ملفات وتقارير

جمود جديد في مسار التفاوض بين دمشق و"قسد".. باريس خارج الحسابات

يحذر خبراء من أن استمرار الجمود التفاوضي قد ينعكس على الوضع الأمني والعسكري في شمال شرقي سوريا، حيث يترك فراغاً سياسياً يزيد من احتمالات التصعيد مع تركيا.. فيسبوك
يحذر خبراء من أن استمرار الجمود التفاوضي قد ينعكس على الوضع الأمني والعسكري في شمال شرقي سوريا، حيث يترك فراغاً سياسياً يزيد من احتمالات التصعيد مع تركيا.. فيسبوك
كشف سنحريب برصوم، عضو وفد التفاوض مع الحكومة السورية عن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والرئيس المشارك لحزب الاتحاد السرياني، أن المفاوضات بين الإدارة الذاتية وحكومة دمشق متوقفة بعد رفض الأخيرة عقد جولة جديدة كان من المقرر أن تُعقد في باريس، مؤكداً أن الخلافات الجوهرية لا تزال عالقة، وفي مقدمتها مستقبل مؤسسات الإدارة الذاتية المدنية والأمنية والعسكرية.

وأوضح برصوم، في تصريح لشبكة "رووداو" نقلته وسائل إعلام محلية، أن الجولات السابقة كشفت رغبة دمشق في حل جميع مؤسسات الإدارة الذاتية، معتبرة أن هذا هو التفسير العملي لفقرة "دمج المؤسسات" الواردة في اتفاقية 10 آذار.

وأضاف أن وفد الإدارة الذاتية لديه قراءة مختلفة لهذه الفقرة، تقوم على ربط المؤسسات المحلية في شمال شرقي سوريا بنظيراتها في دمشق من دون حلها، وهو ما يشكل ـ بحسبه ـ نقطة خلاف أساسية تعطل أي تقدم في المباحثات.

اتفاقية 10 آذار.. عقدة الخلاف الأساسية

وتعود جذور الخلاف الحالي إلى اتفاقية 10 آذار التي وُقّعت بين وفدي الحكومة السورية والإدارة الذاتية خلال جولات التفاوض السابقة، وتنص على مبدأ "دمج المؤسسات". وبينما تفسر دمشق هذا البند على أنه يعني حل كامل لمؤسسات الإدارة الذاتية المدنية والأمنية والعسكرية وضمها إلى مؤسسات الدولة المركزية، ترى الإدارة الذاتية أن المقصود هو الربط الإداري والفني بين المؤسسات في شمال شرقي سوريا ونظيراتها في دمشق مع الحفاظ على استقلاليتها المحلية.

هذا التباين في الفهم جعل الاتفاقية، التي كان يُنظر إليها كخطوة نحو التفاهم، تتحول إلى عقدة أساسية تعرقل أي تقدم في مسار المفاوضات، وتؤجل البحث في قضايا أعمق تتعلق بشكل الحكم ومستقبل اللامركزية في البلاد.

وأشار برصوم إلى أن رؤية الإدارة الذاتية تقوم على اللامركزية، بحيث تُنتخب مؤسسات محلية من أبناء المنطقة لتمثيل جميع المكونات وتعكس إرادة شعوبها، مؤكداً أن الوفد الكردي يسعى إلى إشراك مختلف الفاعلين في نقاشات مفتوحة، في إشارة إلى اللقاء الأخير الذي جمع وفد التفاوض مع منظمات المجتمع المدني في الحسكة.

وحول مصير الحوار مع دمشق، أوضح برصوم أن الحكومة السورية رفضت المشاركة في الجولة التي كان مقرراً عقدها في باريس، الأمر الذي أدى إلى تجميد المفاوضات بشكل كامل، مشيراً إلى أنه لم يتم تحديد موعد أو مكان جديدين لأي جولة لاحقة، وأن وفد الإدارة الذاتية بانتظار رد رسمي من دمشق بهذا الشأن.

ورغم تعثر المسار التفاوضي، شدد برصوم على أن الحل السياسي السلمي عبر الحوار يبقى الخيار الوحيد للوصول إلى تسوية شاملة، لافتاً إلى أن الإصرار على النهج الأمني أو العسكري لن يؤدي إلا إلى المزيد من التعقيد في المشهد السوري، خصوصاً في ظل التوازنات الدولية والإقليمية المعقدة في شمال شرقي البلاد.

ويأتي رفض دمشق عقد الجولة الجديدة في ظل حديث عن خشية النظام السوري من أن يؤدي أي اعتراف بمؤسسات الإدارة الذاتية إلى تكريس نموذج اللامركزية الذي قد يفتح الباب أمام مطالب مشابهة في مناطق أخرى من البلاد. بينما يوجد رأي يربط الموقف السوري بالضغوط الروسية الرامية إلى ضبط إيقاع المفاوضات بما يخدم أولويات موسكو في الملف السوري، فضلاً عن أن دمشق لا تزال تراهن على عامل الوقت بانتظار تغير موازين القوى داخلياً أو خارجياً.

ويحذر خبراء من أن استمرار الجمود التفاوضي قد ينعكس على الوضع الأمني والعسكري في شمال شرقي سوريا، حيث يترك فراغاً سياسياً يزيد من احتمالات التصعيد مع تركيا التي تواصل استهداف مواقع "قسد"، كما قد يفتح المجال أمام عودة نشاط خلايا تنظيم الدولة.

وفي الوقت ذاته، يضع هذا التوتر الإدارة الذاتية أمام تحديات صعبة في علاقتها مع التحالف الدولي الذي يشدد على ضرورة إيجاد تسوية سياسية تضمن الاستقرار ومنع الانزلاق نحو مواجهات أوسع.

اظهار أخبار متعلقة


التعليقات (0)