"رهان ساويرس" يؤجل أحلام الأجيال.. تصاعد الذهب يحمي الأثرياء ويستنزف الشباب العربي
لندن- عربي21 - طارق السباعي24-Sep-2502:12 PM
0
شارك
مبادرات محلية ظهرت لتدعو إلى التخفيف من متطلبات الزواج - جيتي
شهدت أسواق الذهب خلال
اليومين الماضيين تقلبات حادة، كان أبرزها الارتفاع المتواصل في الأسعار عالميا ومحليا، اذ سجل عالميا سعر الأوقية نحو 3800 دولارًا، ما أعاد المعدن الأصفر إلى صدارة الاهتمام الشعبي والاقتصادي على السواء.
وتجاوزت الأسعار مستويات
غير مسبوقة، الأمر الذي دفع قطاعات واسعة من المتابعين والمستهلكين إلى التساؤل عن
مستقبل الذهب الذي لطالما ارتبط في المخيلة الاقتصادية بكونه الملاذ الآمن في أوقات
الأزمات.
وفي حين يراه المستثمرون
فرصة تاريخية لتعظيم المكاسب، يعاني الشباب العربي من انعكاساته المباشرة على حياتهم
الاجتماعية، خصوصًا ما يتعلق بارتفاع تكاليف الزواج في ظل ارتباطه التقليدي بشراء الذهب
كشرط أساسي، وفي عواصم عربية، اتجه بعض تجار الصاغة إلى تعليق البيع انتظارًا لتحديد
اتجاه السوق فيما استمرت الأسعار في التقدم مدفوعة بعوامل عدة، أبرزها مخاوف التضخم،
وتراجع الثقة في العملات الرئيسية، وتصاعد الأزمات الجيوسياسية.
وسبقت الموجة التصاعدية
عدة مؤشرات حيث كان رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس من أوائل الذين قرأوا مستقبل السوق
بطريقة مختلفة، قبل أعوام قليلة، اتخذ ساويرس قرارًا لافتًا بتحويل جزء معتبر من استثماراته
إلى الذهب، رغم ما واجهه من انتقادات وتشكيك في حينه.
وتبدو اليوم، رؤية
رجل الأعمال أكثر وضوحًا، إذ تتأكد صحة رهانه مع كل قفزة جديدة في الأسعار، ليصبح نموذجا
بارزًا لكيفية استباق التحولات الاقتصادية الكبرى عبر قراءة دقيقة للمشهد العالمي،
لكن بينما يربح الكبار من صعود المعدن النفيس، يعاني الشباب في الدول العربية من انعكاساته
القاسية على تفاصيل حياتهم، خاصة في ما يتعلق بالزواج وتكاليفه التي ارتبطت تقليديًا
بالذهب.
ساويرس يمتك 9
مناجم ذهب
وفي حزيران /
يونيو الماضي كشف ساويرس عن تفاصيل استثماراته الضخمة في قطاع الذهب، مؤكدًا أن الذهب
ليس مجرد وسيلة للتحوط، بل ركيزة أساسية في استراتيجيته الاستثمارية طويلة الأجل.
وخلال مقابلة ضمن برنامج
"كلام بزنس" أكد ساويرس أن حجم استثماراته في الذهب يتجاوز مليار دولار أمريكي،
وهو رقم يعكس مدى رهانه الجاد على هذا القطاع الحيوي، وأن لديه تسعة مناجم ذهب، من
بينها خمسة مناجم داخل مصر.
وأوضح نجيب ساويرس
أن تركيزه على الذهب ينبع من قناعته بقدرته على الاحتفاظ بالقيمة في ظل التقلبات الاقتصادية،
معتبراً أنه الأصل الاستثماري الأكثر أمانًا في أوقات الاضطراب المالي والسياسي.
الشباب العربي.. بين
مطرقة الأسعار وسندان التقاليد
وإذا كان المستثمرون
الكبار يحققون مكاسب لافتة من صعود الذهب، فإن الشريحة الأكثر تضررًا تظل فئة الشباب
العربي، ففي العديد من الدولة العربية، ترتبط فكرة الزواج منذ عقود بـ"الشبكة
الذهبية"، وهي هدية أساسية تقدم للعروس وتعتبر رمزا للمكانة الاجتماعية وضمانًا
لمستقبلها.
ومع الارتفاع الكبير
في الأسعار، أصبح شراء أبسط أشكال هذه الشبكة يتطلب مبالغ تفوق قدرة كثير من الشباب،
ما أدى إلى تأجيل العديد من الزيجات بل وإلغاء بعضها.
وعلى سبيل المثال الوضع
في مصر الأردن ليس أفضل حالًا، هناك، لا تزال الأسر تتمسك بطلب الذهب كجزء أساسي من
المهر، ما يجعل الشباب في مواجهة مباشرة مع متطلبات مادية لا يستطيعون الوفاء بها،
وكثير من القصص تتكرر عن شباب اضطروا إلى الاستدانة أو الدخول في التزامات مالية مرهقة
فقط لإتمام الزواج.
في المقابل، ظهرت مبادرات
محلية تدعو إلى التخفيف من هذه المتطلبات، مثل دعوات الاستعاضة عن الذهب بهدايا رمزية
أو تقليل الكمية المطلوبة، لكن هذه المبادرات لم تحقق الانتشار الكافي بسبب تمسك العائلات
بالأعراف والتقاليد.
وتكرر الوضع في دول
عربية أخرى مثل السودان واليمن والمغرب، حيث يصف الشباب الذهب بأنه "الحاجز الأكبر"
أمام بناء أسرة، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها هذه الدول، إلا أن العادات
الاجتماعية تظل متمسكة بوجود الذهب كشرط أساسي، معتبرة إياه دليلًا على قيمة العروس
وضمانة لحقوقها في المستقبل.
تناقض بين المستثمرين
والأسر
المفارقة الصارخة تكمن
في أن ما يعتبره المستثمرون فرصة للربح، يراه الشباب والأسر عبئًا يثقل حياتهم اليومية،
بالنسبة لطبقة رجال الأعمال، يمثل الذهب استثماريا آمنا قادرا على حماية الثروة وتنميتها،
أما بالنسبة للأسر المتوسطة والفقيرة، فهو وسيلة تقليدية للادخار تحولت إلى حمل ثقيل
لا تستطيع احتماله.
في مصر مثلًا، اعتادت
الأسر شراء الذهب بجرامات معدودة كمدخرات طويلة الأجل لحماية قيمتها من تراجع العملة
المحلية، لكن مع ارتفاع الأسعار، بات الحصول على قطعة ذهبية صغيرة يتطلب إنفاقا لا
يتناسب مع دخول غالبية الأسر، هذا الواقع أدى إلى تراجع قدرة الطبقة الوسطى على الادخار،
وزاد من حالة القلق الاقتصادي والاجتماعي.
مبادرات في مواجهة
العرف والتقاليد
في مواجهة هذه الأزمة،
ظهرت مبادرات عدة تحت شعارات مثل "زواج بلا ذهب" أو "تيسير الزواج"،
سعت إلى إقناع الأسر بالتخلي عن شرط الشبكة أو تقليلها بشكل كبير، ورغم أن هذه المبادرات
لاقت ترحيبا في أوساط محدودة، فإنها سرعان ما اصطدمت بجدار التقاليد الراسخة، وكثير
من العائلات ما زالت ترى في الذهب ضمانا أساسيا لمستقبل ابنتها، وترفض التخلي عنه حتى
في أصعب الظروف.
ويضع هذا التمسك الشباب
أمام خيارات صعبة: إما الدخول في دوامة من الديون، أو تأجيل الزواج إلى أجل غير مسمى،
أو محاولة إقناع الأسر بتبني حلول وسط قد لا تلقى قبولا كاملا، وفي كل الأحوال، يبقى
الذهب حاضرا، بقوة كعنصر حاسم في تحديد مصير كثير من قصص الزواج في العالم العربي.
ويواجه الشباب
والمجتمعات العربية تحديات كبيرة في المستقبل ما يؤثر بالسلب على الحياة الاجتماعية
في الوقت الذى يظهر فيه ارتفاع أسعار الذهب كفرصة استثمارية كبيرة لرجال الأعمال
والمستثمرين.
ايه راي البنات ؟ توافق علي كده
بعد ارتفاع الدهب بشكل رهييب
أول شبكة فضة فى دمنهور لعروسين حوالي 30 جرام إيطالي بـ 4 الف بس والف مبروك للعروسين pic.twitter.com/TYfsnM8YZ7