ملفات وتقارير

اغتيال مسؤولة يمنية يدفع بتعز إلى الواجهة.. ماذا يحدث في المحافظة؟

موجة اغتيالات واضطرابات شهدتها محافظة تعز- الأناضول
موجة اغتيالات واضطرابات شهدتها محافظة تعز- الأناضول
تصدرت محافظة تعز جنوب غربي اليمن، واجهة الأحداث في الأيام الماضية، بعد حادثة اغتيال مسؤولة في السلطة البلدية وسط مركز المحافظة، الأمر الذي  أثار غضبا عارما، قبل أن يعود الهدوء من جديد.

واغتال مسلحون مديرة صندوق النظافة بتعز، إفتهان المشهري في 18 من سبتمبر/ أيلول الماضي، بنحو 20 طلقة رصاص اخترقت رأسها أثناء مرورها بسيارتها وسط مدينة تعز ( المركز الإداري للمحافظة).

وقد هزت العملية الشارع اليمني وتحولت إلى غضب عارم، فيما قوبلت بإدانات واسعة من مجلس القيادة الرئاسي الحاكم وأحزاب سياسية ومنظمات متعددة.

وعلى الرغم من أن الحادثة جنائية، إلا أن أطرافا عدة حاولت توظيفها سياسيا وإثارة المناطقية داخل المجتمع المحلي، للنيل من قوات الجيش والشرطة وقادة المقاومة الموالية لها.

وترافق ذلك مع حملات شيطنة وتخوين ضد قيادات الجيش والشرطة وتيارات سياسية خصوصا حزب الإصلاح، إلى الحد الذي تم المطالبة بإحلال قوات عسكرية أخرى بديلة عن القوات المنتشرة في المحافظة.

وأعلنت الشرطة المحلية في تعز، في 25 من الشهر الجاري، مقتل المتهم الرئيس بالجريمة محمد صادق المخلافي أثناء مقاومته حملة أمنية شمالي المدينة.

وقبل ذلك بأيام، شنت القوات الحكومية حملة واسعة طالت عناصر متورطة بحوادث مختلفة من بينها القتل، وأودعتهم السجون على ذمة تلك القضايا.

وقد طرحت الحملة الواسعة على القيادات العسكرية والأمنية في تعز، ومحاولة استغلال الحادثة سياسيا من أطراف أخرى، أسئلة عدة حول دلالات ذلك.

أهميتها وموقعها
وفي السياق، قال الكاتب والصحفي اليمني سلمان الحميدي إنه في الوقت الذي تواجه فيه تعز، جحافل الحوثي المدعومة من إيران؛ استطاعت هذه المحافظة اليمنية أن "تصمد في وجه المشاريع  الضيقة التي تريد إسقاطها من الداخل وتقديمها قرباناً على مذبح السياسة الدولية ودليل ولاء عند الداعمين الخارجيين".

وأضاف الحميدي في حديث خاص لـ"عربي21" أن تعز صوتها مرتفع في المعركة، كما أن صوت أبنائها مرتفع وصادق عند كل اختلال، وهذه حالة صحية تصب في مصلحة الناس والوطن عموماً.

لكنه استدرك قائلا: "هناك حضور سيء يحاول استغلال هذا الصوت واستثماره لصالح أجندات الداعمين أو حتى استخدام المآسي الإنسانية للتعبير عن الأحقاد السياسية عند بعض المتحزبين أو ممن يحاولون تقديم أنفسهم كجهات قابلة للاستخدام مع أي ممول خارجي". 

وأشار إلى أن هذا الحضور السيّئ فيعود "لأهمية تعز الاستراتيجية من حيث موقعها الجغرافي ووعيها السياسي، وإيمانها بالدولة ومؤسساتها، ورفضها لأي كيانات موازية لمؤسسات الدولة، وكذلك كتلتها السكانية الكبيرة، وبقية الخصائص التي تجعلها هدفاً للقوى المدعومة من جهات تحيط بها من مختلف الجهات".

وقال أيضا إنه بعد عملية إغتيال افتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين، "وجدت هذه القوى فرصتها للنيل من المؤسسة العسكرية والأمنية والمقاومة الشعبية، وقياداتها"، كونها تعلم أن هذه المؤسسات وهذه القيادات هي من أفشلت كل محاولات إخراج تعز عن المشروع الوطني وضمه لأي مشروع آخر.

أهمية استراتيجية
وتكتسب محافظة تعز أهمية استراتيجية في العمليات العسكرية بسبب تمتعها بموقع جغرافي استراتيجي ،فهي تبعد عن العاصمة صنعاء حوالي 256 كلم، في حين تطل مناطقها الغربية على البحر الأحمر، كميناء المخا الذي يقع على منفذ بحري استراتيجي والذي يعتبر حلقة وصل جغرافية بمحافظة الحديدة الساحلية.

كما تكمن أهمية ، في كونها إحدى أهم نقاط الوصل والفصل الجغرافي بين ما كان يسمى الشطر الشمالي والشطر الجنوبي من اليمن.

فضلا عن ذلك، فموقعها المشاطئ للبحر الأحمر، في الجزء الجنوبي الغربي للبلاد، عبر مديرية المخاء ومينائها، ومديرية ذو باب، ومديرية المندب، التي تقع على مضيق باب المندب (تسيطر على تلك المديريات  قوات مدعومة من دولة الإمارات والسعودية )؛ أعطاها إطلالة بحرية واسعة للاتصال بالقرن الإفريقي، وما يتبع ذلك من قيمة استراتيجية وجيوستراتيجية، وفق خبراء عسكريون.

اظهار أخبار متعلقة



أجندات شرسة
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي إن من الواضح أن هناك أجندات شرسة داخلية وخارجية وظفت كل إمكانياتها لاستغلال حادثة اغتيال الشهيدة افتهان المشهري.

وتابع التميمي حديثه لـ"عربي21" بأن الاستهداف اتجه نحو "المقاومة الشعبية وقائدها" و "التجمع اليمني للإصلاح" وهما الطرفان اللذان تقاسما شرف التضحية لتحرير مدينة تعز من الحوثيين.

وأضاف أن هدف الجريمة المتمثل في "المشهري" التي وصفها بالشهيدة، وبشاعة الجريمة، "وفرا غطاءً مثالياً للتحريض على الطرف الخطأ، في الوقت الذي كان يجب أن تتجه سهام النقد للسلطات الرسمية بقيادة المحافظ نبيل شمسان عن تقصيرها في حماية وصون دماء المشهري ذاتها، بعد الاعتداء الذي نفذه المجرم محمد صادق على مقر الصندوق وتهديده الصريح بقتل مديرته التنفيذية".

وأوضح الكاتب اليمني "هناك مخطط يراد تنفيذه لاستقدام قوات مسلحة إلى مدينة تعز، محمولة على أكتاف الغاضبين من الانفلات ومبررة ببشاعة الجريمة، مما يسمح بالشك في "وجود مخطط أدار هذه الجريمة بقدرات استخبارية رأينا بصماتها في الفيديو المصور للقاتل، الذي حقق لهذه الأجندة الاستخبارية ما ترغب في الوصول إليه"، على حد قوله

وقال أيضا، إن هذا الأمر له جذور تمتد لسنوات،  إذ لم تخرج تعز من دائرة الاستهداف المتعدد الأطراف الداخلية والخارجية منذ ثورة التغيير في 2011 مرورا بانقلاب 21 سبتمبر المشؤوم وما تبعه من حرب شاملة.

وبحسب السياسي التميمي فإن الجميع اتفق على تحييد "الدور السياسي والاستراتيجي والوطني لمحافظة تعز"، لإدراكهم "أهمية التموضع المركزي للمحافظة في قلب المشهد الوطني والانتشار الديموغرافي لسكانها بأثقال كبيرة في أهم  المدن الرئيسية بما يشكل تحدياً كبيرا أمام إعادة إحياء المشاريع السياسية ذات الأجندات الانفصالية والطائفية، ونزاعات إعادة إحياء مشروع السلطة العائلي".

اظهار أخبار متعلقة



وأكد على أن استهداف تعز مهمة تحظى بتمويل خارجي سخي محكوم "بعقدة العداء الأيديولوجي" الذي يتوهم بأن "محافظة تعز ومركزها معقل التجمع اليمني للإصلاح والإخوان المسلمين"، على الرغم من الصيغة الفريدة للتعددية السياسية والتوافق الحزبي حول مصالح تعز والوطن.

وأردف قائلا: الإنجاز  الكبير للمقاومة الشعبية في تحرير مركز المحافظة، حصن المدينة، إذ لم يجد المتربصون بها سوى استثمار ورقة الانفلات الأمني وتعزيز الموجة الإجرامية الناجمة عن إهمال السلطة المحلية وأجهزتها الأمنية والعسكرية  والحصار الاقتصادي والفقر وعدم انتظام الرواتب وتدنيها وعدم كفايتها لاحتياجات المقاتلين والموظفين والمعلمين قياساً بالرواتب التي تصرف في مناطق تسيطر عليها مشاريع سياسية ممولة من الخارج، وفق تعبيره

وتبذل دولة الإمارات منذ العام 2019 جهودا كبيرة ضمن خطة جديدة لرسم منطقة نفوذ تخضع لهيمنتها وحلفائها المحليين، تمتد من باب المندب وصولا إلى مدينة المخا الاستراتيجية على البحر الأحمر، غربي مدينة تعز"، وفق ما صرح به  مصدر عسكري في قيادة الجيش في تعز لـ"عربي21" حينها.

الخطة الإماراتية وفق المصدر العسكري، تهدف إلى "وضع المناطق الواقعة على امتداد الساحل من المخا وحتى ذوباب وباب المندب، مرورا بمديريات موزع والوازعية ومديريات الحجرية في المحور الجنوبي الغربي لتعز" في نطاق إداري جديد تحت اسم "إقليم المخا".

وهذه المناطق جميها خاضعة لقوات شكلتها وسلحتها أبوظبي بقيادة، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل، طارق محمد عبدالله صالح، عضو المجلس الرئاسي حاليا.
التعليقات (0)

خبر عاجل