نشرت صحيفة
"
نيويورك تايمز" مقالا لمستشار السيناتور جون ماكين للسياسة الخارجية
سابقا، ريتشارد فونتين وضابطة الاستخبارات السابقة المختصة في الشأن الروسي،
أندريا كيندال- تايلور، قالا فيه إنه: عندما ترأس الرئيس شي جين بينغ عرضا ضخما
للقوة العسكرية الصينية في بيجين يوم الأربعاء، لم يقتصر العرض على الطائرات
المقاتلة والصواريخ، حيث أشار شي، محاطا بقادة روسيا وإيران وكوريا الشمالية، إلى
العالم بوجود بديل عملي للقيادة الأمريكية.
قلب النظام
الدولي القائم
وأضاف المقال،
أن الصين، وبالتوافق مع هذه الدول الأخرى، قادرة على قلب النظام الدولي القائم
رأسا على عقب ومقاومة الولايات المتحدة، مهندسة النظام الحالي، ربما بدا هذا
الإظهار للوحدة أمرا لافتا للبعض، نظرا لأنه قبل شهرين فقط، رفض بعض المراقبين
التفاهم بين الدول الأربع - ما أسميناه "محور الاضطرابات" - واعتبروه
إما ميتا أو مبالغا فيه منذ البداية.
اظهار أخبار متعلقة
في حزيران/
يونيو، وقفت موسكو وبيجين وبيونغ يانغ، إلى حد ما، مكتوفة الأيدي بينما تحمّلت
إيران 12 يوما من الحرب القاسية على يد إسرائيل والولايات المتحدة، وأصدرت بيانات
تُدين الهجمات، ولم تُقدّم أي شيء آخر.
لكنّ تجاهل
المحور بهذه الشروط يُسيء فهم حقيقته، مفادها: "تحالف من أربع دول، رغم
اختلافاتها الشاسعة، ترى في الولايات المتحدة خصما مشتركا"، مع أنها قد
تُساعد بعضها بعضا أحيانا - مثل الجنود الكوريين الشماليين الذين انضموا إلى
حلفائهم الروس في المعركة ضد القوات الأوكرانية - إلا أن هذا ليس هو الهدف، فلدى
المجموعة هدف أكثر طموحا بكثير.
فهي تسعى، على
غرار دول المحور في حقبة الحرب العالمية الثانية، ألمانيا وإيطاليا واليابان، إلى
"نظام جديد للأمور"، حيث يمكن لكل دولة أن تتبوأ "مكانتها
الخاصة"، فهم مستاؤون من نظام دولي يعتقدون أنه يحرمهم من المكانة وحرية
العمل التي يستحقونها بفضل قوتهم وحضارتهم، فهم مُتحدون في الرغبة في تغييره.
المحور دعم
روسيا في حربها
مقال
الكاتبان، يشير إلى أن التعاون بين هذه الدول الأربع عزز بالفعل القدرات العسكرية
لخصوم أمريكا، وأضعف في الوقت نفسه أدوات السياسة الخارجية التي تستخدمها واشنطن
لمواجهتهم، ولم يكن تأثيرها أوضح من أوكرانيا، حيث مكّنت الصين وإيران وكوريا
الشمالية، الكرملين من مواصلة حربه والصمود في وجه الضغوط الدولية.
ومن المرجح أن
تواصل دول المحور تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتكنولوجية لتحسين قدرتها على تجاوز
العقوبات الأمريكية وحلفائها وضوابط التصدير، مع توفير بدائل للدول الأخرى عن
الاعتماد على السوق والبنوك والعملة الأمريكية.
إن الأثر
العسكري للعلاقات بينهما هو الأبرز بلا شك، تتشارك هذه الدول التكنولوجيا والمعرفة
العسكرية بطرق تُمكّنها من تضييق الفارق العسكري الأمريكي، ويمكن لتعاونها أن
يختصر الوقت الذي تستغرقه روسيا لإعادة بناء قواتها التقليدية في أي توقف للحرب في
أوكرانيا، من خلال تزويدها بالذخيرة أو المكونات التي تحتاجها موسكو لتصنيع المزيد
من الأسلحة بشكل أسرع.
المحور يعزز
قدرات بعضه الآخر
وقد يُشكّل
هذا نقطة ضعف لحلف الناتو إذا استطاعت روسيا إعادة البناء بشكل أسرع من قدرة
أوروبا على تعزيز قدراتها، كما يُعقّد تعاون دول المحور الصورة بالنسبة لمخططي
الدفاع الأمريكيين وحلفائهم، الذين لم يعد بإمكانهم افتراض أن أيا من هذه الدول
ستقاتل بمفردها، إما لأن واحدة أو أكثر من هذه الدول تُقدّم مساعدات عسكرية
وأسلحة، أو -وهو الأرجح- مُقاتلين، وهناك أيضا خطر من إمكانية إشعال أزمات متزامنة
بطريقة منسّقة أو انتهازية، مما يُرهق الولايات المتحدة وقدرتها.
في الواقع،
يشير اجتماع بيجين إلى أن المحور، بدلا من أن يذبل في أعقاب الحرب مع إيران في
حزيران/ يونيو، يتمتع بزخم، ويستشعر أعضاؤه فرصة سانحة، تُثير إدارة ترامب غضب
حلفاء أمريكا وشركائها القدامى، وتغلق منافذ الوصول إلى سوقها، وتسحب المساعدات
الإنسانية والإنمائية، وتُوقف البث الدولي ودعم الديمقراطية، وترفض صراحة القيام
بدورها القيادي العالمي الذي لطالما لعبته، وبالنسبة للرئيس الصيني شي، والروسي
فلاديمير بوتين وآخرين، قد لا تكون هناك لحظة أفضل لتحدي النظام العالمي الذي
تقوده الولايات المتحدة وتسريع التراجع الأمريكي.
إن مشاركة
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في الاجتماع تُشير بالتأكيد إلى أنه من السابق
لأوانه افتراض تهميش إيران، فعلى الرغم من إضعافها بسبب الضربات الأمريكية
والإسرائيلية، من المرجح أن ترى
الصين وروسيا وكوريا الشمالية قيمة في مساعدة
طهران على إعادة بناء قدرتها على استعداء الولايات المتحدة.
تُدرك إدارة
ترامب جيدا التحدي الذي يُمثله المحور، حتى الآن، كان حلها يهدف إلى تحسين
العلاقات مع روسيا، بافتراض أن ذلك سيُمكّنها من إبعاد موسكو عن داعميها الآخرين،
ويبدو أن إنهاء الحرب في أوكرانيا بطريقة تسمح بعلاقة أفضل مع روسيا هو خطوتهم
الأولى.
روسيا لا تثق
بأمريكا
لكن أي محاولة
أخرى لإعادة ضبط العلاقات مع روسيا لن تكون محكومة بالفشل فحسب - كما حدث سابقا -
بل ستؤدي أيضا إلى تفاقم المشكلة. لن يتخلى الكرملين عن رؤيته لواشنطن على أنها
العائق الرئيسي أمام أهداف موسكو، ومن غير المرجح أن يعتقد بوتين أن رئيسا أمريكيا
واحدا يمكنه التراجع، بأي شكل من الأشكال على المدى الطويل، عن عقود من السياسة
الخارجية الأمريكية تجاه روسيا.
اظهار أخبار متعلقة
ومن المرجح أن
تكون جهود استمالة الصين عقيمة بالمثل، ومن المؤكد أن محاولة الإدارة للتوصل إلى
اتفاق تجاري مع بيجين من خلال تقديم تنازلات جيوسياسية - على سبيل المثال، السماح
بوصول رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الصين - من غير المرجح أن تنجح في
إبعاد أقوى عضو في المحور عن شركائه، من المرجح أن تستغل روسيا والصين التنازلات
التي ترغب هذه الإدارة في تقديمها، وتستخدمانها لتعزيز قدرتهما على تحدي الولايات
المتحدة.
الاقتصاد..
أداة أمريكا ضد الدول
الخبر السار هو أن واشنطن تمتلك الأدوات اللازمة
للتغلب على هذا المحور، فالاقتصاد الأمريكي هو الأكبر والأكثر جاذبية في العالم،
ولا يزال نظام تحالفاته لا مثيل له، وشبكته من القواعد الخارجية لا مثيل لها،
وقوته العسكرية هائلة، القيم الأمريكية - الديمقراطية، والحقوق الأساسية والكرامة،
والفرص والمساواة - قوة عظمى، وتزداد قوة عندما نعتنقها في الداخل، أمريكا، إن
شاءت، قادرة على الحفاظ على نظام عالمي يفوق بكثير أي شيء يقدمه هذا المحور،
والسؤال هو: هل ستختار إدارة ترامب القيام بذلك؟.