كشفت صحيفة "
يديعوت أحرونوت" العبرية عن تفاصيل خطة أمريكية ـ إسرائيلية قديمة جديدة تستهدف
تهجير سكان قطاع
غزة وإعادة تشكيل واقعه السياسي والاقتصادي، عبر تقديمها في صورة مشروع "إعادة إعمار وتنمية" يَعِد بمليارات الدولارات من الأرباح للمستثمرين.
وبحسب الصحيفة، فإن الخطة التي أعيد طرحها داخل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب بعد نحو سبعة أشهر من إعلانها الأول، تحمل أوجه شبه كبيرة مع تصورات وضعها مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو قبل أكثر من عام ونصف. وتشمل الخطتان تصورات متقاربة لإنشاء مصانع متنوعة داخل القطاع، أبرزها مصنع للسيارات الكهربائية، إلى جانب مد خطوط سكك حديدية تربط غزة بمحيطها الإقليمي وصولاً إلى دول الشرق الأوسط.
غير أن الاختلاف المحوري بين الخطتين يتمثل في البعد السكاني؛ حيث تطرح الرؤية الأمريكية مساراً لهجرة تدريجية لعدد كبير من سكان القطاع خلال سنوات إعادة الإعمار، مع تقديم "حوافز اقتصادية" للراغبين في المغادرة، بما يفتح الباب أمام المستثمرين لتحقيق عوائد مضاعفة دون أعباء مالية على الحكومة الأمريكية.
وبحسب الوثائق التي نشرتها الصحيفة، فإن الخطة التي جرى تداولها في مواقع أمريكية مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز، صاغها رجال أعمال غربيون وإسرائيليون، وقدمت صوراً "مثالية" لقطاع غزة يظهر فيها كبقعة خضراء مزدهرة بالأبراج ومراكز الأعمال، في محاولة لتسويقها بديلاً عن صورته الراهنة كمنطقة محاصرة تعاني من الدمار.
وتقترح الخطة في مرحلتها الأولى، التي تمتد نحو عام، إقامة "مناطق آمنة" خالية من حركة المقاومة حماس، تحت إشراف مباشر من الاحتلال الإسرائيلي، بينما تتولى دول عربية ـ من بينها السعودية والإمارات ومصر والبحرين والأردن والمغرب ـ إدارة المساعدات الإنسانية الموجهة للسكان. ويتولى فلسطينيون محليون تسيير هذه المناطق لكن بإشراف عربي ـ إسرائيلي مشترك.
اظهار أخبار متعلقة
أما المرحلة التالية، والمقدرة بخمس إلى عشر سنوات، فيحتفظ فيها الاحتلال الإسرائيلي السيطرة الأمنية الكاملة على القطاع، بينما تتشكل هيئة عربية متعددة الأطراف للإشراف على إعادة تأهيل غزة وتمويلها، وفق ما يشبه "خطة مارشال" جديدة، على غرار البرنامج الأمريكي لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي نسختها الأمريكية المعدلة، تمتد فترة إدارة القطاع إلى عشر سنوات على الأقل، على أن تتولاها الولايات المتحدة مباشرة، بهدف تحويل غزة إلى "منتجع سياحي ومركز إنتاج تكنولوجي متقدم"، وفق التعبير الوارد في الخطة.
وتؤكد يديعوت أحرونوت أن الخطة البالغة 38 صفحة تتضمن تفاصيل دقيقة لآليات تهجير أكثر من مليوني فلسطيني من القطاع بصورة "مؤقتة"، عبر منح كل فرد مساعدات نقدية تصل إلى 23 ألف دولار، تشمل 5 آلاف دولار مباشرة، وتغطية إيجارات لأربع سنوات، إضافة إلى مؤن لعام كامل. كما يُمنح المغادرون "رموزاً رقمية" تتيح لهم شراء شقق في ما يسمى "مدن ذكية"، أو تمويل حياة جديدة في دول أخرى.
وتشير الصحيفة إلى أن المستثمرين الأجانب سيكونون المستفيد الأول من هذه الخطة، حيث وُعدوا بعوائد مرتفعة دون الحاجة إلى تمويل حكومي أمريكي أو تبرعات دولية. أما الإدارة الأمنية للقطاع فستبقى في يد الاحتلال الإسرائيلي، مع إشراك "صندوق المساعدات الأمريكي" في تدريب الفلسطينيين تمهيداً لإدماجهم تدريجياً في قوات أمن محلية.
وتخلص الصحيفة إلى أن هذه الخطط، رغم تزيينها بشعارات مثل "غزة مزدهرة" و"إطار إقليمي إبراهيمـي"، إلا أنها تنطوي في جوهرها على مشروع تهجير واسع النطاق يهدد بتغيير البنية الديموغرافية للقطاع، وتحويل أزمته الإنسانية إلى فرصة استثمارية كبرى لصالح قوى إقليمية ودولية.