحة، والذي امتنع عن أي تحرك هجومي ضد قيادة حماس في الخارج التي
لجأت إلى قطر، غيّر نهجه فجأة".
وذكرت أنه "بينما كان كبار قادة حماس يجتمعون
لمناقشة آخر مقترحات الوساطة الأمريكية، قُصف مقرهم، خلافًا لتوصية رئيس أركان الجيش
الإسرائيلي ورئيس الموساد. ولا يزال جهاز الأمن العام (الشاباك) والمخابرات
العسكرية يحققان في ملابسات عملية المراقبة الاستخباراتية التي سمحت لمسؤولي حماس
بالخروج سالمين أو بإصابات طفيفة".
غضب ترامب
واستدركت الصحيفة: "لكن غضب ترامب - الذي لم
يُبلغه نتنياهو بالهجوم إلا بطريقة ملتوية ومُجتزأة - كان ليزداد اشتعالاً لو نجح
الهجوم. فعائلة ترامب لديها مصالح اقتصادية واسعة في الإمارة، ناهيك عن
الاستثمارات الأمريكية الضخمة في قطر والقاعدة العسكرية الضخمة التي تحتفظ بها
هناك. كما حرصت القيادة القطرية على مدح الرئيس بإعلانها خلال زيارته الأولى
للخليج بعد إعادة انتخابه أنها ستهديه طائرة خاصة".
اظهار أخبار متعلقة
ورأت أن "الغارة الجوية الفاشلة دفعت ترامب إلى
تكثيف جهوده لفرض اتفاق جديد على إسرائيل وحماس، وإطلاق سراح الرهائن، وإنهاء
الحرب في غزة. ويوم الاثنين، أجبر نتنياهو على الاتصال برئيس وزراء قطر والاعتذار.
وسرعان ما أعقب ذلك ضربة ثالثة: اتفاقية أمنية غير مألوفة، تتعهد فيها الولايات
المتحدة بالدفاع عن قطر (حتى عسكريًا) في حال تعرض أراضيها وبنيتها التحتية لهجوم
مسلح. وينص الأمر التنفيذي على أن واشنطن ستعتبر مثل هذا الهجوم تهديدًا لسلام
وأمن الولايات المتحدة".
وأردفت: "هذا ليس مهيناً لنتنياهو فحسب، حيث
نشر ترامب صورة لرئيس الوزراء وهو يتحدث إلى نظيره القطري بالإضافة إلى النص
الكامل للمكالمة؛ بل يعمل الرئيس فعلياً على تعزيز الحصانة الممنوحة لقيادة حماس
الخارجية ضد المزيد من محاولات الاغتيال، على الأقل طالما كانوا في الدوحة".
إنهاء الحرب
وأشارت إلى أنه "من ناحية أخرى، يُؤمل أن
يُصاحب المكانة الفريدة التي منحها ترامب للقطريين مطالبةٌ لهم بالمساعدة في إنهاء
الحرب. فالخطاب الطويل والارتباطي الذي ألقاه ترامب في المؤتمر الصحفي المشترك مع
نتنياهو لم يعكس خطةً مُحكمةً لمستقبل الشرق الأوسط. (كان الخطاب الذي ألقاه أمام
الجنرالات الأمريكيين في اليوم التالي أغرب من ذلك؛ إذ لم يكن ترامب في أوج
عطائه). ومع ذلك، يُحشد الرئيس هذه المرة مجموعةً كبيرةً من الدول الإسلامية
والعربية ذات النفوذ الواسع بهدف فرض اتفاق على حماس".
وأكدت "هآرتس" أن "الاتفاق الأمريكي
القطري يظهر مجددًا أنه، خلافًا للانطباع الذي يحاول نتنياهو خلقه بمساعدة أبواقه
المتمرسة، لا يتبع خطة منظمة، بل يُرتجل جزءًا كبيرًا من تحركاته، ويجد صعوبة في
التنبؤ بالنتائج. وعلى عكس النجاحات على جبهات أخرى، لا تزال غزة محور الحرب ،
والقضية الأصعب حلًا. الاتفاق الذي يحاول ترامب فرضه على الجانبين ليس مناسبًا
لنتنياهو، حتى وإن كان يحمل في طياته العديد من المزايا لإسرائيل".
اظهار أخبار متعلقة
ونوهت إلى أن "التفاوت الكبير هنا يكمن بين
مصالح مواطني إسرائيل ومصالح الائتلاف الحاكم. فبحسب استطلاعات الرأي، يمكن
لغالبية الجمهور التعايش حتى مع اتفاق جزئي ومعيب، شريطة إعادة الرهائن، الأحياء
منهم والأموات، ووقف سفك الدماء في غزة".
واستدركت: "لكن ما يقترحه ترامب لا يتوافق بأي
حال من الأحوال مع تخيلات اليمين المتشدد في الحكومة بشأن الاحتلال، والتهجير
القسري للسكان، وتجديد الاستيطان في القطاع، و"النصر الشامل". كما أن
المتطرفين في الجانب الفلسطيني لا ينفدون".
وأوضحت أن "العديد من الأصوات على مواقع
التواصل الاجتماعي، التي اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ممنهجة على نطاق غير
مسبوق في غزة، تحث الآن حماس على مواصلة القتال، لأن الاتفاق المقترح هو استسلام
"للاستعمار الصهيوني". وهذا يثير التساؤل حول مدى رغبتهم الحقيقية في
إنقاذ سكان غزة، خاصةً وأن بعض هذه الأصوات اتهمت بالإبادة الجماعية حتى في الأيام
الأولى للحرب، التي بدأت بالفعل بمذبحة حماس ضد سكان النقب الغربي".